سنن شهر شوال

منذ 2023-04-23

إن من مزايا الإسلام وفضائله؛ أنه ينتقل بأهله المستمسكين به من فضيلة إلى ما هو أفضل منها، ومن جمال وكمال إلى ما هو أجمل وأكمل منه، ومن لذيذ حلو إلى ما هو ألذ منه وأحلى، فكل أوقات المسلم الصادق سرور

إن من مزايا الإسلام وفضائله؛ وكمالاته ومحاسنه اللاتي لا تعد ولا يمكن أن تحصى ولا تستقصى ولا تحد، أنه لا يزال ينتقل بأهله المستمسكين به من فضيلة إلى ما هو أفضل منها، ومن جمال وكمال إلى ما هو أجمل وأكمل منه، ومن لذيذ حلو إلى ما هو ألذ منه وأحلى، ومن طيب نفيس غال إلى ما هو أطيب وأنفس منه وأغلى، وهكذا دواليك، فكل أوقات المسلم الصادق سرور، وأفراح وحبور، بتنقله من مواسم العبادات إلى اللذة الروحية في أعياد الطاعات، فهم أبدًا {فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} وبما آتاهم ربهم فاكهون.

 

فقبل أن ينقضي شهر رمضان بفضائله الجمة ترى القرآن الكريم يناديهم أن أكملوا العدة، وقابلوا الشهر الذي يليه بالتكبير وتناديهم السنة الغراء عند بزوغ فجر أول يوم من شوال؛ بإخراج زكاة الفطر، وعند الشروق: بالخروج لصلاة العيد بالصحراء، وبصيام ست من شوال كي يفوزوا بجزيل جميل الفضل، ووافر العطاء والنوال أما التكبير فقد قال تعالى{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185] أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال «حق على الصائمين إذا نظروا شهر شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم» لأن الله يقول {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه كان يكبر: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه كان يكبر: الله أكبر كبيرا، الله أكبر كبيرا، الله أكبر ولله الحمد وأجل، الله أكبر على ما هدانا. وذكره الإمام الشوكاني في تفسيره.

 

وأما زكاة الفطر فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير: على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.

 

وروى أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث؛ وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.

 

وأما صلاة العيد في الصحراء فقد روى البخاري عن أم عطية قالت: أمرنا أن نخرج العواتق وذوات الخدور. وفي رواية: كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى تخرج البكر من خدرها، حتى تخرج الحيض فيكنّ خلف الناس فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم؛ يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته. وروى البخاري أيضا عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يغدو إلى المصلى والعنزة بين يديه تخمل وتنصب بالمصلى بين يديه فيصلي إليها. فسنته صلى الله عليه وسلم خروج الرجال والنساء والصبيان جميعًا لصلاة العيدين بالصحراء. وفقنا الله لذلك.

 

واعلم أن من البدع المستهجنة:

ترك الكثير من الناس لصلاة العيد بسبب خروجهم إلى المقابر، مع أنه ليس من الشريعة في شيء، لأنه لم يرد التوقيت لزيارة القبور؛ وأشنع من ذلك خروج نسائهم معهم، وقد ورد في الحديث لعن زائرات القبور.

 

صوم شوال

روى الإمام أحمد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة كما في الجامع الصغير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من صام رمضان وستًا من شوال كان كصوم الدهر» وورد أنه صلى الله عليه وسلم قال «من صام رمضان وشوالا والأربعاء والخميس دخل الجنة» ذكره في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وفيه من لم يسم، وبقية رجاله ثقات.

 

سأل سائل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم الدهر فقال له «صم رمضان والذي يليه؛ وكل أربعاء وخميس، فإذًا أنت قد صمت الدهر» وصححه في الجامع وشرحه.

وقال صاحب كتاب أسباب ورود الحديث: أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي، وقال الترمذي غريب ولم يضعفه أبو داود. اهـ.

 

وروى ابن ماجه أن أسامة بن زيد كان يصوم أشهر الحرم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «صم شوالا» فترك أشهر الحرم ثم لم يزل يصوم شوالا حتى مات.

قال السندي في الحاشية: وفي الزوائد: إسناده صحيح إلا أنه منقطع ا هـ وصححه في الجامع وشرحه والله أعلم. ونسأل الله أن يوفقنا لما يرضيه.

______________________________________________________
الكاتب: محمد أحمد عبدالسلام

  • 0
  • 0
  • 1,072

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً