العزلة هي الفتنة!
أما حين يكون الاعتزال سببا لامتداد الفتنة، وظهور الفساد، فإنه يكون حينئذ سببا في امتدادها، وشريكا في فسادها، فكان من اعتزلها، كمن أشعلها، أو زاد أوارها، وأجج نارها، أو كمن فر من الصف، يوم الزحف.
شرعت العزلة عند وقوع الفتن والظلم، للنجاة من الإثم، فيفر المؤمن بنفسه وأهله منها، فلا تقربه، ولا يقربها، حيث يجد في الأرض مكانا لا سلطان لأحد فيه عليه، لا ينهاه ولا يأمره بما يخالف دينه الذي فر به إليه، كما في الصحيح (يوشك أن يكون خيرَ مال المسلم غنمٌ يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)!
وحيث يكون اعتزاله وأمثاله سببا لدرء الفتنة، أو تخفيف ضررها، أو حين لا يكون لحضورهم ورأيهم وصوتهم أثر في منعها، أو درء بعضها، أو حين يستوي فيها ثباتهم لها، وفرارهم منها، أو حين يكون طرفاها في الفتنة والعداء لهم ولدينهم سواء!
أما حين يكون اعتزاله نفسه سببا لامتداد الفتنة، وظهور الفساد في الأرض أكثر من ذي قبل، لتصل إليه حيث كان، وللمستضعفين، يد الطغيان، وقد كانوا منها قبل ذلك في مأمن وأمان، ليصبح هو وأهله، والمستضعفون مثله، أول ضحاياه، وأذل أسراها، فإنه يكون حينئذ سببا في امتدادها، وشريكا في فسادها، فكان من اعتزلها، كمن أشعلها، أو زاد أوارها، وأجج نارها، أو كمن فر من الصف، يوم الزحف، والمسلمون أحوج ما يكونون لسهمه أو رأيه أو صوته!
فلا هو غنم، ولا هو نجا وسلم، ولا برئ من الإثم، فباء بالسيئتين، وعار السوءتين: الفرار وسوء القرار!
- التصنيف: