دعاء الذهاب إلى المسجد
أذَّن المؤذن لصلاة الفجر، خرَج النبي للصلاة وهو يقول: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي لِسَانِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا»
- التصنيفات: الذكر والدعاء -
رَوَى الإِمامُ مُسْلمٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّهُ رَقَدَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَاسْتَيْقَظَ فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأَ وَهُوَ يَقُولُ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]، فَقَرَأَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ سِتَّ رَكَعَاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ يَسْتَاكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيَقْرَأُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ، ثُمَّ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ، فَأَذَّنَ المؤَذِّنُ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا، وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا، اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا»[1].
معاني الكلمات:
رقد: أي نام.
(لَآيَاتٍ): أي دلائل واضحة على وجود الله تعالى، وقدرته، وعلمه، وحكمته، ورحمته.
(لِأُولِي الْأَلْبَابِ): أي أصحاب العقول التي تُدرك بها الأشياء وتُفْهم بها الأدلة.
فَقَرَأَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ: أي آخر سورة آل عمران.
نَفَخَ: أي أخرج من فمه الهواء.
فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ: أي صلاة الفجر.
أوتر: أي صلى الوتر.
بثلاث: أي بثلاث ركعات.
المعنى العام:
نام عبدالله بن عباس رضي الله عنهما عند خالته ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فتسوَّك وتوضَّأ وضوءَه للصلاة، وهو يقرأ قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}، إلى آخر سورة آل عمران، ثم قام صلى الله عليه وسلم، فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف صلى الله عليه وسلم، فنام حتى أخرج هواءً من فمِه الشـريفِ صلى الله عليه وسلم، وفعل هذا ثلاث مرات؛ فصلى حينئذ ستَّ ركعات، في كل هذا يتسوَّك ويتوضَّأ، ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم صلَّى صلى الله عليه وسلم الوتر بثلاث ركعات، فلما أذَّن المؤذن لصلاة الفجر، خرَج النبي للصلاة وهو يقول: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا»: أي ما يتبيَّن به الشـيء ويظهر، «وَفِي لِسَانِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا، وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا وَمِنْ أَمَامِي نُورًا، وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا، وَمِنْ تَحْتِي نُورًا اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا»: أي أعطني نورًا مع كل المذكورات حتى أَسير على بصيرة.
فائدة: أي الأوضاع أفضل للمصلي: إطالة القيام، أو إطالة الركوع، أو إطالة السجود[2]؟
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أربعة أقوال، والراجح أن الأفضل حسب حال المصلي، فإن وجد المصلي أنه يخشع في السجود أكثرَ، أطال السجود، وإن وجد أن يخشع في الركوع أكثر، أطال الركوع، وهكذا... وهذا اختيار شيخنا حفظه الله.
الفوائد المستنبطة من الحديث:
1- من نام من سائر البشر حتى نفخ، انتقَض وضوؤه، فلا يجوز له أن يصلي حتى يتوضَّأ.
2- استحباب قراءة خواتيم سورة آل عمران عند الاستيقاظ من نوم الليل.
3- استحباب السواك عند الاستيقاظ من النوم.
4- استحباب الدُّعَاء بهذا الذِّكْر عند الخروج لصلاة الفجر.
5- استحباب التنفُّل باثنتي عشر ركعة كقيام ليل.
6- استحباب الصلاة في ثلث الليل الآخر.
7- جواز نوم الولد الصغير عند خالته.
[1] صحيح: رواه مسلم (763 / 191) بهذا اللفظ، والحديث متفق عليه: البخاري في مواضع منها (117 ، 6316)، ومسلم (763).
[2] انظر: فتح الباري (2/19).
_________________________________________________
الكاتب: د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني