افرح لهم تكن منهم!

منذ 2023-05-27

جعل الله فرح المؤمنين واحدا وحزنهم واحدا فقال {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله} لأن ولايتهم وعصبيتهم وحميتهم واحدة {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}..

جعل الله فرح المؤمنين واحدا وحزنهم واحدا فقال {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله} لأن ولايتهم وعصبيتهم وحميتهم واحدة {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}..
‏وكذلك أخوتهم في الله واحدة {إنما المؤمنون إخوة} وليس هذا أمرا لهم بأن يكونوا إخوة! بل إخبار عنهم بأنهم كذلك، فلا يكونون بالإيمان إلا إخوة، وذلك أن الله جعل الإيمان نفسه رحما بينهم، وروحا منه تؤلف قلوبهم، بها يتعاطفون، ولأجلها يتراحمون، بلا تكلف منهم، كما يتعاطف أبناء الأب الواحد بالفطرة والطبيعة، وهي آية من آيات الله فيهم {لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم}، ولهذا قال ﷺ: «مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»..


‏فكما أن أعضاء الجسد لا تتكلف هذا التداعي للعضو المريض بالسهر والحمى؛ كذلك لا يتكلف المؤمنون هذا التداعي والتعاطف بينهم، بل يجدون أنفسهم مضطرين إليه اضطرارا لا يستطيعون دفعه عن أنفسهم، فيفرح المسلم لفرح عامة المسلمين في أي بلد، ويحزن لحزنهم، وذلك لأن أخوة الإيمان أشد أثرا وأعظم خطرا من أخوة الدم!


‏وإنما يفقد هذا الإحساس في الأمة طائفتان انفصمت عُرى الأخوة بينهم وبينها لاختلال مفهوم الإيمان عند هاتين الطائفتين:

‏الطائفة الأولى: المنافقون وذلك أنهم ليسوا من المسلمين في الحقيقة لانعدام الإيمان أصلا، فانعدمت الأخوة التي هي ثمرته تبعا، وإن تظاهروا بالإسلام نفاقا {ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم}..
‏وكل من تولى أعداء الأمة فليس منها: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} ولهذا لا يفرح المنافقون أبدا لفرح المسلمين، ولا يحزنون لحزنهم، ولا يجاهدون معهم، بل على العكس   {إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها}!

‏والطائفة الثانية: الخارجون على الأمة وجماعتها وما عليه أكثرها وعامتها، سواء خرجوا عليها بسيف، أو فارقوها برأي، عصبية لأفكارهم وجماعاتهم، أو طوائفهم، أو قبائلهم، أو أحزابهم، أو دولهم، وملوكهم، أو شيوخهم، كما قال ﷺ: «ومن ادعى دعوى الجاهلية فإنه من جثى جهنم» ، فقال رجل: يا رسول الله وإن صلى وصام؟ فقال: «وإن صلى وصام، فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين، عباد الله»
‏وقال ﷺ: «من خرج على أمتي .. فليس مني»، وقال: «الزم جماعة المسلمين»..

‏وإنما الخروج على الأمة هو الخروج على جماعتها وأكثرها، وهم السواد الأعظم منها، وعامتها، كما قال عمر بن العزيز: (إذا رأيت قوما يتناجون في دينهم بشيء دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة)!

‏وهذا السر الذي يحول بين كثير من الجماعات ومشاركة الأمة وشعوبها فرحها حين تفرح، وحزنها حين تحزن، وجهادها حين تجاهد، حيث يرى أتباعها بأن جماعاتهم هي الجماعة الأم، وليس الأمة وشعوبها، أو يرونها الفرقة الناجية، أو الحزب الحق، فلا يفرحون إلا حين تظفر الجماعة والحزب، ولا يحزنون إلا حين تُنكب الجماعة والحزب، ولا يجاهدون إلا حين تجاهد جماعاتهم، فإن وافق ذلك فرح الأمة وشعوبها وجهادها فهو بالتبع لفرح جماعاتهم وجهادها، ولولاه لما فرحوا ولا جاهدوا! 


‏وإنما هي أوهام استجرهم الشيطان بها، فأقام لهم من جماعاتهم وأحزابهم وفصائلهم أمة من دون الأمة، وسبيلا دون سبيلها، فهم خارجون عليها، مفارقون لجماعتها، من حيث يظنون أنهم منها وفي طليعتها: {أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء}!

حاكم المطيري

أستاذا مساعد بقسم التفسير والحديث في كلية الشريعة بجامعة الكويت

  • 1
  • 0
  • 1,382
  • مسعود الأنصاري

      منذ
    في سبيل الأوطان • جاء في السنة المطهرة ضمن صور القتال الباطلة: (الرجل يقاتل شجاعة) أي أن طبعه مجبول على الشجاعة فهو يقاتل بها وتغلب عليه، (ويقاتل حميّة) يعني عن قومه ووطنه كما هو حال أغلب قتال "حركات التحرر" اليوم، ومع ذلك لم تكن الشجاعة وحدها كافية لتصحيح النية وتزكية القتال أو المقاتل، ما لم يكن في سبيل الله تعالى، نصرة للشريعة ومراغمة لأعدائها. وبالتالي، فالشجاعة بغير توحيد لا تنفع صاحبها سوى في الدنيا، كقولهم: إن فلانا شجاع، وقد قيل! أما في الآخرة فلا اعتبار للشجاعة بدون توحيد صاف وعقيدة سليمة توافق اعتقاد أهل السنة والجماعة الذين ليس منهم بالقطع "الإمام الخميني!" ولا "سورية الأسد!" ولا  "حزب الشيطان" الذي يمثل الشطر الأهم من جند الشام! " بحسب تعبير "جيفارا العرب". وقد جاء في حديث آخر أورده الإمام البخاري في باب: (إذا بقي حثالة من الناس)، يصف فيه حال آخر الزمان حين تختل موازين الناس، فيتمادحون ويتفاخرون بكل شيء إلا الإيمان، (ويقال للرجل: ما أعقله وما أظرفه وما أجلده، وما في قلبه مثقال حبّة خردل من إيمان!) ، أي يكون الرجل فطنا، فصيحا، وقويا شجاعا وليس في قلبه أدنى درجات الإيمان. • مقتبس صحيفة النبأ العدد 446
  • مسعود الأنصاري

      منذ
    لله لا للوطن "٢" • بعضُ مفاسدِ دينِ الوطنيّة: أولا: الوطنية شركٌ بالله تعالى: الوطنية دينٌ باطلٌ، ومنهجٌ جاهليٌّ يدعو لاتخاذ الوطن وثناً وطاغوتاً يُعبد من دون الله، فهي تُلزم الناس بالعمل لها وحدها، والتضحية والقتال في سبيلها، وصرف البغض والبراء لكل خارج عن حدود أرضها وإن كانوا أولياء لله، وصرف الحبّ والولاء لكل داخل في حدودها وإنْ كانوا من أعظم الناس كفراً وأغلظهم شركاً؛ وهي بهذا تكون نداً معبوداً من دون الله، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: ١٦٥]. ثانياً: الوطنية تنقضُ عقيدةَ الولاء والبراء: ذلك أنَّ أصل الولاء والبراء في الإسلام قائمٌ على المفاصلة والمفارقة بين المسلمين وغيرهم على أساس الدّين، كما قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: ٥٥]، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ} [المائدة: ٥٧]، أما الوطنيّون فالموالاة عندهم قائمة على أساس الانتماء للأرض التي تحيطها حدود الوطن، وهذا يلزم منه إزالة الفوارق التي وضعها اللهُ سبباً شرعياً للمفاصلة مع الكفار، وتلك مصادمة صريحة لنصوص الشّرع الصّحيحة، قال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١٣٨-١٣٩]. ثالثاً: الوطنية تعطّلُ أحكام الديار والهجرة: ذلك أنّ جَعْلَ الرابط الوطنيّ مهيمناً على رابط الدّين يَلزم منه اختلاط الأحكام على الناس، فمن الأمور المستقرّة في الشريعة أنَّ دار الكفر التي تعلوها أحكام الكفر تختلف عن دار الإسلام التي تعلوها أحكام الإسلام وتُحكم بما أنزل الله، ولكلٍ منهما أحكامها التي تميّزها، ومن هذه الأحكام وجوب الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، أما في دين الوطنية فلا مجال للكلام عن هذه المسائل البتّة، لأنَّ المواطن يلزم الوطن، بل ويدافع عنه وإن كان ذلك الوطن دارَ كفر وردّة وحرابة. رابعاً: الوطنيّة تلغي التمايز بين المسلمين والكفّار: فتخلط بذلك بين مسمّى الإيمان ومسمّى الكفر؛ لأنَّ جَعْلَ الانتماء للأرض أساساً لمعاملة الناس يُزيل حتماً الفوارق المبنية على أساس الدّين، والتي جعلها الله السّبب الشّرعي للتّمييز بين النّاس في الدّنيا والآخرة، فالوطنيّة تجعل الناس مؤمنَهم وكافرَهم، برّهم وفاجرهم في مرتبة واحدة، وهذا تكذيبٌ صريحٌ لنصوص الدّين القطعية، التي منها: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: ٣٥-٣٦]، ومنها: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: ٢٨]. • مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 5 مقال: "لله لا للوطن" السنة السابعة - السبت 2 صفر 1437 هـ
  • مسعود الأنصاري

      منذ
    لله لا للوطن "١" • إنَّ المرءَ مجبولٌ على حبِّ الديار التي وُلد أو عاش فيها، فهذه محبّة فِطريّة لا يجحدُها إلا من انحرفتْ فطرتُه، ومثلُ هذا الحبِّ، كباقي أنواع المحابِّ الفطرية التي جُبل الإنسان عليها، ليس بمحظور ولا مكروه، لكنْ بشرط أن لا تتجاوز المحابُّ حدَّها، ولا تتعارض مع ما أمر الله به ونهى، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: ٢٤]، فمحبّة الإنسان للنفس والأهل والعشيرة والمال والموطن محبّة طبيعية لم يحرّمها الشّرع ما لم تتجاوز حدّها، ومجاوزة الحدّ هنا هو تقديم هذه المحابّ على محبّة الله ورسوله والجهاد في سبيله، ومن أشكال المجاوزة في حبّ البلاد ضلالة "الوطنية" الخبيثة التي انتشرت بين أبناء الإسلام. • الوطنيّة بنتُ القوميّة: القوميّة لغةً من (القوم)، وقومُ الرجل: شيعتُه وعشيرتُه، أما القوميّة اصطلاحاً فهي رابطة للمجتمع تربط بين مجموعة من البشر يشتركون بخصائص وصفات مشتركة، كاللغة أو اللون أو العرق أو التاريخ... إلخ. فالقوميّة من المناهج الجاهليّة المنحرفة التي غزت ديار الإسلام، حيث كانت نابتةُ القوميّة من أُولى معاول الهدم التي دكّت أسس العقيدة الإسلامية، وجعلت من الانتماء للقوميّة -العربيّة أو الخليجيّة أو الإفريقيّة أو التركيّة... أو غيرها- أساساً للاجتماع والولاء والنّصرة! ومن رَحِم هذه "القوميّة" الخبيثة وُلدتْ "الوطنية" المقيتة، فمبدؤهما واحد وحكمُهما واحد. • حُكْمُ الوطنيّة في الإسلام: بحسب ما عُرضَ آنفاً مِنْ أنَّ الوطنيّة تعني ترك عقيدة الولاء والبراء الإسلاميّة وإحلال عقيدة الولاء والبراء الوطنيّة؛ فإنَّ الوطنية كفرٌ أكبرُ مخرجٌ من الملّة، وكلُّ مَن اعتنقها أو دعا لها أو عمل لأجلها فهو مرتدٌّ عن دين الإسلام، والنقطة التالية ستبيّن جانباً من ذلك. • بعضُ مفاسدِ دينِ الوطنيّة: أولا: الوطنية شركٌ بالله تعالى: الوطنية دينٌ باطلٌ، ومنهجٌ جاهليٌّ يدعو لاتخاذ الوطن وثناً وطاغوتاً يُعبد من دون الله، فهي تُلزم الناس بالعمل لها وحدها، والتضحية والقتال في سبيلها، وصرف البغض والبراء لكل خارج عن حدود أرضها وإن كانوا أولياء لله، وصرف الحبّ والولاء لكل داخل في حدودها وإنْ كانوا من أعظم الناس كفراً وأغلظهم شركاً؛ وهي بهذا تكون نداً معبوداً من دون الله، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: ١٦٥]. ثانياً: الوطنية تنقضُ عقيدةَ الولاء والبراء: ذلك أنَّ أصل الولاء والبراء في الإسلام قائمٌ على المفاصلة والمفارقة بين المسلمين وغيرهم على أساس الدّين، كما قال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: ٥٥]، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ} [المائدة: ٥٧]، أما الوطنيّون فالموالاة عندهم قائمة على أساس الانتماء للأرض التي تحيطها حدود الوطن، وهذا يلزم منه إزالة الفوارق التي وضعها اللهُ سبباً شرعياً للمفاصلة مع الكفار، وتلك مصادمة صريحة لنصوص الشّرع الصّحيحة، قال تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١٣٨-١٣٩]. • مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 5 مقال: "لله لا للوطن" السنة السابعة - السبت 2 صفر 1437 هـ
  • مسعود الأنصاري

      منذ
    الشيخ أبو محمد العدناني تقبله الله في كلمة لن يضروكم إلا أذى: * إن مشروعنا هذا يقابله مشروعان: الأول: مشروع دولة مدنية ديمقراطية، مشروعٌ علماني تدعمه جميع ملل الكفر قاطبة على تضارب مصالحها واختلاف مناهجها، ليس حُبّاً بأهل العراق ولا رأفةً بأهل الشام؛ وإنما خوفاً من إعادة سلطان الله إلى أرضه وإقامة الخلافة الإسلامية، الأمر الخطير الذي لا يمكن السكوت عنه. ونقول لأهل هذا المشروع (مشروع الدولة المدنية): لقد فُضحتم في مصر وبانت سوآتكم؛ فقد سقط الصنمان: الديمقراطية والمفلسون الإخوان، ولتعلموا أن بينكم وبين دولة لا تحكم بشرع الله في الشام بحارٌ من الدماء وجبالٌ من الجماجم والأشلاء. ولن تحلموا بأمن ولا أمان، وإنا لكم -إن شاء الله- بالمرصاد حتى يحكم الله بيننا؛ فإما أن ينعم المسلمون في العراق والشام بعدل الشريعة ورحمة الإسلام، وإما أن نُباد عن بكرتنا، وهيهات هيهات! وأما المشروع الثاني، فمشروع دولة محلية وطنية تُسمى: (إسلامية). تدعمها أموال وفتاوى علماء آل سلول وحكومات الخليج، وتهندسُ مشروعَها المخابراتُ. ولا ضير أن تكون حكومتها طويلة اللحى قصيرة الثوب، حكومةٌ تسالم اليهود وتحمي الحدود، فتباركها هيئة الأمم، وتحظى بمقعد في مجلس الأمن، وإن أهل هذا المشروع ضرب الخوفُ من أمريكا والغرب قلوبَهم إلا مَن رحم الله، فامتلأت رعباً من طائراتهم ودباباتهم وأسلحة دمارهم، فراحوا يمدون لأمريكا جسور الصداقة، ويصلون مع الغرب حبال المودة؛ بحجة المصالح والمفاسد، وَزَعْمِ أنهم أدهى من شياطين أمريكا وأذكى من مخابرات الغرب! حتى غدت خشيتهم منهم كخشية الله أو أشد خشية، وانقطع في قلوبهم الرجاء من الله، وتوجهُ لحلف النيتو ومجلس الأمن. إن هذا المشروع ظاهرُه: إسلامي، وحقيقته: مشروع دولة وطنية، تخضع للطواغيت في الغرب وتتبع لهم في الشرق، يهدف لحرف مسار الجهاد وتوجيه ضربة له في الصميم. ولقد تورط في هذا المشروع فصائل تسعى لإقامة دولة إسلامية، إلا أن قادتها انحرفوا عن منهج النبي ﷺ في الجهاد، فَغَدوا يقدمون التنازلات باسم السياسة والكياسة، ويرضون بأنصاف الحلول، ويلتمسون وجود الحق برخصة الباطل، ولهؤلاء نقول: اتقوا الله، واقطعوا علاقاتكم مع مخابرات وحكومات الغرب والشرق، فإن تزعموا أن الصليبيين أو الحكومات المرتدة تُعين المسلمين وتود لهم الخير والنفع: فقد قال الله تعالى: {مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:105]، وقال تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]، وقال تعالى: {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا} [النساء:101]. قال العلامة الفحل أبو محمد ابن حزم -رحمه الله- في محلاَّه: "فإن علم المسلم واحداً كان أو جماعة، أن من استنصر به من أهل الحرب، أو الذمة يؤذون مسلماً، أو ذمّيّاً فيما لا يحل، فحرام عليه أن يستعين بهما، وإن هلك، لكن يصبر لأمر الله تعالى، وإن تلفت نفسه وأهله وماله، أو يقاتل حتى يموت شهيداً كريماً، فالموت لا بد منه، ولا يتعدى أحد أجله " انتهى كلامه رحمه الله. ولئن تظنوا أنكم أدهى من شياطين أمريكا وأذكى من مخابرات الشرق والغرب؛ فاعتبروا بأشياعكم في العراق، وقد كانوا أدهى منكم وأشد بأساً. لقد جربوا مشروعكم الفاشل، وسلكوا طريقكم المسدود، ولقد دعمهم آل سلول وغيرهم من حكومات الخليج أكثر مما يدعمونكم، وبكل ما أوتوا من مال وإعلام وفتاوى، فأين آل مصيرهم؟! وكيف أضحت جماعاتهم وفصائلهم؟! لقد تشتتت وتبددت، وكان مصيرهم إلى فئات ثلاث: 1) فئة وقعوا في شِراك المخابرات؛ فارتدوا وقاتلوا المجاهدين في خندق واحد مع الروافض والصليبيين. 2) وفئة وقعوا في حبال الشيطان؛ فتركوا الجهاد وراحوا يلهثون خلف الدنيا. 3) وأما الفئة الثالثة وهي الأكبر: فقد التحقوا بمشروع الدولة الإسلامية. فتفكروا واتعظوا، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}.

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً