الإسلام وحماية الأطفال من الانحراف إلى العدوان
الإسلام دين السلام والمحبة والإخاء، وهو يرفض العدوان بجميع صوره، والقرآن الكريم كتاب الله المنزل على رسوله يحذر من العدوان
- التصنيفات: تربية الأبناء في الإسلام - مجتمع وإصلاح -
موقف الإسلام من العدوان بشكل عام:
الإسلام دين السلام والمحبة والإخاء، وهو يرفض العدوان بجميع صوره، والقرآن الكريم كتاب الله المنزل على رسوله يحذر من العدوان، حيث يقول المولى عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلاَئِدَ وَلاَ آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2]، ويقول سبحانه: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190].
ورغم أن الإسلام قد أباح الرد على العدوان بمثله، حيث يقول جل وعلا: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] - فإن الآيات التي تحض على العفو ورَدَتْ في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، حيث يقول المولى عز وجل: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237]، ويقول تعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التغابن: 14]، ويقول سبحانه: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران: 134].
ويزخر الحديث الشريف بالأحاديث التي تُحرِّم العدوان على النفس أو المال أو العِرْض، فقد جاء في خطبة الوداع للرسول - صلى الله عليه وسلم - قوله: «أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم».
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الشارب وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن»؛ (رواه البخاري).
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا قط بيده، ولا امرأة ولا خادمًا؛ إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه؛ إلاَّ أن ينتهك شيء من مَحارِم الله، فينتقم لله عز وجل"؛ رواه مسلم.
وقد نبَّه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى نبذ الحسد والبغضاء، والتدابر والتناجُش، والخذلان والتحقير، والتنافس غير الشريف في عمليات البيع والشراء، مما يمكن أن نطلق عليه بلغة علم النفس الحديث "المشاعر العدوانية أو العدائية"، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يَبِعْ بعضكم على بيع بعض، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقِرُه، التَّقوَى ههنا (ويشير إلى صدره ثلاث مرات)، بحسْبِ امرئ من الشر أن يحقِرَ أخاه المسلم، كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمُه، ومالُه، وعِرْضُه»؛ (رواه مسلم).
ويجمع حديث أبي هريرة نماذج من العدوان، تتمثل من الشتم والقذف، وأكل مال الغير، وسفك دماء الآخرين، حيث يدمغها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنها الإفلاس أمام الله تعالى يوم القيامة، وضياع كل ما قدم المرء من صلاة وصيام وزكاة؛ بل ويُكال عليه من خطايا مَن وقع عليهم عدوانه، حتى يطرح في النار، حيث يروي أبو هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتدرون ما المفلس» ؟))، قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس مِن أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا؛ فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه؛ أخذ من خطاياهم فطُرِحَت عليه، ثم طرِح في النار»؛ (رواه مسلم).
ولما كانت تلك الآيات الكريمة وهذه الأحاديث الشريفة تحدد في وضوح إطار القيم الإسلامية التي تحكم المجتمع المسلم - فإنها ولا شك ترسم النهج التربوي السليم، الذي يحرص الآباء والمعلمون والمربون في المجتمع المسلم على تربية الناشئة عليه، حفاظًا على كيان ذلك المجتمع، وحرصًا على بقائه واستمراره؛ لأن البقاء الحقيقي للإسلام ليس بقاء الأفراد، وإنما هو بقاء القيم والمبادئ والأحكام التي يقرها الدين.
فالعدوان من الكبار أمر منهي عنه، ويقود المعتدي إلى النار، لذلك فإن المسلم البالغ الراشد لا يعتدي؛ لأنه يستمع إلى تعاليم دينه ويعمل بها، وهو من باب أولى أن ينقلها كذلك إلى أبنائه وأحفاده وإخوته، ومن يلي أمرهم، فيربيهم عليها، وهو في ذات الوقت يدعو إلى قيم العفو والتسامح والحب ويدعمها.
والصغير الناشئ في المجتمع المسلم يحفظ القرآن، ويعلَّم الأحاديث، ويلقَّن من الأبوين باستمرار الدعوة إلى التسامح وحب الآخرين، والتغاضي عن هفواتهم، وتقديم العون والمساعدة إليهم؛ بل والعمل على تعليمهم الحب، وإرشادهم إلى الخير، وهو يردد منذ صغره آيات تدعو إلى سمو الخلق، وتمني الخير للآخرين: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: 1 - 5].
ويردد كذلك أحاديث شريفة؛ مثل: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»؛ (رواه البخاري ومسلم).
ومثل: «مَثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»؛ رواه مسلم.
وللإسلام منهاج واضح في تعليم الناشئ مراعاة حقوق الوالدين واحترامها، ينشأ عليه الناشئ فيعرف أن عليه واجبات يفرضها الدين نحو الآخرين، باحترام حقوقهم، وعدم التجرؤ على العدوان على تلك الحقوق، وهو يبدأ بتفصيل حقوق الأبوين، ثم حقوق الأرحام، وحقوق الجيران، وحق الرفقة الصالحة في الجليس الصالح والصديق الصادق، روى أبو داود والترمذي عن الرسول - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: «لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقي».
وروى ابن عساكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: «إياك وقرينَ السوء؛ فإنك به تُعرَف».
وروى الترمذي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يأخذ أحدكم متاع أخيه لاعبًا ولا جادًّا».
وهكذا ينهى الحديث عن العدوان، ولو من باب المزاح.
وواجب الأسرة المسلمة أن تنشئ صغيرها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد روى مسلم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».
الإسلام وحماية الأطفال من الانحراف إلى العدوان:
إذا كان العلم الحديث قد توصل إلى أن العديد من أنماط السلوك العدواني الذي يصدر عن الأطفال - يرجع في منشئة إلى افتقاد الناشئ للرعاية الأسرية الحانية، والعلاقات الوالديَّة المستقرة، ووقوع الشجار المستمر بين الأبوين، وفقدان الاحترام المتبادل بينهما؛ مما يسمح للصغار بامتصاص وتقليد الكثير من المشاعر العدوانية التي تطغى على العلاقة بين الأبوين، وتنتقل بطريقة عفوية إلى الصغار، فيقلدونها بالشجار المستمر، والمنازعة والمشاكسة والعدوان بصوره المختلفة فيما بينهم، فإن الإسلام قد كرس قدرًا كبيرًا من عنايته إلى أهمية العلاقات الطيبة بين الزوجين؛ ليجد كل منهما في الآخر سكنه النفسي، وسعادته الزوجية؛ ليتوفر من وراء ذلك الجو الصالح لتربية الأبناء، قال تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لاَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]، لذلك أوصى الله عز وجل في كتابه الحكيم الأزواجَ بحسن العشرة حين قال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].
وإذا كان العدوان من وجهة نظر علم النفس يرجع في حالات كثيرة منه إلى (الإحباط)، الذي يعانية الناشئ نتيجة لحرمانه من تحقيق حاجاته الجسمية والنفسية - فإن الإسلام ينبه الآباء إلى أن الأبناء ثروة ليس مثلها ثروة، يقول تعالى في كتابه العزيز: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف: 46].
ويذكِّر في أكثر من موضع بقيمة الأبناء، حيث يقول تعالى: {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} [الإسراء: 6].
ويوصي الإسلام الآباء بالرحمة والمحبة للأبناء، وبالعدل بينهم، فقد روى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتُقبِّلون صبيانكم فما نُقبِّلهم؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَوَأملِك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة»؟!.
وقد يُؤثِر الأب أو الأم ولدَه على نفسه رغم شدة حاجته إلى ما يؤثر به، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك قوله: "جاءت امرأة إلى عائشة - رضي الله عنها - فأعطتها عائشة ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي لها تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيان التمرتين ونظرا إلى أمهما، فعمدت الأم إلى التمرة فشقتها، فأعطت كل صبي نصف تمرة، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته عائشة"، فقال: «وما يعجبكِ من ذلك؟ لقد رحمها الله برحمة صبييها».
وعن العدل بين الأبناء - حتى لا يستثار الحقد أو الضغينة أو العدوان بينهم، نتيجة للتفرقة في المعاملة - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اعدلوا بين أبنائكم» (وكررها ثلاثًا).
وعن موقف الإسلام بعامة ممن يرتكب الخطأ عن جهل وعدم دراية – وهذا هو حال الأطفال في غالب الأمر فيما يرتكبون من أخطاء – نجد الرسول الكريم يعطي المثل الطيب في الرفق، والأناة في التوجيه دون غضب أو انفعال في أكثر من موقف، ومن ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "بال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «دعوه، وأريقوا على بوله سَجلاً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين»، وروى مسلم عن جرير بن عبدالله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من يُحرَم الرفق يحرم الخير كله».
والإسلام يعتبر النبذ، والتنابز باللسان، وتحقير الغير، والشماتة بالآخرين - سلوكًا عدوانيًّا ينبغي الابتعاد عنه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11].
والرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تظهر الشماتة بأخيك، فيرحمه الله ويبتليك»؛ (رواه الترمذي).
ونهى الإسلام عن الحسد باعتباره عدوانًا مضمرًا، ومظهرًا من مظاهر العدوانية، روى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب».
وإذا كان انفعال الغضب هو الطاقة المحركة لكل سلوك عدواني، فإن الإسلام يحث على كظم الغيظ، وتحويل الغضب إلى مسار آخر، وقال تعالى يمتدح الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].
وقال جل شأنه: {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
وقال تعالى: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: 37].
وأخرج البخاري أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "أوصني"، قال: «لا تغضب»، فردَّدَ مرارًا، قال: «لا تغضب».
ويمتدح الحديث الشريف من يملك نفسه عند الغضب، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما تعدون الصرعة فيكم»؟، قالوا: "الذي لا تصرعه الرجال"، قال: «ليس بذلك؛ ولكنه الذي يملك نفسه عند الغضب».
والمنهج النبوي في تسكين الغضب يقوم على:
تغيير الهيئة التي يكون عليها الإنسان:
روى الإمام أحمد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب؛ وإلا فليضطجع».
اللجوء إلى الوضوء:
أخرج أبو داود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: «الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلِق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ».
السكوت:
روى الإمام أحمد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا غضب أحدكم فليسكت».
العوذ بالله من الشيطان الرجيم:
جاء في الصحيحين أنه استب رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحدهما يسبه صاحبه مغضبًا قد احمر وجهه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».
وحتى لا تتجه الطاقة الجسدية النشطة للناشئ إلى التخريب والعدوان؛ فإن الإسلام يوجه الآباء والمربين إلى حث استثمار الطاقة البدنية للناشئة في الرياضة البدنية وألعاب القوى، وردَ في الحديث الشريف الذي رواه مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف»، وعن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ارموا واركبوا، وأن ترموا خير من أن تركبوا».
وروى أحمد وأبو داود عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سابقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسبقته، فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم، سابقني فسبقني، فقال: «هذه بتلك».
وكتب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إلى الولاة يقول: "علموا أولادكم الرماية والسباحة، ومروهم فليثبوا على ظهور الخيل وثبًا".
وروى أبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صارع "رُكَانةَ"، فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من مرَّة.
وأذِن النبي - صلى الله عليه وسلم - للحبشة أن يلعبوا بحرابهم في مسجده الشريف، وأذِن لزوجته عائشة - رضي الله عنها - أن تنظر إليهم.
كذلك أحل الإسلام الصيد، قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: 96]، ويكون الصيد بالآلات؛ كالسهم والرمح، كما يكون بالحيوان المعلم من الجوارح؛ كالكلب والصقر، وكلها رياضات تعتبر تنفيسًا عن الطاقة الجسمية، وعن المشاعر العدائية المكبوتة بطريقة مقبولة اجتماعيًّا ودينيًّا، بما يتيح الفرص للتمتع بالصحة النفسية السليمة بين الناشئة.
_________________________________________________________
الكاتب: محمد الهمشري - وفاء عبدالجواد
المصدر: كتاب "عدوان الأطفال"
الكاتب: محمد الهمشري - وفاء عبدالجواد
المصدر: كتاب "عدوان الأطفال"