كيف تعاملت سنغافورة مع الاحتقان الطائفي؟؟؟
محمد نصر
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
كيف تعاملت سنغافورة مع الاحتقان الطائفي؟؟؟
لا شك أن مصر تواجه أزمة احتقان طائفي مع الطائفة الأرثوذكسية سبق أن ناقشنا أسبابها و شرحنا كيف يمكن التعامل معها على المستوى الشعبي في مقال "دراسة لأسباب الاحتقان الطائفي مصر".
ولكن الآن وقد رجعت مصر إلى أهلها أو أوشكت، يجب علينا أن نفكر في دراسة كيف قامت حكومات دول أخرى بتجاوز مثل هذه المشكلات. لعلنا نجد حلا مناسبا لنا أو يمكن تعديله ليلائم طبيعة المجتمع.
وقد وجدت في تجربة سنغافورة بعض الفوائد ولذا أحب أن أطرحها، وأدعو كل من لديه اعتراض أو فكرة مختلفة أن يتقدم بها.
تواجه سنغافورة مشكلة أكبر بكثير من حيث التنوع السكاني حيث تتعدد فيها الطوائف بين مسلمين، هندوس، بوذيين، نصارى، و تاويين (معتقدات صينية). وقد أدى ذلك إلى بعض الصدامات والاحتقان الطائفي بطبيعة الحال.
ثم رأت الحكومة أن أفضل وسيلة لتخفيف هذا الاحتقان هو عدم السماح ببروز تكتلات سكانية لطائفة معينة، وأن يكون توزيع السكان في كل الأحياء متساو بين الطوائف. وللمزيد من التوضيح، افترض مثلا أن نسبة المسلمين هناك 20%، هذا يعني ضمنيا أن المسلم في سنغافورة لا يمكنه شراء شقة في هذا الحي إذا كانت نسبة المسلمين تزيد على 20%، وينبغي عليه الشراء في حي آخر ليقوم بموازنة التوزيع الطائفي، ونفس الأمر بالنسبة لباقي الديانات. وبذلك لا تتكون تلك التكتلات السكانية التي تشكل الوقود الأولي لأي مواجهة من مواجهات الاحتقان الطائفي.
ولو فكرت معي في أحداث مصر الأخيرة، وطرحت سؤال حول كون ماسبيرو مسرح المواجهات الدائم لمثل هذه التظاهرات، فالإجابة ببساطة لأنه قريب من شبرا حيث تقطن نسبة كبيرة من طائفة الأرثوذكس.
بالمناسبة، الاقتراح حقق نجاحا كبيرا واختفت تلك المواجهات الطائفية التي تشعل البلاد وتعطل الاقتصاد، وغير ذلك من المصائب الأخرى، ثم انطلقت سنغافورة في رحلتها الشهيرة من العالم الثالث إلى العالم الأول.
ولكن تبقى نقطة أن سنغافورة صغيرة الحجم، وهي أقرب إلى محافظة كبيرة من مصر الدولة، ولذلك فمن الممكن اعتبار التوزيع السكاني لكل محافظة، بدلا من التوزيع السكاني لمصر بأكملها، وبذلك يزيد التفاعل بين طوائف الشعب المختلفة مما يؤدي ضمنيا إلى اختفاء الاحتقان. فعندما يتعامل الأرثوذكسي مع المسلمين بشكل يومي سيكتشف أن كل ما يبث له من دعاوى الحقد هي محض افتراءات، وهو ما حدث مع مدام ناهد جارتنا التي تركت كنيسة شنودة وانضمت إلى كنيسة ماكسيموس، ولكن لذلك قصة أخرى.
فإلى لقاء قريب بإذن الله.