أولادنا وحب الصلاة
إن تربية الأولاد على صلاة الجماعة، والمحافظة عليها في المساجد وصحبتهم إليها، وتذكيرهم بالأجر المترتب عليها، من أكبر الطرق لتربية الأولاد على حب الصلاة
الصلاة عماد الدين، وفريضة رب العالمين، من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، لا يحافظ عليها إلا مؤمن، ولا يتهاون بها إلا متكاسل، ولعظيم أهمية الصلاة لم تسقط عن المريض بل رُخِّص له بالصلاة حسب حاله، قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إن أوَّلَ ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله: صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر» ؛ (رواه الترمذي).
يشتكي كثير من الآباء والأمهات من تهاوُن أولادهم في الصلاة وتضييعهم وتفريطهم لها، وهذا التفريط له أسباب؛ منها: إهمال الوالدين في تعليم وتربية أولادهم على حب الصلاة وهم صغار، وفي متابعتهم وتذكيرهم وهم كبار.
تقول أم حمد: توفي زوجي منذ 8 سنوات وأعيش وحيدةً مع ابني الذي بلغ من العمر14 عامًا ونصف العام، مشكلتي هي أن ابني لا يُصلِّي منذ عامين ولا يستمع إلى نصائحي المتعلقة بتصرفاته، استعملت كل الوسائل ولكنها دون جدوى، لم أتزوَّج من أجله وأحبه كثيرًا، وأريد أن يكون شابًّا صالحًا، هو لا يفعل أشياء خطيرة لكنه لا يصلي ويشاهد التلفاز كثيرًا ولا يحترمني، ماذا أفعل؟
أيها الأخوة وأيتها الأخوات حتى نبني في أولادنا قيمة حب الصلاة والمحافظة عليها علينا أن:
• نعلمهم ماذا كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه هَمٌّ أو تعب، كان يقول: «يا بلال، أقِم الصلاة أرِحْنا بها» ؛ (رواه أبو داود).
• نعلمهم أن الصلاة أعظم أركان الإسلام العملية، وأنها صلة بين العبد وربه، وهي من أحب الأعمال إلى الله، قال ابن مسعود رضي الله عنه: سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: «الصَّلاةُ علَى وقْتِها»، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: «ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ»، قالَ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: «الجِهادُ في سَبيلِ اللَّهِ»، قالَ: حدَّثَني بهِنَّ، ولَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزادَنِي"؛ (رواه البخاري).
• نذكرهم أنَّ أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت فقد أفلح، جاء في صحيح الترغيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ به العبدُ يومَ القيامةِ من عملِه صلاتُه، فإن صلحَتْ فقد أفلح وأنجح، وإن فسدَتْ فقد خاب وخسر، وإن انتقَص من فريضتِه؛ قال اللهُ تعالى: انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ يكمل به ما انتقص من الفريضةِ؟ ثم يكون سائرُ عملِه على ذلك».
أيها الأخوة وأيتها الأخوات، علينا أن نساعد أولادنا على النوم مبكرًا، ونحذرهم من ترك الصلاة أو التكاسُل عنها حتى يخرج وقتها، قال تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].
إن تربية الأولاد على صلاة الجماعة، والمحافظة عليها في المساجد وصحبتهم إليها، وتذكيرهم بالأجر المترتب عليها، من أكبر الطرق لتربية الأولاد على حب الصلاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلاةُ الجَمَاعَة أَفضَلُ من صَلاة الفَذِّ بِسَبْعٍ وعِشرِين دَرَجَةً» ؛ (متفق عليه).
وأولادنا يحتاجون إلى أن نجلس معهم ونُعلِّمهم الصلاة وصفتها والأذكار التي تُقال بعدها، والأجر المترتب عليها، والسنن الرواتب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال خلفَ كلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثلاثينَ تَكبيرةً وثلاثًا وثلاثينَ تحميدةً وثلاثًا وثلاثينَ تسبيحةً، ويقولُ: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ، وهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، مرَّةً واحدةً، غُفِرَ لهُ خطاياهُ وإن كانَت مثلَ زبَدِ البحرِ» ؛ (رواه مسلم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السنن الرواتب: «مَنْ صَلَّى في يومٍ وليلةٍ اثنتي عشْرَةَ ركعةً تطوعًا غيرَ فريضةٍ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ» ؛ (أخرجه مسلم).
أخيرًا: علينا أن نحرص على أن نكون قدوةً صالحةً لهم في محافظتنا على الصلاة والأذكار والسنن الرواتب، مع التشجيع والتحفيز باستخدام الوسائل التربوية من الموعظة والقصة والصحبة الصالحة، ولا ننسى الصبر عليهم كما قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132].
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يصلح لنا ولكم الذرية، هذا وصلَّى الله وسلَّم وبارك على سيدنا محمد.
________________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش
- التصنيف: