لفظ الاتكاء ولفظ القعود
الاتكاء صفة من صفات التنعُّم في الجنة، والاتكاء صفة حميدة لا تستعمل إلا في الخير بعكس القعود الذي يكون للخير والشر بل يميل إلى الشر أكثر
- التصنيفات: القرآن وعلومه -
في الاتكاء لذة واستجمام في الجنة، وراحة واستمتاع في الدنيا.
لفظ الاتكاء ورد كثيرًا في القرآن الكريم؛ لأنه يدل على طيب العيش وعلوِّ المقام.
والاتكاء لا يعني بالضرورة أن يكون للراحة بعد التعب، فهذا في الدنيا؛ لأنها دار التعب والكد والكبد، فقد يحتاج الإنسان بعد كَدِّه بالنهار إلى التمدُّد والاتكاء والاسترخاء.
لكن الاتكاء صفة جليلة تدل على التنعُّم والحضارة والرقي، ألم تقرأ قول الله تعالى في سورة يوسف: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} [يوسف: 31].
فالمتكأ هو صفة لأهل الغنى والمُلْك والسلطان والجاه؛ ولذلك فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأكل المسلم وهو متكىء؛ لأنه قد يخالطه شعور التكبُّر والجحود لنعمة الله تعالى، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا لا آكل متكئًا»؛ (رواه البخاري).
المحصلة من ذلك كله أن الاتكاء صفة من صفات التنعُّم في الجنة، والاتكاء صفة حميدة لا تستعمل إلا في الخير بعكس القعود الذي يكون للخير والشر بل يميل إلى الشر أكثر؛ يقول الله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} [النساء: 140]، {قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]، {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68] { {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ} } [الأعراف: 16]، {وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} [الأعراف: 86]، أما الاتكاء فلم يذكر في القرآن إلا على محمل السعادة والهناء والسرور والحبور، يقول الله تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} [يس: 56]، {أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 31].
أسأل الله تعالى أن يمتعنا ويثيبنا الاتكاء على الأرائك، فإنه نِعْم الثواب ونِعْم المنزلة.
_____________________________________________________________
الكاتب: د. تيسير الغول