فضل اليقين والتوكل على رب العالمين
وحيد عبد السلام بالي
يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب وهم الذين لا يسترقون ولا يتطيَّرون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون.
- التصنيفات: أعمال القلوب - - آفاق الشريعة -
قال تعالى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173 - 174].
قال تعالى: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3].
قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [الأنفال: 2 – 4].
ففي الصحيحين عن أنس بن مالك أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه حدَّثه قال: نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن في الغار، فقُلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى قدميه، أبصرنا تحت قدميه، فقال «يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنين الله ثالثهما» [1].
ففي الصحيحين عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتيت مضجعك فتوضَّأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، وقُل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوَّضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك رهبةً ورغبةً إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مُتَّ مُتَّ على الفطرة، فاجعلهنَّ آخر ما تقول»، فقلت: أستذكرهنَّ وبرسولك الذي أرسلت قال: «لا، وبنبيك الذي أرسلت» [2].
روى الترمذي وقال: حسنٌ صحيحٌ عن عُمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «لو أنكم كُنم توكَّلون على الله حق توكُّله، لرُزقتم كما يُرزق الطير تغدو خماصًا[3] وتروح بطانًا» [4]، [5].
ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عُرضت عليَّ الأمم، فجعل النبي والنبيان يَمرون معهم الرهط، والنبي ليس معه أحدٌ حتى رُفع لي سوادٌ عظيمٌ، قُلت ما هذا أُمتي هذه؟ قيل: بل هذا موسى وقومه، قيل: انظر إلى الأُفق فإذا سوادٌ يملأ الأُفق، ثُم قيل: لي انظر ها هنا وها هنا في آفاق السماء، فإذا سوادٌ قد ملأ الأُفق، قيل: هذه أُمتك، ويدخل الجنة من هؤلاء سبعون ألفًا بغير حساب»، ثُم دخل ولم يُبين لهم، فأفاض القوم وقالوا: نحن الذين آمنا بالله واتَّبعنا رسوله، فنحن هُم، أو أولادنا الذين وُلدوا في الإسلام، فإنا وُلدنا في الجاهلية، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج فقال: «هُم الذين لا يسترقون ولا يتطيَّرون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون»، فقال عُكاشة بن محصن: أمنهم أنا يا رسول الله، قال: نعم، فقام آخر، فقال: أمنهم أنا، قال: سبَقك بها عُكاشة[6].
[1] متفق عليه: رواه البخاري «3380» ومسلم «4389».
[2] متفق عليه: رواه البخاري «5836» ومسلم «4884».
[3] خماصًا: جائعة ليس في بطونها شيء لكنها متوكلة على الله عز وجل.
[4] بطانا: ممتلئة البطون من رزق الله عز وجل.
[5] حسن صحيح: رواه الترمذي «2266» وقال: حسن صحيح.
[6] متفق عليه: رواه البخاري «5270» ومسلم «323».