وهلك فرعون ليبيا

أبو لجين إبراهيم

تماماً كما مضت في الظالمين من قبله سواءً في مصر أو تونس، وسوف تمضي بإذن الله مستقبلاً فتطأ رقبة كل ظالم متكبر فوّت قطار العبرة، مهما اختلفت أزمانهم وتباعدت بلدانهم وتنوعت أعراقهم.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

الذي حصل لفرعون ليبيا لا يكاد يصدقه عقل! فقد أهلك مالكُ الملك الجرذ الهارب، وسقطت جماهيريته الهلامية الهزيلة، وتحققت سنةُ الله ورآها الناسُ عياناً بياناً عبر الفضائيات في القذافي وأبنائه وسحرته وحاشيته الأقربين.

تماماً كما مضت في الظالمين من قبله سواءً في مصر أو تونس، وسوف تمضي بإذن الله مستقبلاً فتطأ رقبة كل ظالم متكبر فوّت قطار العبرة، مهما اختلفت أزمانهم وتباعدت بلدانهم وتنوعت أعراقهم.

فسنن الله - تعالى -لا تحابي أحدا، ولا تفرق بين زمان وزمان، أو تقع بأقوامٍ وتستثني آخرين، فمن ظلم وتمادى في ظلمه فهلاكه واقع لا محالة ومُحالٌ أن يفوته القطار..!

لقد هلك الفرعون بعدما خرج يوماً يتهجم على الشعب التونسي؛ لأنه أجبر الديكتاتور على الهرب، قال لأهل تونس: " أخطأتم! أعيدوا بن علي للسلطة "، وقد حاول بكل السبل إعادته وهو لم يكن يفعل ذلك حباً في بن علي بقدر ما كان مصاباً بالذعر من انتقال الثورة إلى بلاده.

كان الفرعون يتصنع القوة والثقة بالنفس والتشبث بالكرسي بطريقته المثيرة للسخرية وهو يتحدث حيث يرفع رأسه ويتأمل في الفراغ دون أن ينظر للكاميرا أو من يجلس أمامه، إنه جنون العظمة الذي اشتهر به هذا الفرعون الأحمق.

نعم هلك الفرعون "قرد قرود إفريقيا" كما ينعته الليبيون الآن، لقد كان مريضاً بعشق الذات وهو ما جعله حالة ميئوساً منها، وأغراه جهله بقدرة الله - تعالى -أن وضع نفسه في مكانة فوق البشر، فلم يكن يكفه أن يكون نصف إله! لذا استحدث هتافاً مقيتاً أثناء الثورة: "الله، ومعمر، وليبيا، وبس"، حيث كان يردده السحرة على مسامعه وهو في غاية السرور بعد أن وضع اسمه بعد مالك الملك - سبحانه - جل في علاه.

المفارقة: أن الذين احتفلوا بالانتصار منذ ساعات، استبدلوا هذا الشعار إلى: "الله، ورسوله، وليبيا، وبس "!.

وهكذا تمضي السنن ليُنفِذ اللهُ - سبحانه - وعده، ويجري أمره في يوم الخميس 22 ذو القعدة 1432 هـ ـ 19 أكتوبر ـ بإيقاف الفرعون عن إغراق ليبيا في بحور الدماء، ولولا ذلك لأتيحت له الفرصة لإبادة الشعب الليبي عن بكرة أبيه ولرأينا مشاهد تماثل في بشاعتها ما يحصل الآن في حمص وحلب وحماة ودمشق وصنعاء.

قد يعزوا البعض نصر الثوار لمساعدة "الناتو" لهم في حربهم غير المتكافئة مع القذافي وكتائبه ومرتزقته وأمواله، إلا أنه لا أحد يمكنه أن ينكر ما قدموه من تضحيات باهظة من دمائهم وأرواحهم. وهم الذين حرروا بلدهم، وهم من أسقط الطغيان، وهم من انتزع حريتهم بالغالي والنفيس.

وحين رأيت فرعون ليبيا منهاراً بين أيدي الثوار قبل مقتله بقليل وقد أبدله الله - تعالى -بالعزة مهانة وبالقوة ضعفا وبالأمن رعباً وذهولاً وبالقصور قبواً! وحيداً بائساً لا صاحبةً تواسيه ولا ولدا يدفع عنه ولا صديقا حميما يعينه، استرجعتُ مشهداً وصل فيه الغاية من الغرور والغطرسة.

في هذا المشهد قال كلاما وصف فيه الشعب الليبي بالجرذان، وتوعدهم من فرط عنجهيته بالمطاردة في كل بيت ودار دار وزنقة زنقة، كما توعد فرعون موسى بني إسرائيل حتى وصل به العناد إلى حد العمي عن رؤية الهلاك واتبعهم في البحر فكان ما كان من أمره.

وربما لم يكن لفرعون موسى نظرية ثالثة يسوّق لها أو كتاب أخضر يفرضه قرآنا على أهل مصر، إلا أن تفكيره يطابق تفكير فرعون ليبيا حتى أن الأول لمّا نظر إلى البحر منفلقا قال لمن حوله بتكبّره وصلفه وغبائه: ألا ترون البحر فَرِق مني؟ قد شُقّ لي حتى اُدرك أعدائي فأقتلهم!.

وهكذا في يوم أو بعض يوم أهلك الله فرعون ليبيا لينضم إلى من سبقوه في مزبلة التاريخ، ولعل ما حدث في ليبيا ويحدث الآن في سوريا وصنعاء والأحواز وغيرها يعطي درساً ألاّ يظل أحد من هؤلاء يكابر ويقول: لسنا مثل هذا البلد أو ذاك، فما اُهلكت الأنظمة التي تحكم بغير ما أنزل الله والتي سقطت إلا لأن كل واحد منها قال: لسنا مثل كذا، رغم أنه بالنظر إلى حاله هو أسوأ بكثير.

ولست أدري ما الذي كان يدور في عقل القذافي في لحظاته الأخيرة، حينما زاغت عيناه وأدركه الغرق بين أمواج الثوار التي أحاطت به من كل جانب؟ في هذه اللحظة بالذات استغرقني المشهد ولم أنتبه إلا وأنا أردد أمام شاشة التلفاز {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

إنه الحلقة الثالثة التي سقطت من سلسلة فراعين عام 1432هـ. ـ 2011 م

أهلك مالك الملك - سبحانه وتعالى - فرعون ليبيا ربما بدعوة مظلوم في جوف الليل، أو عقوبة لأرواحٍ اُزهقت في مقبرةٍ جماعية تشكو ظلم القذافي وزبانيته، أو ربما هي صرخة طفلة ملتاعة زُج بوالدها في غياهب سجن "أبوسليم" أوضُرب أمام عينيها، أو هي دمعة أم صائمة عُلّق ولدها أمامها في نهار رمضان على أحد أعواد المشانق عام 1984بتهمة أنه من الكلاب الضالة، أو أنها تضرعات المظلومين خلف القضبان أو ربما جميع ما سبق فلا أحد يدري! المهم الآن أن يعلم كل ظالم أن الله - تعالى -يمهل ولا يهمل فاعتبروا يا حكام المسلمين فالدائرة إن دارت على ظالم لن ترحم.

إن ما حدث لفرعون ليبيا يحتاج إلى قراءة وفهم من الجميع سواء أكانوا من الظالمين أم من المظلومين.. فالظالم يحتاج إلى قراءتها وتدبرها وفهمها، لعله يرتدع عن ظلمه ويرعوي عن فساده. فيشكر الله - تعالى -على ما مَنَّ به عليه من القوة والسيادة في الأرض بإقامة العدل، ورفع الظلم، وعدم استغلال ضعف الضعفاء بالتسلط عليهم، ونهب ثرواتهم ومقدراتهم، وتبديل دينهم وثقافتهم تحت مشاريع زيَّنتها له شياطينه بأن نهاية التاريخ عندها مثل الليبرالية أو العلمانية أو الاشتراكية أو الجماهيرية أو القومية.. الخ.

لقد كان الشعب الليبي فقيراً ومقموعاً رغم ثرواته التي يُفترض أن تجعله من أغنى شعوب العالم، وحينما أراد مالك الملك له أن ينتفض حركت همته الثورتين المصرية والتونسية، وذلك بعد أن رزح أحفاد عمر المختار 42 عاماً تحت قمع الفرعون.

أسأل الله - تعالى -بمنّه وكرمه أن يُعِزَّ دينه، ويُعْلِيَ كلمته في ليبيا وسوريا وصنعاء وإيران وغيرهما، ويثبتنا على الإيمان والسنة إلى أن نلقاه غير مبدلين ولا مغيرين.

كما أسأله- تبارك وتعالى -أن يحفظ بلاد الحرمين وبلاد المسلمين من كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وأن يرد كيدهم إلى نحورهم، ويجعل تدبيرهم وبالاً عليهم، إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين.

الذي حصل لفرعون ليبيا لا يكاد يصدقه عقل! فقد أهلك مالكُ الملك الجرذ الهارب، وسقطت جماهيريته الهلامية الهزيلة، وتحققت سنةُ الله ورآها الناسُ عياناً بياناً عبر الفضائيات في القذافي وأبنائه وسحرته وحاشيته الأقربين.

تماماً كما مضت في الظالمين من قبله سواءً في مصر أو تونس، وسوف تمضي بإذن الله مستقبلاً فتطأ رقبة كل ظالم متكبر فوّت قطار العبرة، مهما اختلفت أزمانهم وتباعدت بلدانهم وتنوعت أعراقهم.

فسنن الله - تعالى -لا تحابي أحدا، ولا تفرق بين زمان وزمان، أو تقع بأقوامٍ وتستثني آخرين، فمن ظلم وتمادى في ظلمه فهلاكه واقع لا محالة ومُحالٌ أن يفوته القطار..!

لقد هلك الفرعون بعدما خرج يوماً يتهجم على الشعب التونسي؛ لأنه أجبر الديكتاتور على الهرب، قال لأهل تونس: " أخطأتم! أعيدوا بن علي للسلطة "، وقد حاول بكل السبل إعادته وهو لم يكن يفعل ذلك حباً في بن علي بقدر ما كان مصاباً بالذعر من انتقال الثورة إلى بلاده.

كان الفرعون يتصنع القوة والثقة بالنفس والتشبث بالكرسي بطريقته المثيرة للسخرية وهو يتحدث حيث يرفع رأسه ويتأمل في الفراغ دون أن ينظر للكاميرا أو من يجلس أمامه، إنه جنون العظمة الذي اشتهر به هذا الفرعون الأحمق.

نعم هلك الفرعون "قرد قرود إفريقيا" كما ينعته الليبيون الآن، لقد كان مريضاً بعشق الذات وهو ما جعله حالة ميئوساً منها، وأغراه جهله بقدرة الله - تعالى -أن وضع نفسه في مكانة فوق البشر، فلم يكن يكفه أن يكون نصف إله! لذا استحدث هتافاً مقيتاً أثناء الثورة: "الله، ومعمر، وليبيا، وبس"، حيث كان يردده السحرة على مسامعه وهو في غاية السرور بعد أن وضع اسمه بعد مالك الملك - سبحانه - جل في علاه.

المفارقة: أن الذين احتفلوا بالانتصار منذ ساعات، استبدلوا هذا الشعار إلى: "الله، ورسوله، وليبيا، وبس "!.

وهكذا تمضي السنن ليُنفِذ اللهُ - سبحانه - وعده، ويجري أمره في يوم الخميس 22 ذو القعدة 1432 هـ ـ 19 أكتوبر ـ بإيقاف الفرعون عن إغراق ليبيا في بحور الدماء، ولولا ذلك لأتيحت له الفرصة لإبادة الشعب الليبي عن بكرة أبيه ولرأينا مشاهد تماثل في بشاعتها ما يحصل الآن في حمص وحلب وحماة ودمشق وصنعاء.

قد يعزوا البعض نصر الثوار لمساعدة "الناتو" لهم في حربهم غير المتكافئة مع القذافي وكتائبه ومرتزقته وأمواله، إلا أنه لا أحد يمكنه أن ينكر ما قدموه من تضحيات باهظة من دمائهم وأرواحهم. وهم الذين حرروا بلدهم، وهم من أسقط الطغيان، وهم من انتزع حريتهم بالغالي والنفيس.

وحين رأيت فرعون ليبيا منهاراً بين أيدي الثوار قبل مقتله بقليل وقد أبدله الله - تعالى -بالعزة مهانة وبالقوة ضعفا وبالأمن رعباً وذهولاً وبالقصور قبواً! وحيداً بائساً لا صاحبةً تواسيه ولا ولدا يدفع عنه ولا صديقا حميما يعينه، استرجعتُ مشهداً وصل فيه الغاية من الغرور والغطرسة.

في هذا المشهد قال كلاما وصف فيه الشعب الليبي بالجرذان، وتوعدهم من فرط عنجهيته بالمطاردة في كل بيت ودار دار وزنقة زنقة، كما توعد فرعون موسى بني إسرائيل حتى وصل به العناد إلى حد العمي عن رؤية الهلاك واتبعهم في البحر فكان ما كان من أمره.

وربما لم يكن لفرعون موسى نظرية ثالثة يسوّق لها أو كتاب أخضر يفرضه قرآنا على أهل مصر، إلا أن تفكيره يطابق تفكير فرعون ليبيا حتى أن الأول لمّا نظر إلى البحر منفلقا قال لمن حوله بتكبّره وصلفه وغبائه: ألا ترون البحر فَرِق مني؟ قد شُقّ لي حتى اُدرك أعدائي فأقتلهم!.

وهكذا في يوم أو بعض يوم أهلك الله فرعون ليبيا لينضم إلى من سبقوه في مزبلة التاريخ، ولعل ما حدث في ليبيا ويحدث الآن في سوريا وصنعاء والأحواز وغيرها يعطي درساً ألاّ يظل أحد من هؤلاء يكابر ويقول: لسنا مثل هذا البلد أو ذاك، فما اُهلكت الأنظمة التي تحكم بغير ما أنزل الله والتي سقطت إلا لأن كل واحد منها قال: لسنا مثل كذا، رغم أنه بالنظر إلى حاله هو أسوأ بكثير.

ولست أدري ما الذي كان يدور في عقل القذافي في لحظاته الأخيرة، حينما زاغت عيناه وأدركه الغرق بين أمواج الثوار التي أحاطت به من كل جانب؟ في هذه اللحظة بالذات استغرقني المشهد ولم أنتبه إلا وأنا أردد أمام شاشة التلفاز {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

إنه الحلقة الثالثة التي سقطت من سلسلة فراعين عام 1432هـ. ـ 2011 م

أهلك مالك الملك - سبحانه وتعالى - فرعون ليبيا ربما بدعوة مظلوم في جوف الليل، أو عقوبة لأرواحٍ اُزهقت في مقبرةٍ جماعية تشكو ظلم القذافي وزبانيته، أو ربما هي صرخة طفلة ملتاعة زُج بوالدها في غياهب سجن "أبوسليم" أوضُرب أمام عينيها، أو هي دمعة أم صائمة عُلّق ولدها أمامها في نهار رمضان على أحد أعواد المشانق عام 1984بتهمة أنه من الكلاب الضالة، أو أنها تضرعات المظلومين خلف القضبان أو ربما جميع ما سبق فلا أحد يدري! المهم الآن أن يعلم كل ظالم أن الله - تعالى -يمهل ولا يهمل فاعتبروا يا حكام المسلمين فالدائرة إن دارت على ظالم لن ترحم.

إن ما حدث لفرعون ليبيا يحتاج إلى قراءة وفهم من الجميع سواء أكانوا من الظالمين أم من المظلومين.. فالظالم يحتاج إلى قراءتها وتدبرها وفهمها، لعله يرتدع عن ظلمه ويرعوي عن فساده. فيشكر الله - تعالى -على ما مَنَّ به عليه من القوة والسيادة في الأرض بإقامة العدل، ورفع الظلم، وعدم استغلال ضعف الضعفاء بالتسلط عليهم، ونهب ثرواتهم ومقدراتهم، وتبديل دينهم وثقافتهم تحت مشاريع زيَّنتها له شياطينه بأن نهاية التاريخ عندها مثل الليبرالية أو العلمانية أو الاشتراكية أو الجماهيرية أو القومية.. الخ.

لقد كان الشعب الليبي فقيراً ومقموعاً رغم ثرواته التي يُفترض أن تجعله من أغنى شعوب العالم، وحينما أراد مالك الملك له أن ينتفض حركت همته الثورتين المصرية والتونسية، وذلك بعد أن رزح أحفاد عمر المختار 42 عاماً تحت قمع الفرعون.

أسأل الله - تعالى -بمنّه وكرمه أن يُعِزَّ دينه، ويُعْلِيَ كلمته في ليبيا وسوريا وصنعاء وإيران وغيرهما، ويثبتنا على الإيمان والسنة إلى أن نلقاه غير مبدلين ولا مغيرين.

كما أسأله- تبارك وتعالى -أن يحفظ بلاد الحرمين وبلاد المسلمين من كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وأن يرد كيدهم إلى نحورهم، ويجعل تدبيرهم وبالاً عليهم، إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين.



 

المصدر: موقع المختار الإسلامي