الاعتبار بسرعة تصرم الليالي والأيام والأعمار

منذ 2023-08-02

قال النبي - ﷺ -: «لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان: فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة أو الخوصة»

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان: فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة أو الخوصة» [4].

 

وقد قيل:

يَسرُّ الفتى طولُ السلامةِ والبقى   ***   فكيف ترى طولُ السلامةِ يفعلُ 

 

قال الله تعالى:  {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}  [5].

 

قال جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به. ثم قال: يا محمد: شرف المؤمن قيام الليل وعزّه استغناؤه عن الناس[6].

 

قال الله تعالى: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}  [7].

 

قال بعضهم:

مضى أمسُكَ الماضي شهيدًا مُعدلًا   ***   وأعقبه يومٌ عليك جديـــــــــــــدُ 

فإن كنت بالأمس اقترفت إســـاءةً   ***   فثنِّ بإحسانٍ وأنت حميــــــــــــدُ 

فيومك إن أعتبه عاد نفعـــــــــــــهُ   ***   عليك وماضي الأمس ليس يعودُ 

ولا تُرجِ فِعلَ الخيرِ يومًــــــــــــــــا   ***   إلى غدٍ لعل غدًا يأتي وأنت فقيدُ 

 

وقال آخر:

نسيرُ إلى الآجلِ في كل لحظـــــةٍ   ***   وأيامنا تُطوى وهُنَّ مراحِـــلُ 

ولم أرَ مثل الموت حقًّا كأنـــــــــه   ***   إذا ما تخطته الأمانيُّ باطــلُ 

وما أقبحُ التفريط في زمنِ الصبا   ***   فكيف والشيبُ للرأسِ شامـلُ 

ترحّل من الدنيا بزادٍ من التقــــى   ***   فَعُمْرُكَ أيامٌ وهنُّ قلائـــــــــلُ 

 

وقال بعضهم:

وما هذه الأيامُ إلا مراحـــــلُ   ***   يُحثُّ بها داعٍ إلى الموتِ قاصدًا 

وأعجبُ شيءٍ لو تأمَّلت أنهـا   ***   منازلُ تُطوى والمسافرُ قاعــــــدُ 

 

قال الله تعالى: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}  [8].

 

وقال تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَٰلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ}  [9].

 

قال بعضهم:

إنا لنفرحُ بالأيامِ نقطعُهـــــــــــــــــا   ***   وكلُ يومٍ مضى يُدني من الأجلِ 

فاعمل لنفسك قبل الموتِ مجتهدًا   ***   فإن الربحَ والخسرانَ في العمــلِ 

 

وقال الآخر:

وما أدري وإن أمَّلْتُ عُمرًا   ***   لعلّي حين أُصبِحُ لستُ أُمسي 

ألم تر أن كلَّ صباحِ يــومٍ   ***   وعُمركَ فيه أقصرُ منه أمـــسِ 

 

قال الله تعالى: {يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْرًا * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْمًا}  [10].

 

وقال تعالى:  {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاَغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْفَاسِقُونَ}  [11].

 

وقال بعضهم:

فليست هذه الدُّنيا بشــــــيءٍ   ***   تَسؤك حِقبةً وتسرُّك وقتًـــــا 

وغايتُها إذا فكَّرتَ فيهــــــــــا   ***   كفيِّكَ أو كَحِلْمِكَ إذا حلمتَـــا 

وسُجنتَ بها وأنتَ لها محــبُّ   ***   فكيف تُحبُّ ما فيه سُجنتـــا 

وتُطعمك الطعامَ وعن قريــبٍ   ***   سَتَطْعَمُ منكَ ما فيها طَعِمتَـا 

وتشفِقُ للمصرِّ على المعاصـي   ***   وترحمهُ ونفسكَ ما رحمتَــــا 

 

قال الله تعالى:  {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا}  [12].

 

وقال تعالى:  {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}  [13].

 

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما مَثَلُ الدينا في الآخرة إلاَّ مَثَلُ ما يجعل أحدكم إصبعه في اليمِّ فلينظر بما يرجع» [14].

 

وقد ضرب الله تعالى الأمثال لسرعة زوال الدنيا في القرآن الكريم، ومما ضرب سبحانه تعالى بقوله: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}  [15]. وهذا مثلٌ من أحسن الأمثلة وهو مطابق لحالة الدنيا؛ فإن لذَّاتِها وشهواتِها، وحاجاتها ونحو ذلك يزهو لصاحبه إن زهى وقتًا قصيرًا فإذا استكمل وتمَّ اضمحلَّ وزال عن صاحبه أو زال صاحبه عنه فأصبح صفر اليدين منها، ممتليء القلب من همِّها وحُزنها وحسرتها.

 

فاغتنم يا عبدالله هذه الأوقات والساعات القصيرة في طاعة الله تعالى قبل الفوات، والندم على ما فات.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا} [16].

 

 

فيا عباد الله اتقوا الله تعالى، واغتنموا هذه الأيام القليلة فيما يعود عليكم بالسعادة الطويلة؛ فإنما هي أيام وساعات فينتقل الإنسان إلى ما قدم، قال الله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ * سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}  [17].

 

فتزود يا عبدالله بالتقوى وأبشر بالسعادة الأبدية.

______________________________________________________________________

 

[1] سورة القصص، الآية: 88.

[2] سورة الرحمن، الآيتان: 26 - 27.

[3] سورة يونس، الآية: 45.

[4] رواه ابن حبان برقم 4842، وصحح شعيب الأرناؤط.

[5] سورة الشعراء، الآيات: 205 - 207.

[6] الحاكم (4/325) وحسنه الألباني.

[7] سورة الحج، الآية: 47.

[8] سورة المؤمنون، الآية: 112 - 115.

[9] سورة الروم، الآية: 55.

[10] سورة طه، الآيات: 102 - 104.

[11] سورة الأحقاف، الآية: 35.

[12] سورة الإسراء، الآية: 52.

[13] سورة العنكبوت، الآية: 14.

[14] الترمذي برقم 2323 وابن ماجة وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة 3/743.

[15] سورة يونس، الآية: 24.

[16] سورة الكهف، الآيات: 45، 46.

[17] سورة الحديد، الآيتان: 20، 21.

[19] سورة العنكبوت، الآية: 45.

  • 1
  • 1
  • 736

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً