{إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}

القاسم بن نبيل سابق

قد مضى بإذن الله زمن التخاذل عن نصرة الدين، وانقضى إن شاء الله زمن الانكسار أمام أعداء الله وأعداء عباده المؤمنين، ولاح بحمد الله بعد طول الليل ضوء الفجر الصادق المبين.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصَلَّى الله وَسَلَّمَ على رسول الله محمدٍ وآله وصحبه.
وبعد:

ففي زمن تسعى فيه الأمة الإسلامية جاهدة للنهوض من كبوة طال أمدها، والانتعاش من نومة احلوّ لك ليلها، من أجل العودة إلى محل القيادة والريادة الذي هو محلها، ذاك المحل الذي لا تصلح إلا له، ولا يصلح إلا لها، لكنه ضاع منها من سنين عددا، جزاء وفاقا على تفريط أبنائها في القيام بدينهم على النحو الذي يرضاه خالقهم ومالكهم سبحانه وتعالى.

في هذا الزمن الذي تسعى فيه الأمة لاستعادة ذاك المجد التليد لا بد لأبنائها أن يدركوا تماما موقعهم وواجبهم، ولا بد وأن يسعى الجميع نحو الهدف المنشود بسلوك الطريق المحمود لإقامة "المجتمع الإسلامي الرشيد" و "الحكم الإسلامي السديد" على الوجه الذي يرضاه الرب العليّ الحميد المجيد، من غير أن يتخاذل أحد عن الإقدام في موطن تحتاجه الأمة فيه، أو يتخلى عن موقع فيحدث خرقا ويقترف خطأ لا يمكن تلافيه! ولا بد وأن يكون هذا السعي مقرونا بإخلاصهم وصدقهم وتناصرهم وتآزرهم وتكاتفهم وتعاونهم من أجل حصول المقصود وبلوغ الهدف المنشود طاعة وخضوعا لله الواحد المعبود لا إله إلا هو إليه المصير.

فيا معاشر المسلمين:
لِيَسْعَ كل امريء في إحياء أمته كل من موقعه الذي هو فيه، حسب طاقته، وقدر وسعه، سواء أكان عالما أم متعلما أم داعيا أم مرشدا مربيا أم سياسيا أم طبيبا أم مهندسا أم تاجرا أم صانعا أم زارعا، أم كان غير ذلك عاملا في أي مصلحة من مصالح المسلمين.
ولا بد مع هذا من استصحاب الإخلاص لله جل وعلا في كل عمل، فليستحضر المسلم في سعيه ذاك الإخلاص لله سبحانه ذاكرا أنه عبد لرب يطلب رضاه بامتثال أوامره واجتناب مناهيه، ذاكرا أنه يؤدي واجبه نحو دينه وأمته "ديانة" و "طاعة" لربه سبحانه وتعالى، ذاكرا أنه "عضو" في "أمة" تسعى لتحقيق أعظم "هدف" هو التمكين لدين الله في أرضه، مستشعرا أن عمله الذي يعمل إنما هو "لبنة" يضعها في "صرح" أمته، من غير أن يبخل عليها بنصح أو توجيه أو إرشاد أو تنبيه، أو مناصرة أو معاونة في كل مقام تحتاج الأمة إليه فيه.

أي معاشر العقلاء! مرحلتنا - وكل المراحل - تحتاج إلى عمل وسعي مقرون بالإخلاص لله والاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم واستشعار معنى الانتصار لدين الله ضد أعدائه وخصومه في كل موطن وسبيل.. بذا تذلل الصعاب، ويسير بخير الركاب، وبدونه تزيد العثرات، وتتوالى الويلات والنكبات.
وفي فضيلة "الإخلاص" يقول العلامة محمد الخضر حسين رحمه الله تعالى: "كثير من العقبات التي تقوم دون بعض المشروعات لا يساعدك على العمل لتذليلها إلا الإخلاص، ولولا الإخلاص يضعه الله في نفوس زاكيات لحرم الناس من خيرات كثيرة تقف دونها عقبات".

فيا معاشر المسلمين شيبا وشبابا:
اعملوا لله جل وعلا، متبعين سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم، سالكين سبيل أصحابه رضي الله عنهم وسبيل من درج على دربهم ممن قاموا لنصرة دين الله في كل سبيل، وبذلوا من أجل ذلك ما أمكنهم بذله حتى بذلوا أرواحهم ومُهَجَهُم في مواطن الجهاد في سبيل الله نصرة لدينه وإعلاء لكلمته.

أي معاشر المسلمين:
قد مضى بإذن الله زمن التخاذل عن نصرة الدين، وانقضى إن شاء الله زمن الانكسار أمام أعداء الله وأعداء عباده المؤمنين، ولاح بحمد الله بعد طول الليل ضوء الفجر الصادق المبين.
فالحمد لله مالك الملك رب العالمين ما أدبر ليل أو تنفس صبح إلى يوم الدين.
{إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد: ٧]
{وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم} [محمد: ٣٨]

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

----------------------------------------------
القاسم بن نبيل سابق
أصول الدين والدعوة
قسم الحديث وعلوم السنة النبوية
الأزهر الشريف