الاستهزاء وأثره في الأطفال
أخي الأب وأختي الأم، يجب أن تعلما أنكما المعلم الأول الذي يتعلم منه الطفل، ويكتسب منهم الخبرات والمهارات والعادات الاجتماعية، فالأولى بكما تعزيز ثقته بنفسه بدلًا من السخرية والاستهزاء به.
- التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة - تربية الأبناء في الإسلام -
قد يُبتلى الطفل بنقص في بعض قدراته أو مهاراته أو في خَلقه؛ كأن يكون قصيرًا أو طويلًا أو أعرجَ أو أعمى؛ فتكون هذه نقيصة عليه في نفسه وأمام الآخرين، فتجد بعض الآباء والأمهات من يرتكب منهم أخطاءً بقصدٍ أو بغير قصدٍ، أو نتيجة عدم علم، أو لجهلٍ بحق أطفالهم من استهزاء وسخرية تصل إلى مرتبة الجرم؛ لما تخلفه من آثار نفسية خطيرة تلقي بظلالها الكثيفة على شخصية الطفل طول حياته.
وكثيرٌ من الأطفال يتعرضون لأشكال عديدة من السخرية والاستهزاء سواء في المدرسة من معلميهم أو زملاء لهم أو من أقاربهم أو من جيرانهم لسبب من الأسباب، وسرعان ما تلتصق هذه الدعابات أو تلك المواقف الساخرة، أو تلك التسميات أو النعوت الساخرة بهم طول حياتهم.
قال تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات: 11]، فأحيانًا تكون البنت طويلة القوام، فعندما تمرُّ أمام أهلها، فبدل من سماع الثناء على قوامها الجميل، وكلمات الحب، تبدأ بسماع الهمز واللمز منهم: (مرَّت علينا الزرافة، الطول طول نخلة.... وغيرها)، وتلك الكلمات تجعلها تنفر من والديها، وقد تكون سببًا في البحث عن تقدير الذات من خارج البيت فتقع فريسةً في أيدي الذئاب البشرية.
وكذلك الابن عندما يأتي بالشهادة وفيها ضعف في إحدى المواد بسبب ضعف قدراته العقلية، أو لأي سبب تربوي أو اجتماعي، فهنا يوجِّه إليه الوالد الكلمات النابية التي تجعله محطمًا خاصة عندما يكون أمام إخوته، وهم يضحكون عليه، فتكون سببًا لكره الدراسة، والوقوع في أيدي رفقاء السوء.
ويؤدي هذا النوع من التعامل السلبي مع الابن أو البنت إلى:
♦ نظرته السلبية لذاته، وبناء صورة مشوَّهة عن نفسه، فهو لا يستطيع إلا رؤية الأخطاء والعثرات وجوانب الضعف التي يسلط والداه عليها الضوء ويصفانه بها.
♦ عدم رؤية قدراته وإمكاناته مهما عظمت؛ حيث يميل سلوكه إلى التردُّد وعدم الثقة بالنفس.
♦ الميل للعزلة والانسحاب؛ تجنبًا للآخرين وانتقاداتهم، فهو يتوقع أن ينظر إليه الآخرون كما ينظر إليه والداه، بل لا يستطيع النظر إلى ذاته إلا عبر المنظار الذي يراه منه والداه ويحكمان من خلاله عليه.
♦ خلق نظرة مضادة نحو الأسرة والمجتمع، وإحساس بالظلم والإجحاف، فيميل إلى اتِّباع السلوكيات العدوانية نحو الآخرين الذين لا يتفهمونه ولا يقدرونه، ولا يسمحون له بإيجاد مكان بينهم.
♦ عمل سلوكيات غير مقبولة اجتماعيًّا؛ كإتلاف الممتلكات العامة أو الاعتداء على ممتلكات الآخرين أو الميل إلى الانتقام.
أخي الأب وأختي الأم، يجب أن تعلما أنكما المعلم الأول الذي يتعلم منه الطفل، ويكتسب منهم الخبرات والمهارات والعادات الاجتماعية، فالأولى بكما تعزيز ثقته بنفسه بدلًا من السخرية والاستهزاء به.
علينا أن نفكر جيدًا في أثر أفعالنا على نفوس أطفالنا، وعلى تكوين شخصياتهم، كما يجب علينا الاهتمام بغرس القيم والأخلاق الحسنة والصفات التي تعزز من نفسية الطفل وتدعم من قدراته وشخصيته، وتساعد في خلق شخصية سويَّة عندها استعداد لمواجهة المستقبل بكل ما فيه.
أسأل الله أن يبعد عنا وعنكم سوء الأخلاق، وأن يجعل بيوتنا عامرة بالطاعة والعمل الصالح وحسن الخلق، وأن يصلح لنا ولكم الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.
__________________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش