هل النصارى كفار أم أهل كتاب؟
- التصنيفات: اليهودية والنصرانية -
البعض يقول: شهداء النَّصارى! والبعض يقول: هل النَّصارى كُفَّار، أم أهل كتاب؟ وهل يمكن أن يدخلوا الجنَّة، أم لا؟
وبدايةً أستعرض معكم حُكم الإسلام في التعامل مع النَّصارى في بلادنا، وما لَهم من حقوق عندنا:
أوَّلاً: النَّصارى في بلادنا يُسَمَّون عند الفقهاء أهلَ الذِّمة؛ وذلك لأنَّ لَهم في رقابنا ذمَّةً وعهدًا بأن نَحمِيَهم ونُدافع عنهم، كما نَحمي أنفُسَنا وندافع عنها، وندافع عن أموالهم وأعراضهم وتجارتِهم، ويُحَرِّم الإسلام ظُلمَهم، كما يُحرِّم إكراهَهم على الدُّخول في الإسلام، ولا نتدخَّل في أحكام العقائد والعبادات، والزواج والطَّلاق، والمطعومات والملبوسات الخاصة بهم، فهم يَحكمون أنفسهم فيها؛ {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256]، فيَحْرُم علينا إجبارُ أحد على اعتقاد شيء لا يُؤمن به، سواءٌ كان بِضَغط مادِّي أو نفسي، من شاء فلْيُؤمن، ومن شاء فليكفر، والله غَنِيٌّ عن العالَمين، وسيُحاسبهم يوم الدِّين.
عن صفوان بن سُلَيم، عن عِدَّة من أبناء أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن آبائهم دِنيَةً عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «ألاَ مَن ظلم معاهدًا أو انتقصَه، أو كلَّفه فوق طاقتِه، أو أَخذ مِنه شيئًا بِغَير طِيب نَفس، فأنا حَجِيجُه يوم القيامة»؛ (صحَّحه الألبانِيُّ في "صحيح سنن أبي داود" (2626).
سبحان الله! الرسولُ بنفسه هو الذي سوف يقف في وجهِ مَن ظلم ذِمِّيًّا، أو كلَّفه فوق طاقتِه، أو أرغمه على دفع شيء!
في البخاريِّ أنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «من قتَل مُعاهَدًا لَم يرَحْ رائحة الجنة، وإنَّ ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا».
قال الله - تعالى -: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8].
قال حبيبُنا: «ستَفتحون مِصر، وهي أرضٌ يسمَّى فيهـا القيراط»، وفيه: «فإنَّ لهم ذِمَّة ورَحِمًا»؛ (مسلم، فضائل الصَّحابة، 2543).
ودخل ذمِّيٌّ من أهل حِمْص أبيض الرأس واللِّحية على عمر بن عبدالعزيز، فقال: يا أمير المؤمنين، أسألك كتابَ الله، قال عمر: ما ذاك؟ قال: العبَّاس بن الوليد بن عبدالملك اغتصبَنِي أرضي، وكان عددٌ من رؤوس النَّاس - وفيهم العبَّاس - بِمَجلس عمر، فسأله: يا عبَّاس، ما تقول؟ قال: نعَم، أقطعَنِيها أبِي أميرُ المؤمنين، وكتب لي بِها سجلاًّ، فقال عمر: ما تقول يا ذمِّيُّ؟ قال: يا أمير المؤمنين، أسألك كتابَ الله تعالى، فقال عمر: نعم، كتاب الله أحَقُّ أن يُتَّبَع من كتاب الوليد، قم فاردُد عليه ضيعتَه يا عبَّاس.
عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: قَدِمَت عليَّ أمِّي، وهي مشركة في عهد قريشٍ، إذْ عاهدوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومُدتِهم مع أبيها، فاستفتَتْ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقالت: يا رسول الله، إنَّ أمي قدمَت عليَّ، وهي لا تَرغب في الإسلام، أفأَصِلُها؟ قال: «نعَم، صِليها»؛ (رواه البخاري ومسلم) .
نأتي للسؤال الثاني:
هل النصارى كفار أم أهل كتاب؟
أهل الكتاب بيَّنَهم الله في كتابه، وهم اليهود والنَّصارى، سُمُّوا أهلَ الكتاب؛ لأنَّ الله أنزل كتابَيْن على بني إسرائيل؛ الأول على موسى، وهو التوراة، والثاني على عيسى، وهو الإنجيل، وهم يَجتمعون مع غيرهم من الكُفَّار في اسم الكُفر والشِّرك، فهم كُفَّار ومشركون، كعُبَّاد الأوثان، وعباد النُّجوم، وعباد الكواكب، وسائر الكفَرة المُلْحدين، فهم أهل كتاب، لكنَّهم حرفوا كتُبَهم وكفَروا بِرَبِّهم، فقد قال فاطِرُ السَّموات والأرض: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17].
هذا حُكم من الله - تعالى - "بِتَكفير فِرَق النَّصارى، ممن قال منهم بأنَّ المسيح هو الله - تعالى اللهُ عن قولِهم وتنَزَّهَ وتقدَّس"؛ "تفسير ابن كثير"، (2/ 111).
وقال مَلِكُ الملوك: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: 88 - 95].
وفي الصحيحين قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «لا أحَدَ أصْبَر على أذًى يسمَعُه مِن الله عزَّ وجل؛ إنَّه يُشرَك به، ويُجعَل له الولد، ثم هو يُعافيهم ويَرزقهم».
هل هناك تَميُّز لأهل الكتاب من اليهود والنَّصارى عن باقي المشركين؟
نعَم، لقد جعل الله لهم أحكامًا خاصَّة، منها حِلُّ ذبائحِهم التي لَم تُذبَح لغير الله، ولم يهدوها لغير الله، ولَم يذكروا عليها غيْرَ اسم الله، ولم يوجد فيها ما يُحرِّمها، فهذه حِلٌّ لنا، كما قال الله - سبحانه -: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5].
وكذلك نساؤهم حلٌّ لنا الزَّواج منهنَّ، المُحصنات العفيفات الحرائر، كما في قوله - سبحانه وتعالى -: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 5].
هل يمكن أن يكون النصارى شهداء؟ وهل يمكن أن يدخلوا الجنة؟
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [النساء: 168 - 171].
وقال مَن لا يَنطق عن الهوى: «والذي نفْسُ محمَّد بيده، لا يَسمع بِي أحد من هذه الأُمَّة؛ يهوديٌّ ولا نصرانِيٌّ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أُرسِلت به، إلاَّ كان من أصحاب النار»؛ «رواه مسلم» .
قال الواحد الأحد: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85].
أخي المسلم:
هل تؤمن بالقرآن؟ هل تصدِّق كلامَ الله؟
هل تشكُّ في عِلمه وحكمته؟ هل تشكُّ في صدقه؟ طبعًا لا، فاسمع قولَ ربِّك يحذِّرك: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120].
وقال مَن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: 118 - 120].
وبعد أن اتَّضح كُفْر النَّصارى بالله وسَبُّهم لله وعداوتُهم لنا، تعالَوا نرى حكم ربِّنا: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} [المجادلة: 22].
لقد آمن الصَّحابة بكلام ربِّهم، وفَهِموه وطبَّقوه وهم على يقينٍ كامل ورِضًا، لم يقولوا: سمعنا وعصينا، بل ترجَمَتْ أعمالُهم قبل أقوالِهم: سَمِعنا وأطعنا، فترى الواحدَ منهم في غزوة بدر يَقِف مع الأنصاريِّ المسلم؛ لِيُحارب أباه وأخاه وخالَه وعمَّه الكافر، فقد حرَّم الإسلامُ محبَّةَ الكفار ومودَّتَهم، انظر لقول ربِّك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 57].
بل جعل الإسلامُ من يُحِبُّهم ويواليهم عدُوًّا لله مثلهم، ومِن أصحابِهم، وتدبَّر - رعاك الله - قولَه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].
فاحذر أخي في الله أن تكون منهم وأنت لا تَشعر، فتحسب أنَّك تُحسن صُنْعًا وأنت من الأخسَرين أعمالاً، ففي الصَّحيحين عن أنس - رضي الله عنه - قال: جاء رجلٌ إلى النبِيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، متَى الساعة؟ قال: «وماذا أعدَدْتَ لها» ؟ قال: ما أعددتُ لَها كثيرَ عملٍ إلاَّ أنَّني أُحِبُّ الله ورسولَه، قال النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «المرء مع من أحَبَّ».
فإذا كنت تحبُّ الله ورسولَه، فستُحشَر معه، وإن كنت تحبُّ النَّصارى، فستُحشر معهم أيضًا، فاختَر لنفسك.
قال رسولنا الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «يا أيُّها النَّاس: ألا إنَّ ربَّكم واحد، وإنَّ أباكم واحد، ألاَ لا فضْلَ لعربي على أعجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمرَ على أسود، ولا لأسْوَد على أحمر، إلاَّ بالتَّقْوى»؛ ("مسند أحمد": 22978، وصحَّحه الألبانِيُّ) .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13].
عندما كُنَّا قلبًا واحدًا، وجسدًا واحدًا، نعيش بالإسلام وللإسلام، كُنَّا أعِزَّة، عندما كان المهاجرون يُحاربون أهلهم من قريش، ويتآخون مع سَلْمان الفارِسيِّ، وبلالٍ الحبَشي، وصُهَيبٍ الرُّومي، كانوا أعزَّة، نعم عندما كانت رابطةُ الإسلام أقوى من رابطة النَّسَب، عندما كانوا يتمسَّكون بكتاب الله وسُنَّة رسوله ويُطَبِّقون الدِّين.
فتمَسَّكوا بِهُويَّتكم يا أُسُود الإسلام، ولا تكونوا خِرَافًا للغرب، وطَبِّقوا دينكم، وارفَعوا رؤوسكم؛ فأنتم تنتسبون لخيرِ أُمَّة؛ {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، وليس معنى بُغْضِهم أنْ نَظلِمَهم ونفتري عليهم ونبخسَهم حقَّهم، فقد قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].
__________________________________________________
الكاتب: ريهام سامح