وقل الحمد لله....
ومن وسائل وأسباب التعرف على الله تعالى أن نتعرف على الله تعالى من خلال أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته
العناصر الأساسية:
العنصر الأول: من أسماء الله الحسنى ( الحميد).
العنصر الثاني: دلالة اسم الله (الحميد).
العنصر الثالث: تفاعل المسلم وتجاوبه مع اسم الله ( الحميد).
العنصر الرابع: الواجب العملي النابع من الإيمان باسم الله (الحميد).
(الموضوع)
**********
أيها الإخوة المؤمنون:إن أحد أهم المطالب الشرعية في حياة الإنسان أن يتعرف هذا الإنسان على ربه،يتعرف الإنسان على ربه من خلال الإيمان بالرسل وبالوحي الذي أنزل إليهم، يتعرف الإنسان على ربه من خلال التفكر في خلق السموات والأرض،يتعرف الإنسان على ربه من خلال النعم التى أسبغها الله تعالى عليه،ومن وسائل وأسباب التعرف على الله تعالى أن نتعرف على الله تعالى من خلال أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته قال الله تعالى ﴿ وَلِلَّهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا ۖ ﴾
وبداية من يومنا هذا وعلى مدار ( الشهر) نحن على موعد في كل جمعة نتحدث فيها عن (اسم) من أسماء ربنا أو عن (صفة) من صفات جلاله سبحانه وتعالى وكماله قال النبي عليه الصلاة والسلام «( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)»
ويومنا هذا مع اسم الله (الحميد) قال الله عز وجل {﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ ﴾}
وقال عز من قائل {﴿ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ ﴾}
وعن عقبة بن عمرو رضى الله عنه قال : أتانا رسولُ اللهِ ﷺ ونحن في مجلسِ سعدِ بنِ عُبادةَ ، فقال له بشيرُ بنُ سعدٍ : أَمَرَنا اللهُ تعالى أن نُصَلِّيَ عليك يا رسولَ اللهِ ، فكيف نُصَلِّي عليك ؟ قال: فسَكَتَ رسولُ اللهِ ﷺ حتى تَمَنَّيْنا أنه لم يَسْأَلْه . ثم قال رسولُ اللهِ ﷺ : قولوا : اللهمَّ، صلِّ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما صلَّيْتَ على آلِ إبراهيمَ ، وبارِكْ على محمدٍ وعلى آلِ محمدٍ، كما بارَكْتَ على آلِ إبراهيمَ ، في العالمين إنك حميدٌ مجيدٌ .
أيها الإخوة الكرام: اسم الله (الحميد) ورد في القرآن الكريم سبعة عشر مرة..
ورد في سورة البقرة مرة،وفي سورة النساء مرة، وفي سورة هود مرة،وفي سورة ابراهيم ثلاث مرات، وفي سورة الحج مرتين، وذكر اسم الله الحميد في لقمان مرتين، أما في سبأ وفي فاطر وفي فصلت، والشورى والحديد والممتحنة والبروج فقد أتى القرآن على ذكر اسم الله (الحميد) في كل سورة منهن مرة واحدة.
الحميد من أسماء الله -سبحانه- الحسنى:
الحميد: على وزن فعيل من صيغة المبالغة، والحميد معناه : الذي يحمده من في السماوات ومن في الأرض، فجميع المخلوقات ناطقة بحمده.
والحميد سبحانه وتعالى:
هو الذي يحمد في الأمور كلها، ويحمد في جميع الأحوال، في السراء يحمد، وفي الضراء يحمد، وفي الرخاء يحمد، والشدة يحمد.. له الحمد اولا وآخرا وظاهرا وباطنا..
قَالَ النبي عليه الصلاة والسلام «( إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ فَيَقُولُونَ نَعَمْ فَيَقُولُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي فَيَقُولُونَ حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ)»
الحَمِيدُ سُبْحَانَهُ وتعالى:
هُوَ المُسْتَحِقُّ لِلْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ، حَمِدَ نَفْسَهُ فَقَالَ تَعَالَى: {﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾}
فَهُوَ سُبْحَانَهُ المَحْمُودُ عَلَى مَا خَلَقَ وَعلى ما شَرَعَ، وَعلى ما وَهَبَ وَعلى ما نَزَعَ، وَهو المحمود على ما أعْطَى وَعلى ما مَنَعَ، عَلَا سبحانه بِذَاتِهِ وَشَأْنِهِ فَارْتَفَعَ، وَأَمْسَكَ السَّمَاءَ عَنِ الأَرْضِ أَنْ تَقَعَ، وَفَرَشَ الأَرْضَ فَانْبَسَطَ سَهْلُهَا وَاتَّسَعَ، حَمِدَ نَفْسَهُ، وَحَمِدَهُ المُوَحِّدُونَ، فَلَهُ الحَمْدُ كُلُّهُ.
حَمِدَ (الحميد) سبحانه وتعالى نَفْسَهُ عَلَى إِنْزَالِ كُتُبِهِ فَـقال ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ولم يجعل له عوجا ﴾
وَحَمِدَ (الحميد) سبحانه وتعالى نَفْسَهُ عَـلَى خَـلْقِ السَّمَـاوَاتِ وَالأَرْضِ فقال: {﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ﴾}
وَحَمِدَ (الحميد) سبحانه وتعالى نَفْسَهُ عَلَى كَمَالِ مُلْكِهِ فقال: {﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ﴾}
فَحَمْده سبحانه مَلَأَ الزَّمَانَ وَالمَكَانَ وَالأعْيَانَ وَعَمَّ الأَقْوَالَ كُلَّهَا، { ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴾}
ذكر الإمام ابن القيم عليه رحمة الله أن الله تعالى ( حميد) من وجهين اثنين :
الوجه الأول: أن جميع المخلوقات من الإنس والجن والملك والطير والبهائم والهوام مما نعلم ومما لا نعلم الجميع ينطق بحمده سبحانه وتعالى..
فكل حمد وقع من أهل السماوات والأرض من الأولين منهم ومن الآخرين، وكل حمد يقع منهم في الدنيا والآخرة، وكل حمد لم يقع منهم بل كان مفروضاً ومقدراً حيثما تسلسلت الأزمان واتصلت الأوقات، حمداً يملأ الوجود كله العالم العلوي والعالم السفلي..
فإن الله تعالى مستحقه من وجوه كثيرة : منها أن الله تعالى هو الحميد لأنه هو الذي خلقهم، وهو الذي رزقهم، وهو الذي أسبغ عليهم النعم الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وهو حميد لأنه الذي صرف عنهم النقم والمكاره، فما بالعباد من نعمة فمن الله، ولا يدفع الشرور إلا هو، فيستحق منهم أن يحمدوه في جميع الأوقات، وأن يثنوا عليه ويشكروه بعدد اللحظات.
{﴿ تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِۦ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ }
ورد أن عروة بن الزبير قطعت رجله لمرض أصابه.
وفي اليوم نفسه توفي أعز أبنائه السبعة على قلبه بعد ان رفسته فرس ومات.
فقال عروة : اللهم لك الحمد وإنّا لله وإنّا إليه راجعون، أعطاني سبعة أبناء وأخذ واحدًا، وأعطاني أربعة أطراف وأخذ واحدًا، إن ابتلى فطالما عافى، وإن أخذ فطالما أعطى، وإني أسأل الله أن يجمعني بهما في الجنَّة.
ومرت الأيام ... وذات مرة دخل عروة إلى مجلس الخليفة، فوجد شيخًا طاعنًا في السن مهشم الوجه أعمى البصر،
فقال الخليفة: يا عروة سلْ هذا الشيخ عن قصته.
قال عروة: ما قصتك يا شيخ ؟
قال الشيخ: يا عروة اِعلمْ أني بت ذات ليلة في وادٍ، وليس في ذلك الوادي أغنى مني ولا أكثر مني مالًا وحلالًا وعيالًا، فأتانا السيل بالليل فأخذ عيالي ومالي وحلالي، وطلعت الشمس وأنا لا أملك إلا طفلا صغيرا وبعيرا واحدا، فهرب البعير فأردت اللحاق به، فلم أبتعد كثيرا حتى سمعت خلفي صراخ الطفل، فالتفتُ فإذا برأس الطفل في فم الذئب، فانطلقت لإنقاذه فلم أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه، فعدت لألحق بالبعير فضربني البعير بخفه على وجهي، فهشم وجهي وأعمى بصري !!!
قال عروة:وما تقول يا شيخ بعد هذا؟
فقال الشيخ:أقول اللهم لك الحمد، فقد ترك لي قلبًا عامرًا ولسانًا ذاكرًا.
ثم إنه سبحانه وتعالى يستحق الحمد ( وما زال الكلام لابن القيم عليه رحمة الله) يقول ثم إنه سبحانه وتعالى يستحق الحمد ليلا ونهارا سرا وجهارا من وجه آخر:
وهو أنه سبحانه وتعالى يحمد على ما له من الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا والمدائح والمحامد والنعوت الجليلة الجميلة، فله كل صفة كمال وله من تلك الصفة أكملها وأعظمها، فكل صفة من صفاته يستحق عليها أكمل الحمد والثناء، فكيف بجميع الأوصاف المقدسة، فله الحمد لذاته، وله الحمد لصفاته، وله الحمد لأفعاله، وله الحمد على خلقه، وعلى شرعه، وعلى أحكامه القدريّة، وأحكامه الشرعيّة، وأحكام الجزاء في الأولى والآخرة، وتفاصيل حمده وما يحمد عليه لا تحيط بها الأفكار، ولا تحصيها الأقلام.
أما عن اسم الله ( الحميد) في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقد كان رسول الله يحمد الله تعالى في الأمور كلها فكان
«إِذَا أَمْسَى قَالَ أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ لِلَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ،لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ....... وَإِذَا أَصْبَحَ قَالَ: أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ الْمُلْكُ لِلَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ» ....
وإذا أكل أو شرب قالَ: «"الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا"»
وإذا آوى إلى فراشه قال: باسمك اللهم أموت وأحيا، وإذَا قام من نومه قَالَ: "الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أحْيَانَا بَعْدَ ما أمَاتَنَا، وإلَيْهِ النُّشُورُ"
وإذا استجدَ ثوبًا ليلبسه: سمَّاهُ باسمِهِ، عِمامةً، أو قميصًا، أو رِداءً، ثمَّ يقولُ: "اللَّهمَّ لَكَ الحمدُ أنتَ كسوتَنيهِ، أسألُكَ خيرَه، وخيرَ ما صُنعَ لَه، وأعوذُ بِكَ من شرِّه، وشرِّ ما صُنِعَ لَهُ"، وكذلك إذا عطس أو ركب دابته قال الحمد لله...
وعَنْ عَائِشَةَ (رضي الله عنها) قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى اللهُ عليه وسلم) إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ"
أما عن صلاته صلى الله عليه وسلّم فلقد كان يحمد ربه في كل ركعة من ركعات صلاته كان يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ بعد قوله ( سمع الله لمن حمده) "اللَّهُمَّ ربَّنَا لَكَ الحَمْدُ مِلءَ السَّمَاوَاتِ، وَمِلءَ الأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا، وَمِلءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ".
وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: "
«اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ مَالِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ حَقٌّ وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ » وعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ « كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ وَقَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ الْمُتَكَلِّمُ آنِفًا فَقَالَ الرَّجُلُ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهُنَّ أَوَّلُ.. »
ولن نذهب بعيدا: فلا تصح صلاة عبد في ليل أو نهار، سنة كانت أو فرضا إلا أن يقرأ المصلي أو يقرأ الإمام على مسامع المصلي( الحمد لله رب العالمين) قال النبي عليه الصلاة والسلام (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ)
الشاهد:
أن قدوتنا وأسوتنا ( رسول الله صلى الله عليه وسلّم) كان يحمد الله في كل وقت وفي كل مكان ولنا فيه أسوة حسنة، فهو صلى اللهُ عليه وسلم إمام الحمادين ، وبيده لواء الحمد يوم القيامة؛ إذ يقول: " أنا سيِّدُ ولدِ آدمَ يومَ القيامةِ ولا فخرَ، وبيدي لِواءُ الحمدِ ولا فخرَ، وما مِن نبيٍّ يَومئذٍ آدمَ فمَن سِواهُ إلَّا تحتَ لِوائي".
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه ولي ذلك وهو على كل شيء قدير
الخطبة الثانية
بقى لنا في ختام الحديث عن اسم الله الحميد أن نقول: وماذا يقتضيه إيماننا باسم الله ( الحميد)؟ وإن شئتم فقولوا وما الواجب العملي الذي يحتمه علينا تفاعلنا وتجاوبنا وإيماننا باسم الله الحميد؟
إيماننا باسم الله الحميد يدعونا إلى أن نؤمن بأن الله تعالى يحب الثناء الجميل، ويحب أن يذكر فلا ينسى، ويحب أن يطاع فلا يعصى، ويحب أن يشكر فلا يكفر..
إيماننا باسم الله الحميد يدعونا إلى أن نملأ صحف أعمالنا وكتاب حسناتنا وأن نثقل موازين أعمالنا بهذه الكلمة التي يحبها الله سبحانه وتعالى..
قال النبي عليه الصلاة والسلام «(كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ)»
إيماننا باسم الله الحميد يدعونا لأن نكون من (الحمادون):
الذين رطبوا ألسنتهم ب «( الحمد لله رب العالمين) » في السراء يقولون «( الحمد لله رب العالمين) » وفي الضراء يقولون «( الحمد لله رب العالمين)»
وإذا أعطوا يقولون( الحمد لله رب العالمين)، وإذا منعوا يقولون «( الحمد لله رب العالمين)»
وإذا وهب لهم قالوا ( الحمد لله رب العالمين)، وإذا أخذ منهم قالوا «( الحمد لله رب العالمين)»
إيماننا باسم الله الحميد يدعونا لأن نجعل ( الحمد لله) وردا من أورادنا نختم بها صلاتنا، نطهر بها بيوتنا، نعطر بها مجالسنا، ونرطب بها ألسنتنا..
«قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ لِأَصْحَابِهِ قُولُوا سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ مَنْ قَالَهَا مَرَّةً كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا وَمَنْ قَالَهَا عَشْرًا كُتِبَتْ لَهُ مِائَةً وَمَنْ قَالَهَا مِائَةً كُتِبَتْ لَهُ أَلْفًا وَمَنْ زَادَ زَادَهُ اللَّهُ وَمَنْ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ غَفَرَ لَهُ. »
الحمد لله: إحدى أحب الكلام إلى الله سبحانه وتعالى مع سبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، الحمد لله كلمة ترضي الله سبحانه وتعالى لأنه سبحانه وتعالى هو ( الحميد)، الحمد لله هى كلمة تملأ ميزان العبد خيرا وأجرا يوم القيامة..
الحمد لله كلمة إذا خرجت من قلب الإنسان بإخلاص، ومن لسان الإنسان بصدق حيرت الملائكة في كتابة أجرها وثوابها..
ورد عند الإمام أحمد عليه رحمة الله أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ قَالَ يَا رَبِّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَلِعَظِيمِ سُلْطَانِكَ فَعَضَّلَتْ بِالْمَلَكَيْنِ فَلَمْ يَدْرِيَا كَيْفَ يَكْتُبَانِهَا فَصَعِدَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَا يَا رَبَّنَا إِنَّ عَبْدَكَ قَدْ قَالَ مَقَالَةً لَا نَدْرِي كَيْفَ نَكْتُبُهَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا قَالَ عَبْدُهُ مَاذَا قَالَ عَبْدِي قَالَا يَا رَبِّ إِنَّهُ قَالَ يَا رَبِّ لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلَالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمَا اكْتُبَاهَا كَمَا قَالَ عَبْدِي حَتَّى يَلْقَانِي فَأَجْزِيَهُ بِهَا.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته إنه ولي ذلك وهو على كل شيء قدير.
- التصنيف: