ماذا يقول من استيقظ بالليل؟
قال ﷺ: «مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ،..... ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ»
- التصنيفات: الذكر والدعاء -
من استيقظ بالليل، فإنه يُسنُّ له قول هذا الذكـر:
وهو ما جاء في حديث عُبادَة بن الصامت رضي الله عنه عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ»[1].
قال ابن الأثير رحمه الله: «مَن تَعارَّ منَ الليلِ». أي هبَّ من نومه، واستيقظ[2].
وفي هذا الحديث بشارتان عظيمتان، لمن قال إذا هبَّ من نومه: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شـيءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ».
الأولى: إن قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي»، أو دعا فإنَّ دعوته مستجابة.
الثانية: إن قام فتوضأ، وصلَّى فصلاته مقبولة.
فالحمد لله الذي منَّ علينا بهذه الفضائل والمنح، ونسأله التوفيق للعمل والإخلاص فيه.
فائدة:
اختُلف في معنى (تعارَّ) في الحديث السابق:
فقيل: انتبه. وقيل: أنَّ وفزع. وقيل: اليقظة مع صوت.
وقيل: استيقظ. وقيل: غير ذلك.
وتقدَّم قول ابن الأثير، وكذا نقله عنه ابن منظور في لسان العرب، أنَّها بمعنى: استيقظ، وهبَّ من نومه، وكذا فسرها شيخ الإسلام: ابن تيمية رحمه الله حيث قال بعد ذكره لحديث عبادة رضي الله عنه السَّابق: «فقد أخبر أن هذه الكلمات الخمس، إذا افتتح بها المستيقظ من الليل كلامه، كان ذلك سببًا لإجابة دعائه، ولقبول صلاته، إذا توضأ بعد ذلك»[3].
وكذا فسرها الشيخ ابن باز رحمه الله قال بعدما أورد حديث عبادة رضي الله عنه: «ومعنى قوله: (من تعار) أي: استيقظ»[4].
وهذا من فضل الله تعالى الواسع، فينبغي لمن بلغه هذا الفضل ألّا يفرط فيه.
قال ابن حجر رحمه الله: «قال ابن بطَّال: وعد الله على لسان نبيه أنَّ من استيقظ من نومه لهجاً لسانه بتوحيد ربه، والإذعان له بالمُلْك، والاعتراف بنعمة يحمده عليها، وينزهه عما لا يليق به تسبيحه، والخضوع له بالتكبير، والتسليم له بالعجز عن القدرة إلا بعونه، أنه إذا دعاه أجابه، وإذا صلَّى قُبِلَت صلاته، فينبغي لمن بلغه هذا الحديث أن يغتنم العمل به، ويخلص نيته لربه»[5].
وبهذه السُّنَّة ننتهي من عرض السُّنَن الموقوتة؛ لأنَّ ما بعدها هي سُنَن: الاستيقاظ من النوم، التي بدأنا بها وأولها السِّواك، وقول: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ».
مستلة من كتاب: المنح العلية في بيان السنن اليومية
[1] رواه البخاري برقم (1154).
[2] انظر: النهاية في غريب الأثر، لابن الأثير (ص108) مادة: (تعر)، وانظر: أيضاً لسان العرب لابن منظور، تحت مادة: (تعر) أيضاً.
[3] مجموع فتاواه (22/ 479 ).
[4] مجموع الفتاوى، والمقالات المتنوعة الجزء (26) صفحة (43) تحت فصل: فيما يشـرع من الذكر، والدعاء عند النوم، واليقظة.
[5] الفتح، حديث (1154)، باب: فضلِ مَن تعارَّ منَ الليلِ فصلَّى.