القول في التهجد بالليل
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» [1].
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: كَانَ إِذَا هَبَّ مِنَ اللَّيْلِ كَبَّرَ اللهَ عَشْرًا، وَحَمِدَ اللهَ عَشْرًا، وَقَالَ: «بِاسْمِ اللهِ وَبِحَمْدِهِ» عَشْرًا، وَقَالَ: «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» عَشْرًا، وَاسْتَغْفَرَ عَشْرًا، وَهَلَّلَ اللهَ عَشْرًا، وَقَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا وَضِيقِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» عَشْرًا، ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ[2].
عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: ((أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَهِيَ خَالَتُهُ فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ وِسَادَةٍ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ - أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ - فَاسْتَيْقَظَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ، فَتَوَضَّأَ، فَأَحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَصَنَعْتُ مِثْلَهُ، فَقُمْتُ إِلَى جَنْبهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي يَفْتِلُهَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى الصُّبْحَ))[3].
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا نَامَ الْعَبْدُ عَلَى فِرَاشِهِ - أَوْ عَلَى مَضْجَعِهِ مِنَ الْأَرْضِ الَّتِي هُوَ فِيهَا - فَانْقَلَبَ فِي لَيْلَتِهِ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَيُّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا لَمْ يَنْسَنِي فِي هَذَا الْوَقْتِ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ رَحِمْتُهُ، وَغَفَرْتُ لَهُ ذُنُوبَهُ، أَوْ غَفَرْتُ لَهُ وَرَحِمْتُهُ» [4].
[1] صحيح: وأخرجه البخاري (1120)، (6317)، (7385)، (7442)، (7499)، وفي ((الأدب المفرد)) (697)، وفي ((خلق أفعال العباد)) (484)، ومسلم (769)، وأبو داود (771)، (772)، والنسائي في ((المجتبى)) (3/209، 210)، وفي ((عمل اليوم والليلة)) (868)، وفي ((الكبرى)) (7656 - 7658)، والترمذي (3418)، وابن ماجة (1355)، وأحمد (1/298، 308، 358، 366)، ومالك في ((الموطأ)) (188)، وعبد الرزاق (2564)، (2565)، والحميدي (495)، وابن أبي شيبة (10/259، 260)، وعبد بن حميد (621)، والدارمي (1486)، وابن خزيمة (1151)، (1152)، وابن أبي الدنيا في ((التهجد وقيام الليل)) (38)، ومحمد بن نصر في ((قيام الليل)) (ص48 - مختصره)، والبزار (4840)، (4859)، وأبو يعلى (2404)، وأبو عوانة (2227 - 2232)، وابن حبان (2597 - 2599)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (1270)، (2572)، (2573)، الطبراني في ((المعجم الكبير)) (10987)، (10993)، (11012)، وفي ((الدعاء)) (753 - 761)، وأبو الشيخ في ((أحاديث أبي الزبير عن غير جابر)) (13)، (117)، (119)، وابن منده في ((التوحيد)) (249)، (312)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (1757 - 1759)، وفي ((الحلية)) (4/17) ، (6/181)، وسعيد بن منصور في ((تفسيره)) (6/143) رقم (1305)، والأصبهاني في ((الحجة في بيان المحجة)) (36)، وفي ((الترغيب والترهيب)) (1302)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (760)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (3/4، 5)، وفي ((الصغير)) (803)، وفي ((الدعوات الكبير)) (370)، (371)، وفي ((الآداب)) (992)، وفي ((الأسماء والصفات)) (18، 411)، والخطيب في ((الفصل للفصل المدرج في النقل)) (1/572 - 577) رقم (60)، والبغوي في ((شرح السنة)) (950)، وفي ((التفسير)) (5/224)، وفي ((الشمائل)) (569)، والشجري في ((الأمالي)) (991)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (55/180)، وغيرهم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وانظر شرح الحديث في: ((فتح الباري)) (3/5 - 8)، (11/122)، (13/440) ط دار الريان، و((شرح مسلم)) للنووي (6/390، 391)، و((شرح السنة)) للبغوي (4/69)، وغيرهم، والله أعلم.
[2] إسناده ضعيف: أخرجه النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (871)، وأبو داود (5085)، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/457)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (761)، والحافظ ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/120)، وغيرهم من طريقين عن بقية بن الوليد، قال: حدثني شَرِيقٌ الهَوْزَني، قال: دخلت على عائشة فسألتها: ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفتتح الصلاة إذا هب من الليل؟ ... فذكره.
قال الحافظ ابن حجر في ((النتائج)) (1/121): (هذا حديث حسن ....) وبقية صدوق؛ لكنه يدلس ويسوي عن الضعفاء، وقد أمن ذلك في هذا الإسناد؛ فإنه وقع في رواية النسائي تصريحه بتحديث شيخه له به.
وشيخه عمر بن جُعْثُم روى عنه جماعة ولم أقف فيه على جرح ولا تعديل؛ إلا أن ابن حبان ذكره في ((الثقات))، وأبوه - بضم الجيم والمثلثة بينهما عين مهملة - فرد في الأسماء.
وشيخ شيخه شريق - بوزن عظيم - ما روى عنه سوى أزهر، ولم أقف فيه على جرح ولا تعديل. أ.هـ.
وانظر: ((الميزان)) للذهبي (2/269).
قلت (طارق): وفي ((التقريب)): (لا يعرف)، وقال عن عمر بن جعثم: (مقبول)، حيث يتابع، وإلا فلين، ولم يتابع؛ فأنى له الحسن؟!
ومن طريق آخر عن عائشة رضي الله عنها بنحوه:
أخرجه أبو داود (766)، والنسائي في ((المجتبى)) (3/208، 209، 8/284)، و((السنن الكبرى)) (1317، 7976) ومن طريقه الأصبهاني في ((الترغيب والترهيب)) (331)، وابن أبي شيبة (10/260)، وعنه ابن ماجة (1356)، والطبراني في ((مسند الشاميين)) (2048)، وابن حبان (2602)، والبغوي في ((شرح السنة)) (951)، وفي ((تفسيره)) (4/246)، وفي ((الشمائل)) (599)، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (1/457)، وغيرهم من طريق معاوية بن صالح: حدثنا أزهر بن سعيد عن عاصم بن حميد عن عائشة به.
قلت: إن لم يكن أزهر بن سعيد الحرازي هو أزهر بن عبد الله الحرازي، كما تقدم، وإلا فقد اختلف عليه فيه.
وأخرجه النسائي في ((عمل اليوم والليلة)) (870)، وفي ((الكبرى)) (10706) ومن طريقه الحافظ ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/121)، وأحمد (6/143)، والمروزي في ((قيام الليل)) (ص48 - مختصره)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (1273)، وابن عدي في ((الكامل)) (1/409)، والطبراني في ((الأوسط)) (8427)، وغيرهم من طريق يزيد بن هارون، قال: أخبرنا الأصبغ بن زيد عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان: حدثني ربيعة الجرشي عن عائشة بنحوه.
قال ابن عدي في ((الكامل)) (1/409): وهذه الأحاديث غير محفوظة يرويها عنه يزيد بن هارون، ولا أعلم روى عن أصبغ هذا - يعني هذه الأحاديث بهذا الإسناد - غير يزيد بن هارون.
قلت (طارق): وأصبغ فمن رجال أصحاب السنن، ورواية أبي داود له في كتابه ((المسائل))، وقد وثقه ابن معين، وأبو داود، والدارقطني، وقال أحمد والنسائي، وأبو حاتم: لا بأس به، وضعفه ابن سعد، ومسلمة بن قاسم، وقال ابن حبان: يخطئ كثيراً، لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد، والله أعلم.
[3] صحيح: أخرجه البخاري (138، 183، 992، 1198، 4569، 4570، 4571، 4572، 6215، 6216، 7452)، ومسلم (763) - (191)، وأبو عوانة (2/316، 321)، ومالك في ((الموطأ)) 7- صلاة الليل، 2- صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في الوتر، (11)، وأبو داود (58، 1353، 1354، 1355، 1367)، والترمذي في ((الشمائل)) (252)، والنسائي (1619، 17094، 1705)، وفي ((السنن الكبرى)) (1344)، وابن ماجة (1363)، والحاكم (3/536)، وأحمد (1/242، 275، 350، 358، 373)، وعبد بن حميد (672)، وابن نصر في ((قيام الليل)) [مختصره (ص108، 121، 124)]، والطبراني في ((الكبير)) (10/رقم: 10648، 10649) مطولًا، (10/رقم: 10653 - 10655)، وفي ((الدعاء)) (759 - 761) مطولًا، وفي ((الأوسط)) (38)، وابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (762، 764)، البيهقي في ((السنن الكبرى)) (3/7)، وفي ((الدعوات الكبير)) (64)، وابن أبي الدنيا في ((التهجد وقيام الليل)) (6/5)، وابن خزيمة (448، 449)، وأبو يعلى (2545)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1/286، 287)، وفي ((المشكل)) (12، 13)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (1246)، وأبو الشيخ في ((أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم)) (551)، وأبو محمد الجوهري في ((حديث أبي الفضل الزهري)) (294)، وأبو نعيم في ((المستخرج)) (1749)، والسراج (2037)، والبغوي في ((شرح السنة)) (906)، وفي ((تفسيره)) (1/603، 604)، والشجري في ((الأمالي)) (972)، وابن عساكر في ((تاريخه)) (57/280)، وأبو أحمد الحاكم في ((شعار أصحاب الحديث)) (79)، والحافظ ابن حجر في ((نتائج الأفكار)) (1/185، 265)، وغيرهم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وانظر: ((التتبع)) (ص324) رقم: (170)، و((بين الإمامين مسلم والدارقطني)) (ص164 وما بعدها)، و((فتح الباري)) (2/484)، والله أعلم.
[4] إسناده ضعيف جداً: أخرجه ابن السني في ((عمل اليوم والليلة)) (755) من طريق يعقوب بن الجهم ثنا عمرو بن جرير عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس مرفوعاً به.
قلت: إسناده ضعيف جداً؛ يعقوب بن الجهم روى أحاديث باطلة؛ قال ابن عدي: البلاء منه.
انظر: ((الكامل)) (7/150)، والله أعلم.
وفي الباب عن ربيعة بن كعب رضي الله عنه بإسناد صحيح تقدم تخريجه.
وعن أبي موسى رضي الله عنه قوله: ((اللهم إنك مؤمن تحب المؤمن، ومهيمن تحب المهيمن، سلام تحب السلام، صادق تحب الصادق))، أخرجه ابن أبي شيبة (10/260، 261) بإسناد صحيح.
_________________________________________________
الكاتب: الشيخ طارق عاطف حجازي
- التصنيف: