اقتراب نهاية دولة آل الأسد في سوريا
ملفات متنوعة
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
اقتراب نهاية دولة آل الأسد في سوريا
جمال سلطان | 30-10-2011 23:00
المصريون
الطغاة بطبيعة تكوينهم لا يقبلون الموعظة، لا بالمثال ولا بالكلام، الطاغية دائماً ينظر إلى نفسه باعتباره فوق كل شيء! وأنه حالة فريدة لا يشبهه أحد ولا يشبه أحداً، وغرور القوة يضلله، ويعمي عينه عن تبصُّر مآلات الأمور، كما أن دوائر الخوف التي يحيط بها نفسه تتحول تلقائياً إلى دوائر من النفاق المعتق، تحرمه من وجود أهل العقل والحكمة والنظر الذين يخلصون له النصيحة ولو آلمته، فالكل يحرص على نفاقه ويعرف من طبيعة مخالطته للطاغية أنه لن يستجيب للنصح إن لم يبطش بالناصح أو يهمشه أو يجعله دائماً موضع الاتهام!! فتتحول المنظومة التي حوله إلى مجرد تنابلة يسبحون بحمده وشكره ويهللون لكلامه وحكمته ويسجدون أمام إرادته وأمانيه .
أمس: قال الرئيس السوري بشار الأسد في حوار مع صحيفة بريطانية أن أي مساس به سوف يحرق المنطقة كلها، ويحولها إلى كابوس، وأضاف أن سوريا -يقصد نفسه طبعاً- ليست مصر وليست تونس وليست اليمن، وكان حسني مبارك وزمرته بعد نجاح ثورة الشعب التونسي قد قالوا أن مصر ليست تونس، وظلوا على هذه العنجهية حتى اجتاحهم طوفان الشعب المصري في ثورة يناير، وبعد نجاح ثورة الشعب المصري بدأ الشعب الليبي في انتفاضته ضد طغيان القذافي وجنونه، وبنفس الطريقة قال القذافي ونجله سيف الإسلام في خطبهم التليفزيونية المترعة كبراً وعجرفة أن ليبيا ليست مصر وليست تونس! وظلوا على هذا الضلال حتى اجتاحهم طوفان الشعب الليبي في ثورته التي تحولت إلى ثورة مسلحة بعد استباحة القذافي بجيشه وطيرانه وبوارجه ودباباته للمدن الليبية، وبعد انتصار ثورة الشعب الليبي ها نحن نقف على نفس العبارة، وكأنها شريط مسجل يتداوله الطغاة، وهذه المرة مع بشار الأسد ليقول أن سوريا ليست مصر وليست تونس، والمؤكد -بإذن الله- أن هذا الطاغية سوف ينتهي كما انتهى طغاة مصر وتونس وليبيا الذين قالوا نفس قولته .
بشار الأسد شابٌ أرعن قليل الخبرة، لم يكن والده قد أعده للرئاسة وإنما لدراسة الطب، ولكن بعد وفاة شقيقه الذي كان أبوه يعده لوراثته في حادث سيارة مفاجئ قام حافظ الأسد باستدعاء بشار من بريطانيا لكي يجهز له "الشقة المفروشة"، وهي شقة بحجم سوريا، ولمَّا كان سنه صغيراً لا يسمح له بتولي الرئاسة حسب نص الدستور، قامت "العصابة" بتعديل مادة في الدستور خلال نصف ساعة فقط لكي يكون سن الترشح للرئاسة على مقاس الولد، وجلس بشار على عرش دولة لم يبق لها من شكل الدولة إلا أدوات القمع والبلطجة، وعدد لا يحصى من المؤسسات والأجهزة الأمنية والاستخبارية، وجيش تم تركيبه وفق خبرة طائفية دقيقة تسمح بأن يستولي على قيادته وقراره أبناء الطائفة العلوية الذين لا يشكلون أكثر من خمسة في المائة من مجموع السكان وينتمي إليهم بيت الأسد، كما تراكمت في سوريا منظومة ضخمة من الفساد المالي وتجارة المخدرات وتهريب النفط، متشعبة ومتسعة بين كبار رجال الدولة من أول آل الأسد وأصهارهم وأخوالهم وأعمامهم إلى شخصيات أخرى مثلت دعماً تاريخياً للنظام .
ووفق هذه التركيبة يمكن لأي باحث أن ينتهي إلى أن نظام الأسد غير قابل للإصلاح أساساً، لأن أي خطوة في اتجاه إصلاح حقيقي تعني انهيار هذه المنظومة الأمنية والمالية والطائفية والعائلية، وهو ما يعني زوال دولة آل الأسد، ولذلك من المفهوم تماماً أن ما يفعله بشار الأسد الآن من سفك مستمر لدماء شعبه، هو لا يصدر فيه عن عناد، وإنما عن إدراك بأنها معركة مصير مع شعبه، إما أن ينتصر الشعب وإما أن تنتصر عصابة الأسد، وعندما أرسل المجتمع الدولي وزير خارجية تر كيا للوساطة وحث الأسد على أن يسارع في الإصلاح استقبل الوفد بابتسامة عريضة وترحاب كبير ولكنه في نفس الأسبوع أكرم ضيفه بقتل أكثر من مائة رجل وامرأة وطفل، وعندما ناشده وزير الخارجية الروسي -أبرز داعميه دولياً- أن يسارع باتخاذ خطوات إيجابية للإصلاح أجابه عملياً بقصف بعض مدنه بالبوارج الحربية من البحر وتحريك المزيد من الدبابات في شوارع المدن، وعندما أرادت الجامعة العربية مؤخراً أن تمد له حبل النجاة بالتوسط بينه وبين قيادات المعارضة من أجل الوصول إلى حل، رحب بهم ثم أكرم وفادتهم حتى عندما كانوا هناك في دمشق بزيادة معدلات القتل، حتى وصل ضحاياه أول أمس إلى خمسة وأربعين قتيلاً في يوم واحد!!
هذا طاغية نمطي، لا يعرف كيف يتعظ ممن سبقوه ورأى مصيرهم رأي العين، ولا يقتنع بالكلام، أمثال هؤلاء لا يقتنعون إلا بالرصاص والدم وكسر الرقاب، وقد بدأت دائرة الانشقاقات تتسع في جيشه، وبدأ الانهاك يبدو واضحاً على أجهزته الأمنية مما استدعى زيادة الاستعانة بالبلطجية، والمؤكد أن المجتمع الدولي لن يقف متفرجاً طويلاً على هذا العبث والجنون الذي يمارسه بشار الأسد في شعبه، كما أن هذه الوفود المتوالية التي ذهبت تحاول إقناعه بوقف القتل ستمثل تبرئة مسبقة للمجتمع الدولي عندما يقوم بما هو لازم لردع هذا الطاغية وغل يده عن رقاب شعبه قبل أن تكون نهايته على يد ثوار سوريا، إما كالقذافي الأب الذي قتل شر قتله وإما كالقذافي الابن سيف الذي يهيم على وجه في الصحراء لا يجد له مأوى، ولا أظن أن مثل بشار سوف يجد من يأويه على طريقة بن علي أو من يتلطف معه على طريقة مبارك .
[email protected]
-------------------------------------
في الأصل:
دائماً الطاغية ينظر إلى نفسه باعتباره فوق كل شيء!
قمت بتعديلها إلى:
الطاغية دائماً ينظر إلى نفسه باعتباره فوق كل شيء!
ولكم حرية الاختيار