تفنن في اختيار ما يليق بك

منذ 2023-09-15

اعتدنا تفسير مفهوم الجمال بالجمال الظاهر والواضح للعين، اعتدنا تفسيره بجمال الصورة والمظهر، وعمِيَتْ قلوبُنا عن الجمال الخفيِّ الحقيقي الذي يُحيي حُبَّ الجمال فينا!

إذا بحثنا عن الأشياء الجميلة في الكون، سنجد الكثير والكثير ممَّا يبهرنا بجماله ويأسِر القلوب بحُسْنه، لا حصر لما هو جميل في عالمنا؛ فصور وأشكال الجمال تتنوَّع، ولا يخلو مكان على الأرض منه، وإن كان صغيرًا.

 

الله خالق الكون وضَع في كل ركْنٍ منه شيئًا جميلًا وباهرًا ومختلفًا ورائعًا، فالله جميل يُحِبُّ الجمال؛ لذلك زيَّن أرضَه به؛ ليدلَّ على جمال صُنْعِه وإبداعه، فتزداد إيمانًا ويقينًا به، وليُمتَّعَ بَصَرُكَ وقلبُك؛ فليس الجمال فقط الذي تُبصِرُه بعينيك؛ وإنما أيضًا هذا الذي تُبصِره بقلبِكَ.

 

ألم أقل: إنه في كل ركن من أركان الكون يوجد شيءٌ جميل؟! كأن ترى بسمةَ طفلٍ فقيرٍ وسط ما يُحيط به من شدَّةِ الحال والضِّيق، أو أن تجِدَ مَنْ يفعل الخيرَ وسط عالمٍ كثُرَ فيه الشرُّ، أو أن تجِدَ ما يُسعِدُكَ، ويجعل الفرحة ملءَ قلبِكَ وسط يوم مملوءٍ بالمتاعب والمشاغل، وغير ذلك الكثير ممَّا قد لا تنتبَّه إليه، ولا تَعبأ بوجوده؛ فقد اعتدنا تفسير مفهوم الجمال بالجمال الظاهر والواضح للعين، اعتدنا تفسيره بجمال الصورة والمظهر، وعمِيَتْ قلوبُنا عن الجمال الخفيِّ الحقيقي الذي يُحيي حُبَّ الجمال فينا!

 

ألم أُخبرك أن الله سبحانه وتعالى يُحِبُّ الجمال؟ فماذا لو كانت لديك تلك الصفة التي يُحبُّها الله؟

 

ما أجملك حينذاك!

فابحث إذًا عن الجمال بشكل أعمق، الجمال الظاهري والباطني؛ لتنال صفةً من صفات الذهب المميَّز بجماله، وتحظى بصفة يُحبُّها خالقُكَ.

 

تُرَى هل عليك أن تُضيفَ لذاتِكَ كُلَّ ما هو جميل دون انتقاء؟!

إن فعلت فسيُرهِقُكَ الأمرُ كثيرًا، وستبدأ علامات التصنُّع في الظهور عليكَ؛ لذلك تفنَّنْ في اختيار ما يليق بك... فقط ما يليق بك؛ فما تنوَّعَ الجمالُ إلَّا ليأخذ كلٌّ منَّا ما يُناسبُه من هذا الجمال.

 

فعلى سبيل المثال تبدو إحدى الملابس جميلةً على شخص ما، وحين يحاوِلُ شخصٌ آخرُ تقليدَه تبدو غير ملائمة له، فما كان الجمال الحقيقي أبدًا بتقليد الآخرين، وإنما باختيار ما يُناسبُنا، وما يليق بنا ويتوافق مع مبادئنا، والأهمُّ اختيار الجميل عند الله سبحانه وتعالى.. فماذا تتمنَّى بعد أن تُصبح جميلًا عند خالق كل الجمال؟

 

الله يحب جمال مظهرِكَ الأنيق، وجمال قلبِكَ النقي، وجمال صُنْعِكَ الطيِّب، وجمال كلماتِكَ الحانية، وجمال إبصارك للجمال من حولك، وجمال إيمانك القوي به، يُحبُّكَ جميلًا في نفسِكَ، جميلًا بما يليق بكَ؛ فكُنْ أنت لا غيرك، وابحَثْ عن جمالِكَ الخاصِّ، جمالك كمسلم كي تكون جميلًا عند الله عز وجل ومميَّزًا بحُسْنِكَ كالذَّهَب الجميل.

________________________________________________________
الكاتب: منة شرع

  • 0
  • 0
  • 334

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً