أيها الإسلاميون.. وللشارع لغته

منذ 2011-11-13

أيها الإسلاميون.. وللشارع لغته

مجدي داود


من الطبيعي أن الدعاة والمفكرين وكذلك السياسيين يدركون جيدًا أن لكل مقام مقال، ولكل حادثٍ حديث، ولكل ثقافة خطابها، ولكل شعب لهجته، وكذلك للشارع لغته التي يفهمها.
حينما يتحدث التيار الإسلامي عن الانتخابات يتجاهل -حسبما أرى- بشكل أساسي احتياجات الناس، وما يرونه ضروريًا وملحًا وهامًا، وما يرون أنه من المستحيل التخلي عنه، فالتيار الإسلامي بات يتحدث في كثير من الأحيان بلغة لا يعرفها رجل الشارع، لا يعرفها الفلاح الذي يقضي النهار كله في أرضه يزرع ويحرث ويبذر، لا يعرفها الحداد في ورشته، ولا النجار ولا العامل في مصنعه، باتوا يتحدثون للنخبة وتركوا عوام الشعب.

من العجيب أن أجد في أحد المؤتمرات وفي منطقة ريفية أحد رموز الدعوة السلفية بالمنطقة وهو رمز شهير أيضًا على مستوى الدعوة في القطر المصري ككل، يتحدث عن رغيف الخبز وغيره من الأمور الضرورية لرجل الشارع وكأنها من الأمور التافهة، التي يجب أن يترفع عنها أبناء التيار السلفي، وكأن الشريعة هي تلك الأحكام فقط، وكأن اهتمامهم هو في الوصول إلى البرلمان فقط بغض النظر عن ظروف هذا الناخب.

أعلم أن الأمر ليس كذلك، وأن التيار الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه يضع حاجات الناس على رأس أولوياته، ولكن هذا لابد أن يترجم إلى خطاب موجه إلى الناس، لابد أن يترجم إلى أفعال تؤكد للناس أن الإسلاميين يعرفون ويدركون احتياجاتهم جيدًا، وأن تحقيق هذه الأمور على رأس أولوياتهم، بل إن الشريعة لن تحكم والناس جوعى، وإلا فهناك خلل وقصور في الرؤى.

عندما أسير في الشارع وأتحدث إلى أهل الريف البسطاء، يقولون: "أبناؤنا عاطلون، بلغوا من العمر ثلاثين عامًا ولا يزالون عزابًا، فهل الشريعة تحل هذه المشاكل؟!".
البسطاء يقولون: "نحن لا نفهم ما العلمانية، ولا نفهم الليبرالية، لكننا نفهم ظروفًا صعبة نعيشها، تحتاج إلى حلول، فهل لديكم حلول؟!".

هذه هي الأسئلة التي يطرحها علينا أهل الريف، فهم لم يسمعوا عن هذه المصطلحات التي نتحدث بها من قبل، وإن سمعوا عنها، فهم لا يشغلون أنفسهم بها، لأنهم مطحونون في أعمالهم، ومشاغلهم، للحصول على قوت أولادهم، وتربيتهم وتعليمهم، كما أنهم يرون نماذج سيئة من المنتسبين للتيار الإسلامي، ويرون أفعالًا لا تتناسب مع جسامة المسؤولية التي يحملونها، ولا الدعوة التي يبلغونها، وبالتالي فهم يشككون في صدقنا، وهم معذورون وعلينا أن نبرهن لهم صدقنا، ونثبت لهم أمانتنا بأفعالنا قبل أقوالنا.

هذه هي الأسئلة التي يجب أن نجيب عليها، وأن نطرح حلولنا لها، وأن نفصح عن رؤيتنا لها في المرحلة المقبلة، وأن نوضح للناس المعنى الحقيقي لشمول الشريعة لكل جوانب الحياة، لنرسخ المفهوم لدى الناس، بدلًا من أن نكون أول من ينفر الناس منها، ويزيدهم شكوكًا في الشريعة وفي القائمين عليها والعاملين لها، ويجب أن نراجع أنفسنا في فهمنا وإخلاصنا وتجردنا.

هذه رسالة إلى أبناء التيار الإسلامي، تحدثت فيها بلسان: (الفلاح، ولسان الميكانيكي والحداد وغيرهم...) فهؤلاء إخوتنا وأعمامنا وأخوالنا وغالب شعب مصر الذي نحمل له الخير، ونريده أن يعم البلاد.

مجدي داود

باحث مصري

  • 0
  • 0
  • 1,984

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً