هَمَسات .. في كلمات ... (24)
(هَمَسات .. في كلمات) مستمرة بفضل العزيز الوهاب سبحانه، وها قد وصلنا إلى المحطة الـ (24) من هذه السلسلة المباركة بإذن الله:
✹ الباطل ملة واحدة، وأهل الباطل بينهم تشابه، وفي أساليبهم تقارب، وإن تعجب فعجب اتفاق صنفين من أهل الباطل على طريقة خطيرة وماكرة للنيل من الإسلام والمسلمين، وهذه الطريقة هي إسقاط علماء الأمة، وذلك حتى يتسنى لهم اللعب بمعاني النصوص وليُّ أعناقها لتوافق مذاهبهم الباطل، أما عن الصنفين فهما الداوعش ومن دار في فلكهم وكهنة العلمانية وأذنابهم، فكلا الفريقين على باطل، كما أن كلاهما يضيق ذرعًا بالرجوع إلى العلماء الربانيين لفهم نصوص الكتاب والسنة، فعلماء الأمة صمام أمانها والصخرة التي تتحطم عندها كل شبهات أهل الباطل مهما كثرت، والحمد لله القائل: {(لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)} فانتشار حِلَق العلْم وزيادة طلاب العلم الشرعي يغيض أعداء الإسلام ويهدم باطلهم ويقوض خططهم، ويدحر شبهاتهم، ويفضح أمرهم أمام المخدوعين بهم، وهذا يدعونا لدعم وتشجيع وتيسير الطريق لطلاب العلم فهم علماء المستقبل والرجوع إليهم الحصن الحصين للمجتمع من الشبهات العاتية التي يتخبط فيها كثير من الناس.
---------------
✹ اعتراضات كثير من أهل الباطل على بعض التشريعات نابع من المنطلقات التي يعتمدون عليها، ثم يريدون غيرهم أن يسير خلفهم ولو بالقوة، ويغير من عقيدته طبقا لما يقدسون أو وفقًا لأولوياتهم، ومما هو معلوم أن جميع الشرائع جاءت لحفظ الكليات الخمس: حفظ الدين، النفس، العقل، النسل، والمال، ومن المعروف أن كهنة العلمانية والديمقراطية يقدسون المال والشهوات وقبل ذلك أهواءهم، فلا تعجب من بيعهم فروج النساء مقابل المال، وتنظيم البغاء وجعله إثباتا للذات وعملا شريفًا، ولا تعجب من صناعتهم للأصنام وبيعها ما دامت تجلب المال، وكذلك بيع الأسلحة للطرفين المتحاربين ثم التبجح بدعوتهم لوقف إطلاق النار مع أنهم سبب رئيسي للقتل والتشريد والدمار، أما في الإسلام فالكلمة العليا لله عز وجل، والآخرة خير من الأولى، والعِرْض أهم من المال وهكذا، وهذا يدلنا على أنه يستحيل الجمع بين شرع الله العليم الحكيم وأهواء كهنة الديمقراطية والعلمانية الباطلة المتناقضة الفاسدة.
---------------
✹ الناجحون بينهم رحم مشتركة، ووشائج جامعة، وسمات عامة، ليس هنا موضع تفصيلها والخوض فيها، لكن منها بلا شك التخطيط الصحيح المؤدي إلى الاستغلال الأمثل للموارد وأهمها الوقت، فالعشوائية والارتجالية نهايتها جهد عظيم وإنتاج قليل، هذا الإنتاج لا يتناسب وحجم الجهد المبذول والوقت المقضي، وكثير من الناس يتحمسون لإعداد الخطط لا سيما بداية العام أو على مشارف الإجازة أو قبيل حلول المواسم كرمضان مثلا، وما يلبث هذا الحماس أن يخبو فتتحول ناره إلى رماد، وشعلته إلى ظلام، ويعود الشخص إلى العشوائية تارة أخرى، ولتلافي الوقوع في هذه الدوامة ينبغي للمرء بعد الاستعانة بالله عزو وجل أن يتعلم مهارات التخطيط وإدارة الوقت وذلك بقراءة الكتب النافعة ، أو سماع المحاضرات القيمة، أو متابعة الدورات المتوفرة، وذلك حتى لا تموت خطته قبل أن تولد، ومن لم يتحمل ثقل الخطط فليقاسي عذاب التخبط، وقد قيل: إذا فشلت في التخطيط فقد خطت للفشل، فكونك خططن هذا نجاح ثم حاول المشي بهذه الخطة وتعديلها إذا لزم الأمر.
---------------
✹ الباطل المحض لا يروج هذا خلاصة مقولة مشهورة لشيخ الإسلام وهي قوله: (ولا يشتبه على الناس الباطل المحض بل لا بد أن يُشاب بشيء من الحق) من هذا المنطلق يتم التلبيس على المسلمين في قبول المناهج الباطلة بذكر بعض الجوانب الإيجابية، أو بعض المواقف الحسنة وعمل تضخيم إعلامي لها، ولو أن شخصا دقق في أعمال هذا المنهج الباطل لوجد الجوانب الإيجابية نقاط يسيرة في بحر متلاطم من الظلم والظلمات، لنأخذ على ذلك مثالًا: ينبهر كثير من الناس خصوصًا الشباب من المحاكمات التي تجري لبعض كبار المسؤولين في الدوال الديمقراطية، وتكون هذه المساءلة أو المحاكمة على أمر بسيط في نظره ويقارن ذلك بحجم السرقة والفساد في مجتمعه، فيبدو الأمر للوهلة الأولى أن هذه الدولة الديمقراطية غاية في النزاهة، لكن لو تأملت قليلًا لوجدت أنها من أكبر مجرمي الأرض ورصيدها من قتل الأبرياء بالملايين، هذا غير النهب والسلب والتدمير والتشريد لكثير من المستضعفين، وقبل ذلك الانحطاط الأخلاقي والعقدي ومحاربة عقيدة المسلمين خاصة وكل فطرة سليمة عامة، ولك أن تتخيل أنهم يعتبرون قتل ملايين الأجنة البريئة سنويا حق، يسمى بـ (حق الإجهاض) فتبًّا لهم هذه الأنفس البريئة (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)
---------------
✹ الصدق والوفاء بالعهد والوعد من الأخلاق الحميدة، والخلال الجليلة، وفقدانهما من علامات النفاق (آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان) ومن الأهمية لهذين الخلقين جاء ذكرهما في القرآن في مثل قوله تعالى: {(وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا)} وقوله: {( قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) } ولكن هذه الصفات تقل أن تندر في فئة من الناس أَلَا وهم أصحاب الحِرَف والأعمال كالمهندسين والبنائين والنجارين والحدادين والخياطين ومن على شاكلتهم ممن يحتاج إليه الناس في أمور حياتهم، فترى الكثير من هؤلاء يكاد أن يكون الكذب وخلف الوعد وربما الغش جزء من عمله ومهنته، وبعضهم يعِد الوعد تلو الوعد تلو الوعد ولا وجود لوعوده في الواقع فهي مواعيد عرقوب، وتتمنى من كثرة كذبه وإخلافه للوعد لو أنك ما طرقت بابه أبدًا، ألم يعلم هؤلاء أن الصدق والوفاء بالوعد مما يرضى الزراق سبحانه وسبب لحلول النماء و البركة، ولا خير في مال جاء من طريق الكذب وإخلاف الوعد والغش وخيانة العهد، هذا بخلاف الأوزار التي يتحملها والكذب وخلف الوعد لن يزيد في رزقه شيئا ولن يأتيه من الرزق إلا ما كتب له.
---------------
وإلى لقاء في درب الهمسات بمشيئة رب الأرض والسماوات
- التصنيف: