المقاومة الفلسطينية انتصرت وقصف غزة لن يغير النتيجة
لقد انتصرت حماس على “إسرائيل”، وستفشل كل محاولات الاحتلال لتغيير النتيجة حتى لو استخدم نتنياهو القنابل النووية، فلم يعد للخوف مكان في أرض الجبارين، وعلى المعتدي تدور الدوائر.
كشفت المقاومة الفلسطينية هشاشة الكيان الصهيوني، وأكدت أن الجيش الإسرائيلي ما هو إلا نمر من ورق، فقد ارتبك قادته من الصدمة وظهر عجزهم وضعفهم أمام الهجوم المباغت لكتائب القسام؛ ففي ساعات قليلة اجتاحت القوات الفلسطينية غلاف غزة واقتحم المقاومون المواقع العسكرية الإسرائيلية وهاجموا المستوطنات، وقتلوا المئات وأسروا العشرات.
سيسجل التاريخ بأحرف من نور الانتصار الكبير الذي حققته عملية طوفان الأقصى، والذي كشف عن عبقرية العقل الفلسطيني المقاوم، الذي استطاع رغم الحصار أن يطور أسلحته، ولأول مرة يتحول من الدفاع إلى الهجوم، والخروج من القطاع المحاصر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، في عمل عسكري غير مسبوق يتسم بالجسارة والجرأة ودقة التخطيط.
العبقرية كانت في كل شيء، في إدارة المعركة وفي التسليح والإعداد والتخطيط والتنفيذ، فقد شاركت في الهجوم كتائب الصواريخ التي قصفت غلاف غزة، وامتدت حتى المستوطنات في تل أبيب والقدس، وشاركت قوات المظلات التي ابتكرت طائرات شراعية جديدة غير مألوفة نزلت فوق رؤوس المحتلين، وظهرت المسيّرات بأنواعها وهي تصيب أهدافها بدقة، علاوة على قوات البحرية والضفادع البشرية التي نفذت عمليات نوعية.
العنصر البشري ينتصر على الذكاء الاصطناعي
البطل الحقيقي في معركة طوفان الأقصى هو المقاتل الفلسطيني الاستشهادي الذي انتصر على الترسانة العسكرية المتفوقة، وظهر الفارق الكبير بين صاحب الأرض الذي لا يخاف الموت، والمستوطن الغريب الذي يحتل فلسطين؛ فالفلسطيني يقتحم كالأسد، ويدخل عليهم الباب بكل جرأة، والإسرائيلي في حالة من الانهيار والمهانة، جبان يختبئ ويبحث عن مهرب، ومن ينجو من الإسرائيليين من القتل يستسلم ويتم الإمساك به باليد كالجرذ.
لقد شاهدنا صورة الهروب الكبير من المستوطنات إلى الصحراء، وبدت حالة الذعر على مئات الفارين خوفا من مقاتلي القسام، وهذا المشهد سيكون من المشاهد المحفورة في ذاكرة الأعداء والخصوم قبل المؤيدين والأنصار، فهؤلاء المستوطنون الذين لم يصمدوا ولم يدافعوا عن أنفسهم وبيوتهم أثبتوا أن اللص سارق الأرض مهزوم نفسيا، وبمجرد سماع صوت الطلقات يفر مهما كانت الأسلحة التي يمتلكها.
تابعت شعوب العالم الحرب الدائرة في غلاف غزة من خلال البث المباشر عبر شاشات التلفاز، ولقطات الفيديو عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل، وكانت المشاهد مذهلة، فالفلسطيني يشعر بالفخر والعزة أما الإسرائيلي فيشعر بالذل والانكسار، وكانت الفرحة في العالم العربي لا توصف، حيث رد لهم الانتصار روح الأمل وأكد أنهم على أعتاب مرحلة جديدة من استرداد العزة والكرامة ووضع نهاية للتطبيع الرسمي والانهزام.
كان الإسرائيليون يشعرون بالثقة والأمن وهم يعيشون في القرى المحصنة، والاختباء وراء الجدران الفولاذية، والكاميرات وتقنيات التجسس التي ترصد كل حركة وتسجل كل مكالمة في غزة، وفي خدمتهم الأقمار الاصطناعية وبروتوكولات التعاون للرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت، لكن المقاومة الفلسطينية أكدت أن العقل البشري أقوى من الذكاء الاصطناعي.
يمتلك الإسرائيليون القنابل النووية وطائرات أف 16 ومقاتلات أف 35 لكن كل هذه الأسلحة لم تنقذهم من هجوم المقاومة الفلسطينية، ولن يفيدهم كثيرا إرسال الرئيس الأمريكي حاملات الطائرات والغواصات وكل أنواع الدعم؛ لأن هذه الأسلحة التدميرية تستخدم ضد الأهداف التقليدية والبعيدة، وهي غير فعالة في حرب العصابات والمواجهة على الأرض الفلسطينية واختراق الخاصرة الصهيونية والتمدد في أحشائها من الداخل.
قتل المدنيين بغطاء أمريكي غربي
لم يكن سهلا تقبل الإسرائيليين للهزيمة الثقيلة، فراحوا يصرخون ويطلبون الدعم الخارجي لتوفير المساندة الدولية، وتأييد القصف الجبان للمدنيين في غزة، وقد استجابت لهم العواصم الغربية، فشنّ الجيش الإسرائيلي هجمات بالصواريخ والطيران الحربي على المساجد والأسواق والبنايات التي يسكنها المدنيون في القطاع، وتم مسح أحياء بالقنابل الارتجاجية والصواريخ التي تحمل أطنان المتفجرات.
الانحياز الأمريكي الغربي للاحتلال الصهيوني، والإعلان عن تقديم الدعم الكامل لتل أبيب وتأييد القتل الجماعي يفضح السياسة الغربية التي توحدت ضد الشعب الفلسطيني، وانتهى ما كان يبدو في العلن من خلافات بين الأمريكيين والأوربيين، فهم اليوم يقفون مع “إسرائيل” ولا يبالون بالعالم العربي -كما كانوا من قبل- بعد أن هرولت الدول العربية الرئيسية للتطبيع، وبعضها يخطط للدخول مع الصهاينة في مشروعات اقتصادية وتحالفات سياسية!
وإذا كان الغربيون في صدمة من انتصار حماس فإن بعض قادة الدول العربية الذين دخلوا حظيرة التطبيع مع الإسرائيليين يشعرون بالقلق من هزيمة “إسرائيل”، وهذا القلق ظهر في مواقفهم وبياناتهم المتخاذلة، واختباء بعضهم والتواري عن الأنظار، وهذا الخزي العربي انعكس على الجامعة العربية التي اختفت، ولم نسمع لها صوتا وكأنها أصيبت بسكتة دماغية.
قصف غزة لن يغير نتيجة المعركة
لن تستطيع حكومة الاحتلال تغيير نتيجة المعركة، ومهما كان اندفاعها لتدمير قطاع غزة وارتكاب الفظائع ضد المدنيين؛ فصلابة الغزاويين ووقوفهم خلف المقاومة سيفشل كل المحاولات الصهيونية، فقد شاهدنا الكثير من الأمثلة على هذه الصلابة في الحوارات التلفزيونية لأهل الضحايا في أماكن القصف، فالظلم الإسرائيلي حوّل كل فلسطيني إلى مشروع شهيد.
تعايش الفلسطينيون في غزة المحاصرة مع أصوات الصواريخ ورؤية الدم والأشلاء، ولم يعد يضرهم الخذلان العربي، ولا يخيفهم القصف الإجرامي، فإيمانهم بالله هو الذي يربط على قلوبهم ويزيد ثباتهم ويقوي عزيمتهم، ويخرج الفلسطينيين من كل حرب أكثر قوة وأشدّ بأسًا.
قصف غزة وقتل الأبرياء لن يكسر الصمود الفلسطيني وإنما يشعل في قلوب الفلسطينيين نار الثأر والرغبة في الانتقام، ولهذا فإن مراهنة الصهاينة وحلفائهم على إحداث شرخ بين الفلسطينيين وحماس وفصائل المقاومة ستفشل ومصيرها الخسران.
لقد انتصرت حماس على “إسرائيل”، وستفشل كل محاولات الاحتلال لتغيير النتيجة حتى لو استخدم نتنياهو القنابل النووية، فلم يعد للخوف مكان في أرض الجبارين، وعلى المعتدي تدور الدوائر.
المصدر : الجزيرة مباشر
صحفي وكاتب مصري، شغل موقع مساعد رئيس تحرير جريدة الشعب، ورئيس تحرير الشعب الالكترونية.
- التصنيف: