رئيس وزراء تونس المنتظر: لن نحلل حرامًا أو نحرم حلالًا.. سنعزز الحريات.. الفزاعات انقلبت على أصحابها
ملفات متنوعة
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
لأمين العام لحزب حركة النهضة التونسية حمادي الجبالي (للمسلم): لن نبني مجتمعًا منافقًا.
حمادي الجبالي (62 عامًا) مهندس في الطاقة الشمسية، وقيادي من الطراز الأول سبق له وأن ترأس حركة النهضة الإسلامية في أصعب الظروف، إبان محاكمات (1981 و 1982م) وهو إعلامي متمرس حيث عمل في وقت سابق مديرًا لجريدة الفجر التي عاودت الصدور بعد الثورة وكانت ممنوعة لما يزيد عن 23 سنة، وظل الجبالي رجل النهضة القوي حتى في أحلك الأزمات التي مرت بها الحركة والبلاد محافظًا على سمته الهادئ ورزانته في الحكم على الأشياء، وفي سنة 1990م اعتقل الجبالي وحكم عليه بالسجن لمدة 16 سنة، قضى منها 10 سنوات في الحبس الانفرادي، وهو اليوم لا ينعم بحريته فحسب، بل يتقدم نحو التتويج بمنصب أول رئيس وزراء لتونس الحرة بعد عقود من الاحتلال والظلم والقمع والقهر.
هل نخاطبكم باسم رئيس الوزراء؟ وهل أنتم متأكدون من حصولكم على هذا المنصب؟ وكيف تقرءون نتائج الانتخابات؟
الحمد لله على هذا النصر لشعبنا، ونحن نسير نحو مجد عظيم لأمتنا، بعون الله، والشكر موصول للشعب التونسي ولشهدائه الأبرار على هذا النصر في الثورة وفي الانتخابات، وكذلك نشكر مناضلي حزب حركة النهضة الذين صنعوا بعد الله هذا النصر، ومع ذلك يجب مراجعة القانون الانتخابي.
أما بخصوص رئاسة الوزراء: فلا شك أن رئاسة الوزراء هي من نصيب حزب حركة النهضة، والحزب رشحني لهذا المنصب، وبالتالي فأنا رئيس وزراء تونس القادم بعون الله.
هل تمت الموافقة على ذلك من قبل شركائكم في المجلس التأسيسي، ولا سيما الأطراف التي ستشكلون معها الحكومة؟
قلنا ونكرر أنه من البديهي أن يكون الحزب الفائز بأكثر الأصوات هو من يعين رئيس الوزراء، وجميع المناصب الأخرى يتم التوافق عليها، وهذا ما يسوس الحياة السياسية في الديمقراطيات على مختلف أصنافها وأماكن تواجدها في العالم، هذه الفترة هي فترة انتقالية، فترة بناء، فترة اتفاق، نحن لا نطلب النسبة التي حصلنا عليها، رغم أن لها دلالات وسوف تؤخذ بعين الاعتبار، ولكننا سنسعى للوفاق للخروج من هذه المرحلة، نحن سنوسع أكثر ما يمكن لتمثل الأحزاب في الحكومة.
هناك من حاول إفساد فرحة الشعب التونسي بالانتخابات، وكذلك سمعة الشعب أمام الرأي العام الدولي، من خلال أعمال العنف بعد إلغاء النتائج في 6 دوائر انتخابية.
نحن ضد العنف، وإذا ما كان هناك احتجاج فليكن سلميًا، بل لا حاجة لذلك لأن هناك محكمة إدارية ستنظر في الطعون، وإذا ما كان قرار الإلغاء غير صحيح فسيتم تجاوزه قضائيًا، ولكن ما حصل لا علاقة له بالانتخابات، فهناك أطراف غاضتها نتائج الانتخابات، وهناك أطراف من بقايا النظام السابق أرادت تصفية حسابات شخصية، ولا بد للقضاء أن يقول كلمته في هذا الخصوص، ونحن نربأ بأهالي (سيدي بو زيد) نسبة ما جرى إليهم فهم من فجروا الثورة وهم من يساهمون في حمايتها.
هل ستكتفون بمنصب رئيس الوزراء أم لديكم طموحات في مناصب أخرى كالتعليم والقضاء؟
لحزب حركة النهضة مرشحوه لمختلف المناصب، ونحن نجري مشاورات مع شركائنا، ولاسيما المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، والباب لا يزال مفتوحًا لبقية الأحزاب الراغبة في الانضمام للحكومة.
المسلم: هل صحيح أن هناك مساعي للإبقاء على بعض الوزراء، ولاسيما الداخلية، وإمكانية منح الباجي قائد السبسي منصب الرئيس القادم؟
حمادي الجبالي: هناك أقوال في هذا الخصوص، ونحن نبحث كل شيء مع شركائنا.
حتى الآن يرفض بعض الشركاء منح أي من الوجوه القديمة تأشيرة عبور إلى الحكومة القادمة؟ هذا صحيح ونأخذ ذلك في عين الاعتبار.
اشتكيتم في نظام الاقتراع، ما جناية ذلك من وجهة نظركم؟
هذا وضع استثنائي، وستتم إزالته في الانتخابات القادمة، فهو نظام غير عادل في توزيع المقاعد، ولكن النية كانت متجهة لتشريك أكبر عدد ممكن من الأحزاب في المجلس التأسيسي.
هناك من يقول أن العامل الديني هو الذي مكن حزب حركة النهضة من الفوز، وهناك من يقول أن برنامج الحركة، والبعض يرده لحيوية أعضاء وأنصار الحزب، ولكن: كيف ترون نجاح حزب حركة النهضة في الانتخابات؟ فازت الحركة لأنها حركة إسلامية منحازة للهوية العربية الإسلامية أولًا، ولأنها تعبر عن تطلعات الجماهير في الحرية والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية ثانيًا، ولأن الحركة برهنت من خلال نضالاتها أنها وفية لمبادئها ولشعبها وأمتها ثالثًا، وهذا ما جعل قطاعات واسعة من الشعب التونسي تضع ثقتها في حزب حركة النهضة.
البعض وبعد فشله في الانتخابات، يريد أن يؤسس مجلسًا تأسيسًا موازيًا -غير شرعي- لمراقبة أداء المجلس التأسيسي، والحكومة المتمخضة عنه، كيف ترون ذلك؟
الشعب التونسي عانى كثيرًا من الوصايات، وفرض الرأي من خارج الشرعية، هذه اللغة ليست مناسبة لشعب أثبت أنه أوعى من كل من يريدون فرض وصاية عليه، وهذا الشعب له ماضٍ وله تاريخ وله ثقافة، وهو يخط بقلم من ذهب صفحة جديدة من تاريخه، لذلك نقول كفانا إعطاء دروس، وإن شاء الله نقدم تجربة رائدة في كيفية ضمان الحريات، ونجاح آليات التداول السلمي على السلطة.
البعض يرى أن التجربة التونسية يمكن أن تستنسخ ما جرى مع حماس من حصار وتجويع؟
حماس فصيل فلسطيني، وصل للحكم عن طريق صناديق الاقتراع، ونحن نعرف ماذا حصل للأسف، ولكننا هنا في وضع غير الوضع الذي وجدت حماس نفسها فيه، والذين يقولون هذا الكلام لم يستوعبوا الدرس، الشعب التونسي يقول للجميع أنكم لستم في مكانة تؤهلكم لتعليمي ماذا أختار، وكل الفزاعات التي أثرتموها لتخويفي جاءت بنتائج عكسية، وسوف أعاقبكم بمنح صوتي لمن تخوفوني منه منذ عقود.
من الفزاعات أيضًا أن حزب حركة النهضة، سيفرض دستورًا بحكم الأغلبية التي يتمتع بها، وما يقال عن حرية المرأة وأن النساء سيعدن للبيت، وسيكون هناك تعدد زوجات، وما إلى ذلك؟
كما قلت الفزاعات كثيرة، وهناك من يغذي هذه الأمور رغم فشلها ولكن يبدو أنهم مأمورون، ما أقوله هو أن الدستور سيكتب بتوافق جميع أعضاء المجلس التأسيسي، ولن يكون هناك إلغاء للحريات، بل سيتم تضمين الدستور جميع الحريات، حتى لا تعود الديكتاتورية مرة أخرى، ولكننا لن نحلل حرامًا ولن نحرم حلالًا، وسنقيم مؤسسات إسلامية موازية، فالحركة لن تعمل على المساس بأي قطاع من القطاعات الحيوية في البلاد بل ستدعم المكتسبات، ولدينا الحلول للكثير من المشاكل التي تعوق تحقيق التنمية العادلة بين الجهات والحد من مشكلة البطالة، وسنشجع على الالتزام، دون إكراه، لأننا لا نريد أن نبني مجتمعًا منافقًا مكرهًا، حتى إذا خلى بنفسه أو أمن العقوبة، وحتى الإنكار عليه فعل ما يريد، والبقاء سيكون للأصلح في اعتقادنا.