اليهود في كتاب الله
المتتبعُ لصفات اليهودِ في القرآن العظيمِ، وماذا قالَ الله تعالى عنهم، يرى أمورًا لا ينقضي منها العجب، فاليهودُ في كتاب الله: هم أشدُّ النَّاسِ عداوةً لنا: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82].
معاشر المؤمنين الكرام: يذكر التاريخُ أنه في القرن السابع الهجري، وبعد مجزرةِ بغدادَ المروعةِ، التي قَتلَ فيها المغولُ بكل وحشيةٍ قُرابةَ مليوني مسلم، وأن المغول استمروا لمدة عشر سنوات أو أكثر، يسيطرون على أجزاء واسعةٍ من العالم الاسلامي، سيطرةً تامة، وانهم انتصروا في كل معاركهم ضد المسلمين انتصاراتٍ ساحقة، حتى اقتنع أكثرُ المسلمين أنَّ جيشَ المغولِ جيشٌ لا يُقهر..
ليخرج بعدها القائدُ الفذ سيفُ الإسلام قُطزٌ ومعه عشرون ألفًا من جيوش المسلمين، توجهوا من مصر إلى فلسطين، حتى إذا وصلوا إلى سهلٍ فسيحٍ بين بيسانَ ونابلس، يُسمَّى عينُ جالوت، عسكروا هناك، وانتظروا قدوم الجيش المغولي المرعب.. وقام القائدُ قُطز بتقسيم جيشهِ إلى ثلاثة أقسام، المقدمة وهو جُزءٌ لا بأس به من الجيشِ بقيادة الظاهرِ بيبرس، ووضعهُم في مكانٍ ظاهرٍ مكشوف في مُقدمة السهلِ، والقسم الثاني وهم الأكثر، يختبئونَ خلفَ التِلالِ، وينتظرونَ الإشارةَ لبدء الهجوم، وبقيةُ الجيشِ معه هو..
وحينَ وصلَ جيشُ التتارِ ظنَّ أن المقدمةَ هي الجيشُ الإسلاميُ كُلهُ، وأغراهُ ذلك بأن يحسِمَ المعركةَ سريعًا، فهجموا كالصاعِقة، فثبت لهم المسلمون بعض الوقت ثم أظهرَوا الانهزام وتراجعوا؛ فلحقهم التتارُ إلى داخلِ السهلِ، لتنزل بعدها الكتائِبُ الإسلاميةُ العظيمةُ من خلفِ التلالِ، وفي نفس الوقت قامت فِرقةٌ قويةٌ من المسلمين بإغلاق مدخلَ السهل، وحوصر المغول من كُلِ ناحيةِ، واكتشفوا الخُدعةَ بعد فواتِ الأوان، ثمَّ نزلَ القائدُ قُطز بمن تبقى معهُ، فالتهبَ الحماسُ، وحميَ الوطيسُ، وأنهار المغولِ، ودارت الدائرةُ عليهم، وأخذوا يتساقطونَ كالذباب، وقَضى المسلمونَ قضاءً مبرمًا على أُسطورةِ الجيشِ الذي لا يُقهر..
أيها المؤمنون الكرام: من سنن الله الثابتة في خلقه، أن الصراع بين الحقّ والباطلُ سيظل قائمًا إلى أن يرثَ اللهُ الأرضَ ومن عليها.. الحقُّ: أتباعهُ الأنبياءُ والمرسلون، والعلماءُ الربانيون، والأتباعُ المؤمنون، والباطل: أتباعهُ الشيطانُ والجبارون، والطواغيتُ والمجرمون، والاتباع الفاسدون.. أهلِ الحقِّ: هدفُهم إخراجُ الناسِ من الظلمات إلى النور، وهدفُ أهلِ الباطلِ: إخراجُ الناسِ من النور إلى الظلمات، {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257].. وقد أخبرنا ربنا بهدف أعدائنا، فقال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ} [الصف: 8]، وأخبرنا عزَّ وجلَّ: أنهم سيجمعون الأموالَ الطائلةَ لحربنا، وللقضاءِ على ديننا، فقال جلَّ وعلا: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال: 36].. وأخبرنا سبحانه بأنهم سيظلون ساخطين علينا أبدًا، فقال تعالى: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120]، وأن عداوتهم لنا وقتالهم ضدنا، سيتسمران ما بقينا، فقال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217]، وأخبرنا عزَّ وجلَّ أنهم إذا تمكنوا منا فلن يرحمونا، فقال تعالى: {إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ} [الممتحنة: 2]، وأخبرنا تعالى أنَّ ما يُظهِرونَهُ لنا من العداوةِ أضعافَ ما يخفونه، فقال تعالى: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 118]..
ثم إن المتأمل في نصوص الكتاب والسنة، يجدها مليئةً بالدعوة إلى مُخالفة الكفَّارِ عمومًا، واليهودَ والنصارى خُصوصًا، وهي نصوصٌ صريحةُ المقصد، واضحةُ الدِلالة، كقوله صلى الله عليه وسلم: «خالفوا المشركين» ، «خالفوا اليهود» ، «خالفوا أهل الكتاب» ، «من تشبهَ بقومٍ فهو منهم» ، «من تشبه بقومٍ حُشرَ معهم» ، «ليس منا من تشبهَ بغيرنا» .
وفي أعظم سور القرآن، سورة الفاتحة، التي نقرأها كل يومٍ مِرارًا وتكرارًا: تأصيلٌ لهذه المسألةِ المهمَّة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 6]، وهناك آياتٌ كثيرةٌ تزيد الأمرَ وضوحًا، كقوله تعالى: {وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة: 48]، وقوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: 18]، وقوله جل وعلا: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} [الرعد: 37]..
وفصَّلَ القرآنُ كثيرًا في علاقتنا بهم، وأن الأصلَ فيها التَّباعُدَ والتَّنافُر، وعدم التقارب، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51]، وقال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [الممتحنة: 1]، وقال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22]..
وغيرها من التوجيهات الواضحةِ القوية، كُلُّ ذلك حتى لا يتأثرَ المسلمُ بشيءٍ من أحوالهم التعبدية، وشعائرهم الدينية، ولكي يظل مُتميزًَا بشخصيتهِ الإسلامِية، ومنهجه المستقل عبادةً وعقِيدة.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 138-141]..
معاشر المؤمنين الكرام: المتتبعُ لصفات اليهودِ في القرآن العظيمِ، وماذا قالَ الله تعالى عنهم، يرى أمورًا لا ينقضي منها العجب، فاليهودُ في كتاب الله: هم أشدُّ النَّاسِ عداوةً لنا: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [المائدة: 82]..
واليهودُ في كتاب الله: قومٌ بُهت، {سَمَّـٰعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّـٰلُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة: 42]، يكتمون الحقَّ، و{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 13]، ويتبجحون بكذبهم {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا} [النساء: 156]، {انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 50].. و{قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: 181] خسئوا وخابوا، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا} [المائدة: 64]..
واليهودُ في كتاب الله: قومٌ أوغلوا في الكفر، قلوبهم غلفٌ قاسية، رفضوا التوراة وعبدوا العِجل، قال لهم الله: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: 93]..
واليهودُ في كتاب الله: قومٌ مجرمون سفاحون: {يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران: 21]، قتلوا زكريا ويحيى ودانيال وآرميا وأشعيا، وآذَوا موسَى وعيسى، وتآمروا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم مرارًا، {كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} [المائدة: 70]..
واليهودُ في كتاب الله: قومُ غدرٍ ومكرٍ، ونقضٍ للعهودِ والمواثيق، {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 100]..
واليهود في كتاب الله: قومٌ فاسدون مفسدون، يسارعون في الإثم والعدوان، يستمرؤون الربا، ويأكلون أموال الناس بالباطل، ويوقدون الحروب والأزمات، ويثيرون الأحقاد والعدوات، ويُشعلون الفتن والمؤامرات: {كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [المائدة: 64]..
واليهودُ في كتاب الله قومٌ ملعونون: لعنهم الله في كتابه العظيم مراتٍ عِدة: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: 13]، ملعونون حتى على ألسنة انبيائهم: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [المائدة: 78]..
واليهود في كتاب الله: قومٌ مغضوبٌ عليهم، {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} [المائدة: 60]..
واليهود في كتاب الله كانوا وما زالوا أذلةً صاغرين: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [آل عمران: 112]..
واليهودُ في كتاب الله: قومٌ خوَّارون، سُرعانَ ما ينهارون وينهزمون: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} [آل عمران: 111].. {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [الحشر: 14].. وبعد أيها الكرام: فأمَّة ذليلةٌ ملعونةٌ مغضوبٌ عليها، وتلك بعضُ أوصافها، ما كان لهم أن يتفوقوا على أمَّة الاسلام، إلا لأنها نزلت عن مستواها كثيرًا، فمتى ما عدنا إلى مكانتِنا العالية، عادوا هم إلى مكانتهم الوضيعة، {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]، والمؤمنُ الحقُّ يوقنُ أن عاقبةَ الصراعِ بيننا وبينهم نصرٌ حاسمٌ بإذن الله، ففي الصحيحين: «لا تقومُ الساعةُ حتى يقاتلَ المسلمون اليهودَ، فيقتلُهم المسلمون، حتى يختبيءَ اليهوديُّ من وراءِ الحجرِ والشجرِ، فيقولُ الحجرُ أو الشجرُ: يا مسلمُ يا عبدَ اللهِ هذا يهوديٌّ خلفي، فتعالَ فاقْتلْه» ..
ومهما تفاقُمت المحن، واشتدت الفِتن، فإن في طيِّ كلِّ محنةٍ مِنحة، ومع كلِّ بليةٍ عطية، ولا تخلو رزيةٌ من مزية، والإسلامُ لا يتألقُ إلا في أجواء التحدي، والمسلمون لا يعودون إلى دينهم إلا إذا أحسوا بالخطر، فـ{لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [النور: 11] ، {سَيَجْعَلُ اللهُ بعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7]، {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، و{مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179]، {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146]، {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيط} [آل عمران: 120]، و{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90]، و{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51]، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21]، وعلى الله قصدُ السبيل، وهو نعمَ المولي ونعمَ النصير.. ورضي الله عن فاروق الأمة الملهَم، القائل: نحن قومٌ أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله....
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..
اللهم صل على محمد...
_____________________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالله محمد الطوالة
- التصنيف: