الصلوات التي تؤدى قبل وبعد الجمعة
يُشْرَعُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ، أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، سَوَاءً صَلَّاهَا فِي الْبَيْتِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ؛ لِفَضْلِ الْصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ، إِلَّا لِمَنْ خَافَ الانْشِغَالُ، أَوِ النِّسْيَانُِ، فَأَدَاؤُهَا فِي الْمَسْجِدِ خَيْرٌ مِنَ الْغَفْلَةِ عَنْهَا.
عِبَادَ الله؛ الْمِنَحُ الْرَّبَّانِيَّةُ، وَالْهِبَاتُ الْرَّحْمَانِيَّةُ، وَالْعَطَايَا الْإِلَهِيَّةُ كَثِيرَةٌ جِدًَّا، تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَمَا لَنَا إِلَّا أَنْ نَقُولَ كَمَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: (كَثُرَ وَالله خَيْرُ اللهِ وَطَابَ).
عِبَادَ الله؛ وَمِنْ عَطَايَا اللهِ، وَفَضْلِهِ الْعَظِيمِ، الْسُّنَنُ الرَّاتِبَةِ، وَالْثَّابِتَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وَسَلَّم، الَّتِيْ تُؤَدَّى قَبْل وَبَعْد صَلَاةِ الْجُمْعَةِ.
عِبَادَ الله؛إِنَّ هُنَاكَ أُنَاسٌ يُوَفِّقُهُمْ اللهُ،وَيَحْضُرُونَ قَبْل خُطْبَةِ الْجُمْعَةِ،وَهَذَا مِنْ تَوْفِيقِ اللهِ وَتَسْدِيدِهِ لَهُمْ،وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَحْرِصُوا كُلَّ الْحِرْصِ عَلَى التَّنَفُّلِ قَبْل صَلَاةِ الْجُمْعَةِ،وَهَذَا مِنَ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فِي النَّهَارِ،وَلَوْ اغْتَنَمَهُ الْمُسْلِمُ،وَحَرَصَ عَلَى إِطَالَةِ هَذِهِ الْصَّلَوَاتِ وَقَرَأَ فِيهَا سُورَةُ الْكَهْفِ،أَوْ حِزْبِهِ، فَلَا بَأْسَ،وَلَوْ قَرَأَ مِنَ الْمُصْحَفِ فَلَا بَأْسَ، وَلَوْ صَلَّى جَالِسًا، وَقَرَأَ مِنْ حِزْبِهِ أَوِ الْمُصْحَفِ فَلَا بَأْسَ،فَلَئِنْ يُصَلِّيْ جَالِسًا وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَهُوَ خَارِجَ الصَّلَاةِ، وَمِنَ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمْعَةِ، مَا يَلِي:
كَانَ عبدُ اللهِ ابن عُمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: (يَأْمُرُنا أنْ نُصلِّيَ قبلَ الجمُعةِ أربعًا، وبعدَها أربعًا). (أَخْرَجَهُ الْبَغَوِي بِسَنَدٍ صَحِيْحٍٍ) .
وعبدُ اللَّهِ بنَ مسعودٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ:( كانَ يصلِّي قبلَ الجُمعةِ أربعًا وبعدَها أربعًا لا يفصلُ بينَهُنَّ بتَسليمٍ). (صَحِيْحٌ رَوَاهُ الْطَحَاوِيْ فِيْ مَعَانِيْ الآثَارِ) .
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ، عَنْ ابنِ عُمَرَ:( أنَّه كان يُصلِّي قبلَ الجُمعةِ أربعًا لا يَفصِلُ بينَهنَّ بسلامٍ، ثمَّ بعدَ الجُمعةِ ركعتينِ، ثمَّ أربعًا). (أَخْرَجَهُ أَبُوْ دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍٍ) .
وَأَمَّا بَعْدُ الْجُمْعَةِ، فَقَدْ ثَبَتَ فِيْهَا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُ أَحَادِيْثَ وَآثَارٍ، وَمِنْهَا:
قَالَ صلى الله عليه وسلم:( «إذا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الجُمُعَةِ فَصَلُّوا أرْبَعًا» . [وَفِيْ رِوَايَةٍ]: قالَ سُهَيْلٌ: فإنْ عَجِلَ بكَ شَيءٌ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ في المَسْجِدِ، ورَكْعَتَيْنِ إذا رَجَعْتَ). رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
قال صلى الله عليه وسلم ( «مَن كان منكم مُصلِّيًا بعدَ الجمعةِ فليُصَلِّ أربعًا فإنْ كان له شغلٌ فركعتَيْنِ في المسجدِ وركعتَيْنِ في البيتِ» ). (أَخْرَجَهُ ابْنُ حَبَّانٍ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ) .
وَكَانَ ابنُ عُمَرَ يُصلِّي الركعتينِ في بيتِه ويقولُ: هكذا فعَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. (أَخْرَجَهُ أَبُوْ دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ) .
وَعَنْ عطاءٍ أنَّهُ رأى ابنَ عمرَ يُصلِّي بعدَ الجمعةِ، فيَنْمَازُ عن مُصلَّاهُ الذي صلَّى فيهِ الجمعةَ قليلًا غيرَ كثيرٍ، فيركعُ ركعتينِ، ثم يمشي أَنْفَسَ من ذلك فيركعُ أربعَ ركعاتٍ). (أَخْرَجَهُ أَبُوْ دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيْح).
وَخُلَاصَةُ الْأَمْرِ: أَنْ يُشْرَعُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمْعَةِ، أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، سَوَاءً صَلَّاهَا فِي الْبَيْتِ، أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ تُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ؛ لِفَضْلِ الْصَّلَاةِ فِي الْبُيُوتِ، إِلَّا لِمَنْ خَافَ الانْشِغَالُ، أَوِ النِّسْيَانُِ، فَأَدَاؤُهَا فِي الْمَسْجِدِ خَيْرٌ مِنَ الْغَفْلَةِ عَنْهَا.
_________________________________________________
الكاتب: الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي
- التصنيف: