"حكمة الله تتجلى في حرب غزة"
الله سبحانه يحب من عباده أن يلاحظوا آثار أفعاله في الأحداث التي يعيشونها ويشاهدونها، ويكره لهم أن يمرّوا عليها بجمود وكأنها صنع بشري محض.
الله سبحانه يحب من عباده أن يلاحظوا آثار أفعاله في الأحداث التي يعيشونها ويشاهدونها، ويكره لهم أن يمرّوا عليها بجمود وكأنها صنع بشري محض.
ومن يتأمل في أحداث غزة منذ بدايتها إلى اليوم فسيرى فيها من آيات الله وآثار أسمائه وصفاته وحكمته الشيء الكثير، ومن ذلك:
١- ما شاهدناه من تثبيت المؤمنين وتقوية قلوبهم في مواجهة أعدائه سبحانه، وصبرهم وإقدامهم وإثخانهم، حتى إن المشاهد ليوقن أن وراء تلك الشجاعة والثبات إيماناً عظيماً ومدداً إلهيًّا، وقدرة متجاوزة للمشاهد البشرية المعتادة: {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا}
٢- ما شاهدناه من شدة عداوة أعداء الله لعباده المؤمنين، ومدى وحشيتهم في قتل المستضعفين والتنكيل بهم؛ حتى إنك لترى الفرق جليًّا بين من كان الشيطان وليّه، ومن كان الرحمن وليّه.
وفي هذا الفرقان حجة من الله على خلقه: أن يفهموا إلى أي مدى من السوء يمكن أن يصل الإنسان إذا هو استغنى عن الرحمن، وإلى أي مدىً يمكن أن يرتقي الإنسان إذا هو اتبع هدى الله، وهذا الفرقان حجة عظيمة: {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم}
٣- ما شاهدناه من إقبال كثير من الكفار على الإسلام، ودخولهم فيه حبًّا وطوعاً، وذلك لرؤيتهم الحجة والفرقان، ولمشاهدتهم أثر الإيمان على صاحبه في الثبات أمام المصائب العظيمة، ولرؤيتهم أولياء الشيطان كيف كفروا بشعاراتهم وتبرؤوا من بشريتهم وصاروا آلات قتْلٍ بغير هدى، وما كانت هذه الأعداد من الناس لتُقبِل على دين الله في مثل هذا الوقت اليسير إلا بقدَر الله وحكمته؛ {ليدخل الله في رحمته من يشاء}
٤- ما شاهدناه من يقظة ما لا يحصى من الغافلين من المسلمين، الذين يئس المصلحون من إيقاظهم بالمواعظ والحجج والبراهين؛ فأيقظهم الله -برحمته- بهذه الأحداث المهولة الشديدة؛ ليستقبلوا حياة جديدة بعد التوبة من الغفلة، والسعي إلى العمل، وهذا كله مِن فعل الله ومن آثار صفاته سبحانه؛ فإنه «لا أحد أحبّ إليه العذر من الله» كما في الحديث الصحيح.
٥- ما شاهدناه من مواقف المنافقين والمتآمرين والمستهزئين ممن ينتسبون إلى الإسلام، بل ويتزيّا بعضهم بزيّ العلم ولغة الشرع.
والله سبحانه يريد منّا أن نعرفهم ونبغضهم ونعاديهم ونقطع صلتنا بهم، فإنه: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب}. ولم يكن ليحدث كل هذا الظهور والكشف لولا هذه الأحداث العظام، والخطوب الجسام.
٦- ثم -وهو الأهم-: أنّ كل هذه المشاهد المذكورة، وغيرها الكثير مما لم أذكره، هي: حجج وبيّنات وآيات، وقد يُفهَم من ضخامتها وشدتها وعظمتها أنها متعلقة -في سنن الله- بأمور أعظم منها لم تقع بعد؛ وأن الله يريد من هذه الأمة أن تتهيأ لها بمراجعة شاملة ويقظة وبصيرة ووعي وإيمان، كما أنه يريد بأعدائه الذين طال ليلهم واشتد ظلمهم أن تُطفأ نارهم ويأفل نجمهم -والعلم عنده سبحانه-.
فما أتعس الغافلين بعد كل هذه المشاهد والأحداث،
وما أسعد المستبصرين الذين استقبلوا حياة جديدة شعارها هذه الآيات:
- {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين}
- {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون}
- {استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين}