فوائد من دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للعلامة العثيمين [1]
المجموعة الأولى من فوائد مختصرة, من المجلد الأول, من دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للعلامة العثيمين, رحمه الله
فوائد مختصرة من المجلد الأول من دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للعلامة العثيمين [1]
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فهذه المجموعة الأولى من فوائد مختصرة, من المجلد الأول, من دروس وفتاوى من الحرمين الشريفين للعلامة العثيمين, رحمه الله
اتباع الحكمة مع المخالف:
& المسائل التي تخالف النص الصريح أو تخالف ما كان عليه السلف هذه لا يمكن السكوت عليها, بل يجب انكارُها, وبيان بطلانها, ولكن لا بدُّ من اتباع الحكمة ...
واتباع الحكمة أن تتكلم مع صاحبك بهدوء, وألا تقصد الانتصار لنفسك ورأيك.
& إن قصدت الانتصار لرأيك فأنت لا تدعو إلى الله, وإنما تدعو إلى نفسك...
& اجعل هذا الذي خالف الحق فيما ترى مريض تريد أن تعالجه, لا كأنه مجرم تريد أن تعاقبه, لأن هناك فرقًا بين النظرتين, بين شخص ينظر لمن خالفه في الرأي كأنه مجرم يريد أن يعاقبه, وبين آخر ينظر إليه كأنه مريض يريد أن يعالجه.
لباس التقوى خير لباس الزينة:
& أنا أنصح إخواني المسلمين بأن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم, وأن يعلموا أن لباس التقوى خير لباس الزينة, فليتقوا الله, وليرفعوا ثيابهم إلى الكعبين, أو إلى ما فوق الكعبين, أو إلى أنصاف الساق, كل هذا جائز, والأمر فيه واسع.
الدعاء أكبر سلاح ينتفع به ولاة الأمور:
& موقف أهل السنة والجماعة من ولاة الأمور: الدعاء لهم إذا خالفوا, لأن الدعاء أكبر سلاح ينتقع به هؤلاء وقد قال الله تعالى: ﴿ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ} ﴾ [غافر:60] فإذا دعونا لهم بالرحمة والمغفرة فقد أدينا إليهم حقهم
المنافقون:
& المنافقون أشر وأضر على الإسلام والمسلمين ممن أعلنوا الكفر, لأن من أعلن كفره فهو عدو ظاهر يسهل التحرز منه ويستعد لقتاله, أو إدخاله في دين الله, لكن المشكل في هذا يخالطك ويقول ما تقول, وقد أبطن الكفر, والعياذ بالله.
& هم العدو الأكبر, هو العدو الأعظم, هم الذين يجب الحذر منهم...ثم إن هؤلاء المنافقين ذوو هيئة حسنةٍ جميلةٍ, وذوو بلاغة عظيمة...تسمع لبلاغته وفصاحته, فتظنه حقًا, وهو باطل كالسراب.
& هؤلاء المنافقون في قلوبهم مرض, أي: مرض عظيم, وهو مرض الشك والعياذ بالله, ومرض سوء القصد, فإنهم لا يريدون الخير للمسلمين أبدًا, وإنما يريدون الشر بقدر ما يستطيعون.
& من صفاتهم الإفساد في الأرض يفسدون في الأرض بالمعاصي والخداع والكيد للمؤمنين وموالاة الكافرين لكن إذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض فإنهم يقولون﴿ { إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ} ﴾ [البقرة:11] فيُواطئون أعداء الله ويُمالئونهم على أولياء الله
& هذه السورة العظيمة[يعني الشيخ سورة المنافقون] ينبغي أن تذكر الأمة بها كل أسبوع في أكبر اجتماع حتى يحذروا من النفاق والمنافقين أيضًا وألا يركنوا إليهم وألا يأمنوهم, فمن صفات المنافق أنه إذا اؤتمن خان, وإذا عاهد غدر, فاحذر النفاق
& لا يحل لنا أن نتهم أحدًا بالنفاق دون أن يتبين لنا من القرائن القوية, أو نسمع منه ما يدل على نفاقه, لا يجوز أبدًا, فالأصل في المسلم السلامة وأن ما في قلبه هو ما على لسانه, ولا يحل لأحدٍ أن يتهمه, ولا يحل أن تتهم أحدًا بالنفاق أو بالمراءة.
المرابط في سبيل الله لا يسأل في قبره
& ممن لا يسألون المرابط في سبيل الله, فالمرابط على ثغر من ثغور الإسلام, هذا... لا يسأل في قبره لظهور صدقه بالمرابطة على حدود البلاد الإسلامية وحماية المسلمين من أعدائهم.
كذب الشاعر:
& أنشدوا قول الشاعر يخاطب النبي علية الصلاة والسلام:
والاشتراكيون أنت إمامهم .......................
وكذب الشاعر بل إن النبي إمام أهل العدل ودفع الظلم. وليس إمام أهل الظلم
وضع الزهور على قبر الميت:
& إذا قال قائل: أنا سأضع زُهورًا على قبره, زهورًا طيبة الريح, جميلة المنظر, نقول: إذا وضعت هل الميت سوف يُسرُّ برؤيتها إذا كانت جميلة النظر؟...الجواب: لا, إذن لا فائدة إلا تقليد من لا يؤمنون بالله واليوم الآخر من الكفار والملحدين وغيرهم.
دعاء الإنسان لنفسه:
& الأولى من أن تأتي رجلًا وتقول: ادع الله لي. أن تدعو ربك عزوجل الذي يقول: ﴿ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ} ﴾ [غافر:60] فلا تجعل واسطة بينك وبين الله, بل ادعُ الله, وسوف يزيدك إيمانًا, ويزيدك إذعانًا له, ويزيدك ذلًا وخضوعًا له.
كلمة عظيمة:
&قال ابن رجب رحمه الله في كتابه القواعد الفقهية في المقدمة كلمة لو وزنت بالجبال لرجحت, يقول: المنصف من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه وهي كلمة عظيمة فالمنصف من يقارن بين الحسنات والسيئات فإذا رجحت الحسنات انغمرت السيئات بها
الاستغاثة بالأموات:
& إن تستغيث بمقبور هو جثة هامدة ما يستطيع أن يتحرك, فهذا شرك أكبرُ, من فعله لا تُقبلُ منه صلاة, ولا صيام, ولا حج, ولا صدقة, ولا أي عمل صالحٍ, لأنه مشرك بالله العظيم.
& ما أسخف عقول هؤلاء! كيف يستغيثون بأموات لا يستطيعون أن يرفعوا عنهم أدنى أذى, ويتركون الاستغاثة بالله سبحانه وتعالى؟ لولا أن الشيطان يؤزُّهم إلى المعاصي أزًّا لكان الأمرُ واضحًا.
& كيف تأتي إلى قبرٍ صاحبه لا يتحرك ولا يسمع إلا ما وردت به السنة, يا فُلانُ أغثني؟ الله المستعان! أين العُقولُ؟ ينبغي لمن واجه أحدًا من هؤلاء أن يقول: أعظم الله لك الأجر بفقد العقل قبل فقد الدين.
& أرأيتم هذا المقبور لو أن أحدًا نبشه وأحرقه وكسر رأسه على الحصى ماذا يفعل؟ لا يستطيع أن ينقذ نفسه, فكيف ينقذك أنت؟.
التوسل بالإيمان بالنبي, أو محبته, عليه الصلاة والسلام
& بدل من أن تقول: أسالك بذات النبي مثلًا, أو بجاه النبي. فقل: أسالك بإيماني بالنبي. وإذا قال: اللهم إني أسالك بمحبتي لرسول الله. فقد توسل إلى الله بمحبة رسول الله, وهذا جائز. لأن محبة الرسول...طاعة وعبادة من أفضل العبادات.
لا فرق بين اليهودي والنصراني في معاداة المسلمين.
& من تتبع التاريخ وعرف المعارك العظيمة التي وقعت بين المسلمين والنصارى, وعلم عدد من قتلوا من المسلمين على أيدي هؤلاء النصارى, عرف أنه لا فرق بين اليهودي والنصراني في معاداة المسلمين, وإلقاء الشبهات.
تدبر القرآن الكريم والعمل به:
& ينبغي للأمة الإسلامية أن تتدبر كتاب الله عز وجل وتتفهم معانيه وتعمل به لا أن تجعله لمجرد التبرك بتلاوته أو تعليقه على الجدران وغيرها فإن هذا ليس هو الذي نزل من أجله القرآن ولكن القرآن نزل ليكون نبراسًا للأمة...تهتدي بهديه وتسير عليه.
تعليق آيات القرآن الكريم على الجدران وغيرها:
& تعليق آيات الله تعالى كآية الكرسي أو غيرها من كتاب الله على الجدران وغيرها أرى أن هذا بدعة وأنه لا ينبغي للمؤمن أن يفعله لأن السلف الصالح الذين هم أشد منا تعظيمًا لكتاب الله وأشد منا حرصًا على الانتفاع به لم يفعلوه أبدًا.
& المجلس الذي تعلق فيه هذه الآية أو الآيات من القرآن الكريم قد يكون مجلس لغوٍ ولهوٍ وغيبةٍ ونميمةٍ وفسقٍ ومعازف, وغير ذلك مما يجعل من علّق هذه الآيات في مثل هذا المجلس كالمستهزئ بآيات الله...حيث يعلقها في مكان يكثر فيه اللغو واللغط
قراءة القرآن الكريم باللسان, لا بالقلب ولا بالعين:
& لا بد من القراءة من اللسان, لأن بعض الناس يقرأُ بقلبه...فيمرُّ القرآن على قلبه بدون نطق فهذا لا تجزئه في الصلاة, ولا قراءته على أنه ورد يحمي الإنسان, ولا قراءته على أنه يحصل على عشر حسنات في الحروف.
& القراءة بالعين كذلك لا تُجزئ, لأن بعض الناس يفتح المصحف ثم ينظر إلى الصفحات....يتابع الحروف بعينه...وهذا لا ينفعه ولا يثاب عليه, فثواب القارئ بلسانه, فالقراءة لا تكون إلا باللسان, لا بالقلب ولا بالعين.
سماع بعض المحتضرين عند موته:
& قد سمع بعض المحتضرين وهو يحتضر عند الموت يقول: روح وريحان, وجنة نعيم, مما يدل على أنه بشر بذلك, أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم.
بركة القرآن الكريم:
& هذا القرآن مبارك في ثوابه فالحرف منه بحسنة والحسنة بعشر حسنات وإنه مبارك في آثاره فقد ملكت به هذه الأمة مشارق الأرض ومغاربها,...وانهدمت به عروش كسرى وقيصرهم وغيرهم, إنه مبارك في تأثيره على قلب الإنسان وفي سلوكه ومنهجه
انتفاع حامل القرآن بالقرآن:
& أنت يا قارئ القرآن, إذا حملت القرآن فانتفع به, اعرف معناه, وطبقه, حتى لا يكون القرآن حجة عليك, لأن القرآن إما حجة للإنسان, وإما حجة على الإنسان.
اعرف الرجال بالحق:
& قال العلماء: اعرف الرجال بالحق, ولا تعرف الحق بالرجال, يعني لا تقس الحق بالرجال, لأن الرجال قد يخطئون وقد يصيبون, ولكن اعرف الرجال بالحق, فمتى رأيت هذا الرجل قد جاء بحق فهو رجل, وإن جاء بباطل فليس برجل.
فوائد العلم بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم:
& العلم بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم يزيد المرء إيمانًا, يزيد المرء محبة لرسول الله يزيد المرء اتباعًا لرسول الله...يزيد المرء معرفة بكيفية تدرج هذا الدين الإسلامي وأنه ليس لقمة تحسي فقط, بل لم يأت إلا بكدٍّ وتعب وجهاد يزيد المرء تمسكًا بدينه.
من يحرص على الحج وهو مضيع للصلاة:
& كيف تحرص على الحج وتضيع الصلاة؟...إن الإنسان ليقدم الأهم فالأهم, إذا كان في دنياه فيما يبيع ويشترى يقدم ما هو أربح...فلماذا لا يفعل ذلك في دينه؟ لماذا يضيع الصلاة؟ لماذا يمنع الزكاة؟ لماذا يُخلُّ بالصوم, لكنه يحرص أن يحج؟
التعامل مع الأمراء والحكام:
& الإمام أحمد رحمه الله إمام أهل السنة يخاطب المأمون بـــ " أمير المؤمنين ", فتخاطب الأمير بأدب, وتبين له الحق, وإن أخذت الأمير العزة بالإثم, وأصر على ما هو عليه من خطأ, فلا يحل لك أن تنشره خطأه.
& لو نشرت خطأ الأمير امتلأت قلوب الناس حقدًا عليه وتمردوا عليه, والأمير يرى أن له سلطة, وأنه لا يريدُ أن ينازعه أحد في سلطته, فربما يزداد فيما هو عليه, والناس يزدادون تمردًا عليه, فيحصل الصدام, ويحصل الشر والبلاء.
& بعض الناس إذا رأى من أميره ما يكره أشاع السوء, وملأ القلوب حقدًا عليه, مع أنه ربما يكون لهذا الأمير من الحسنات أضعاف أضعاف ما أساء فيه, وهذا ليس من العدل أن تنشر السيئات وتخفى الحسنات.
& الصدام بين الأمراء وبين الشعوب...النتيجة إسالة الدماء وانتهاك الأعراض وإتلاف الأموال بدون فائدة ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام «(من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرًا فمات إلا مات ميته جاهلية)»
& لو كان ولي الأمر يسرق ويزني ويشرب الخمر ويقتل الناس بغير حق, فإنه لا يجوز لنا أن نخرج عليه بل يجب علينا السمع والطاعة له, لأن الخروج بشروط بينها الرسول عليه الصلاة والسلام في قوله (( « إلا أن تروا كفرً بواحًا عندكم من الله فيه برهان » ))
& ليس معنى جواز الخروج أنه جائز بكل حال, بل لا بد من قدرة على منابذة هذا الولي الذي رأينا فيه الكفر البواح, فإن لم تكن لدينا قدرة فإن المجابهة حرام لأنه إذا لم تكن لدينا قدرة على مجابهته فالنتيجة ستكون سحق هؤلاء الخارجين وسحق أمثالهم.
اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض ضد المؤمنين:
& اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض, فلا يمكن أن تحيد عن هذه أبدًا ولا تظن خلافه أبدًا لأنه قول الله عز وجل قال الله: {﴿يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡض﴾} [المائدة:51] بعضهم أولياء بعض ضد المؤمنين
& هم فيما بينهم أيضًا أعداء, قال عز وجل: {﴿ وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ لَيۡسَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ عَلَىٰ شَيۡءٍ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَىٰ لَيۡسَتِ ٱلۡيَهُودُ عَلَىٰ شَيۡء﴾} [البقرة/113] لكنهم عدوان ضد عدو ثالث لهما وهم المسلمون
& لا تظن الآن أن النصارى في شق واليهود في شق بالنسبة لعداوة المسلمين أبدًا فهم سواء...إن أعداءكم النصارى كأعدائكم اليهود تمامًا, لكن النصارى لا يصرحون, ولا يظهرون بما يُظهر الغاصبون.
متفرقات
& اعلم أن الداعية إلى الله إذا كان عاملًا بما يدعو إليه كان ذلك سببًا لقبول دعوته
& إياكم والتساهل في الفتوى, والإنسان إن كان الله أراد أن يكون إمامًا, سيكون إمامًا قبل أن يتسرع إلى الفتوى.
& الصالحون الذين صلحوا في ظاهرهم وباطنهم, وصلاح الإنسان يكون بفعل الأوامر وترك النواهي...فالصالح من قام بحق الله وحق العباد.
& النسيان: ذهول القلب عن شيء معلوم, يعني أن الإنسان يعلم الشيء ثم يذهب وينسى, أما الخطأ فهو الجهل, بأن يرتكب الإنسان ما يلائم عليه من غير قصد.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: