هَمَسات .. في كلمات ... (29)
منذ 2024-02-11
من الأهمية بمكان أن يربى الناشئة والشباب على العلم بمحاسن الشريعة الإسلامية وهذا سيؤدي بإذن الله إلى افتخارهم بدينهم ويكون سد منيع في وجه الشبهات التي تمطر على رؤوسهم صباح مساء
(هَمَسات .. في كلمات) في باقتها الـ (29) بحمد لله وتوفيقه:
- من الأهمية بمكان أن يربى الناشئة والشباب على العلم بمحاسن الشريعة الإسلامية وهذا سيؤدي بإذن الله إلى افتخارهم بدينهم ويكون سد منيع في وجه الشبهات التي تمطر على رؤوسهم صباح مساء، وتندس في كل مكان حتى في ألعابهم، فإذا نشئ ناشئ الفتيان منا على أن كل حكم وأمر ونهي ورد في الكتاب أو السنة فهو في قمة العدل والرحمة والهداية والنور والمصلحة في الدنيا والآخرة، وعلماء المسلمون مستعدون استعداد كامل على إثبات ذلك، كما أنهم على أتم الاستعداد لمجادلة أو مناظرة أو تحدي أي أحد على وجه الأرض كائنًا من كان وإفحامه بالحجة والبرهان وإثبات أن ما عليه باطل وظلم وأن كل نقطة في الشريعة هي عين العدل، إذا زرعنا ذلك في نفوس الناشئة خاصة والمسلمين عامة أفلحنا وأنجحنا، لكن للأسف فإن الكثير من مناهج التعليم والوسائل الإعلامية تعظم عند أفكار جاهلية كالديمقراطية والوطنية وربماما يسمى بالشرعية الدولية وسبحان القائل (مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا).
- طرق محاربة الإسلام عموما وتطبيق الشريعة خصوصًا كثيرة ومتعددة ومتشعبة وحثيثة، وتصب عليها الأموال الطائلة وتبذل فيها للجهود الجبارة، وتحظى بتأييد ودعم سياسي وثقافي وإعلامي وعسكري ومالي دولي، فجميع المنظمات والهيئات المسماة دولية تحارب الشريعة علنًا وتنصر الوثن الديمقراطي، وكل ما يسمى بالدول العظمى وعلى رأسها أمريكا والصين وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي خصوصًا فرنسا وبريطانيا حاربت ولا زالت تحارب الإسلام والمسلمين وبالذات في مسألة الحكم، ومن مزاعمهم التي يحاولون بها صد الناس نور الحكم بما أنزل الله قولهم بالفصل بين السياسة والدين أو السياسة والحياة وعبارتهم الوثنية (الدين لله والوطن للجميع) والصحيح أن الدين لله والوطن ومن فيه لله أيضًا ولو كره المجرمون، أما قولهم بالفصل بين الدين والسياسة أو الحياة فهذا من أبطل الباطل؛ إذ أنه لا يوجد عمل أو قول أو اعتقاد إلا وهو ضمن أحد (الأحكام الخمسة:]اَلْوَاجِبُ: وَهُوَ مَا أُثِيبَ فَاعِلُهُ، وَعُوقِبَ تَارِكُهُ وَالْحَرَامُ: ضِدَّهُ. وَالمَكْرُوهُ: مَا أُثِيبَ تَارِكُهُ، وَلَمْ يُعَاقَبْ فَاعِلُهُ. وَالْمَسْنُونُ: ضِدَّهُ. وَالْمُبَاحُ: وَهُوَ اَلَّذِي فِعْلُهُ وتَرْكُهُ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ)[1]ولا يستطيع أحد أن يأتي بحكم خارج عن هذه الخمسة، إذا فالشريعة شاملة لكل نواحي الحياة بل إنها توجه الإنسان إلى التعامل بينه وبين نفسه فضلا عما حوله ( { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ).
- لعل من رحمة الله بنا أن جعل الدنيا دار نكدٍ وهمّ، فإن أفرحت يومًا أحزنت أيامًا، ولا يخلو العيش فيها من منغصات إما جسدية أو نفسية أو الاثنين معًا، ولا تجتمع لأحد فمن استقام له جانب فَقَدَ آخر، وجانب الرحمة في هذه الجزئية هو النفور من الدنيا وعدم الركون إليها، فالمؤمن أذا مسه طائف من أحزان الدنيا ومصائبها وقابل ذلك بالنعيم المقيم في الجنة تاقت نفسه لنعيم الجنة وتعزَّى بها عن حطام الدنيا، وأفضل ما يبين لك حقيقة الدنيا ويحلق بك في نعيم الجنة هو تلاوة كتاب الله بقلب حاضر متدبر، فسبحان الله مع ما في الدنيا من عيوب وبلايا إلا أن أكثر الناس متكالبون عليها تكالب الكلاب الجائعة على الجيفة النتنة، فيا ربنا (لا تجعل مصيبتنا في ديننا ، ولا تجعل الدنيا أكبر همّنا ، ولا مبلغ علمنا ، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا).
- في كل مجتمع شِيبٌ وشبان، ويتميز الشيب (الشيوخ) غالبًا بالتروي والتأني والنظر إلى العواقب وتغليب العقل على العاطفة، بينما يبرز في الشباب الاندفاع والحماس والإقدام وربما قصر النظر للعواقب وجماح العاطفة وطغيانها على العقل، وأحيانًا عندما ترى سيارة لن تجد كبير مشقة في استنتاج عُمْر السائق من خلال سرعته، وهكذا المواقف في الحياة، والواقع أننا بحاجة لحكمة الشيوخ وحماس الشباب، والعاطفة عند الشباب إذا لم تضبط تحولت إلى عاصفة وأفسدت أكثر مما أصلحت وربما دمَّرت، فكيف نضبط عواطفنا؟ الجواب بعرض مواقنا وتصرفاتنا على مرجعية تضمن لنا سير العاطفة في مسارها الصحيح وعدم تحولها إلى عاصفة، ومن فضل الله علينا أنه بين المرجعية الصحيحة (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى) ويبقى السؤال لماذا يجنح كثير من الشباب إلى التهور المؤدي إلى نتائج كارثية؟ لهذا أسباب من أبرزها الجهل وعدم الرجوع إلى العلماء {(فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)} ، فمن لا يعرف كيف يتصرف في موطن ما لا شك ستزلُّ قدمه، والجهل منتشر في كثير من بلاد المسلمين، فتجد الشاب في بعض البلاد يدرس أكثر من عشر سنوات في المحاضن الحكومية ولا تعلمه حتى التشهد، هذا إذا لم تكن المناهج الحكومية تحارب الإسلام أصلًا، ولذا على المسلم عمومًا والشباب خصوصًا الإقبال على طلب العلم الشرعي النافع العاصم بإذن الله من الفتن والغلو، ولا أقل أن يسأل العلماء قبل الإقدام على أي تصرف والحمد لله فمع شدة الحرب على الإسلام إلا أن طلب العلم أصبح أيسر من ذي قبل ولله المنُّ والفضل.
- للناس في لباسهم شؤون ومذاهب فمنهم من يشتري اللباس الجاهز، والبعض الآخر يفِّضل الذهاب إلى محل خياط ليفصل له لباسًا حسب ذوقه وعلى مقاسه، هذه الفكرة موجودة بحذافيرها في جانب الفتوى، فأصبح البعض منهم (كالخياط) جهلًا أو خبثًا يصدر فتاوى مفصلة لأذواق الناس خصوصًا الحكام منهم ومثل هذا " أحق بالسجن من السرَّاق" كما قال ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن (ت 136هـ)، حيث(رأى رجلٌ ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن يبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ فقال : استُفتي مَن لا علم له ، وظهر في الإسلام أمر عظيم ، قال: ولَبعضُ مَن يفتي ههنا أحق بالسجن من السرَّاق) وهؤلاء الصنف من المضلين أضر على الإسلام والمسلمين من الأعداء الظاهرين، فهم يهدمون الدين من حيث يظن الجاهل أنهم من حملته والله المستعان، (والواجب على العامي أن يسأل أهل العلم الذين يثق بدينهم وعلمهم، أما من عُرِف بالتساهل وتتبع الرخص ، وعدم الحرص على اتباع السنة ، فلا يجوز لأحد أن يستفتيه ، ولا أن يعمل بما يفتيه به)[2] ألا على أهل العلم بيان ضلال هؤلاء وفساد فتاويهم الشاذة حتى لا ينخدع بهم عامة الناس، وللأسف في زماننا هذا يُمكنون من المنابر الإعلامية والقنوات ليبثو سموهم ولا حول ولا قوة إلا بالله {(وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)} .
وصلى الله على المصطفى وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
- التصنيف: