معاني بعض أسماء الله الحسنى منتقاة من الحجة في بيان المحجة لقوام السنة الاصبهاني
يحسن بالمسلم أن يعرف معاني أسماء عز وجل, قال قوام السنة الإمام الأصبهاني رحمه الله: ينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فلله جل وعلا الأسماء الحسنى, من أحصى تسعة وتسعين اسمًا منها دخل الجنة, فعن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( « إن لله تسعة وتسعين اسمًا, مائة إلا واحدًا, من أحصاها دخل الجنة, إنه وتر يحب الوتر» )) رواه البخاري. قال الإمام البيهقي رحمه الله: وليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( تسعة وتسعون اسمًا )) نفي غيرها, وإنما وقع التخصيص بذكرها, لأنها أشهر الأسماء وأبينها معاني, وفيها ورد الخبر أن من أحصاها دخل الجنة, وفي رواية سفيان: ( من حفظها ) وذلك يدل على أن المراد بقوله: ( من أحصاها ) من عدّها وقيل معناه: من أطاقها بحسن المراعاة لها, والمحافظة على حدودها في معاملة الرب بها. وقيل معناه: من عرفها وعقل معانيها, وآمن بها, والله أعلم.
فيحسن بالمسلم أن يعرف معاني أسماء عز وجل, قال قوام السنة الإمام الأصبهاني رحمه الله: ينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته. ولو أراد رجل أن يتزوج إلى رجل أو يزوجه أو يعامله طلب أن يعرف اسمه وكنيته, واسم أبيه وجده, وسأل عن صغير أمره وكبيره, فالله الذي خلقنا ورزقنا, ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها.
وقوام السنة الإمام الاصبهاني رحمه الله, له كتابه سماه " الحجة في بيان المحجة وشرح عقيدة أهل السنة " ذكر فيه عدداً من أسماء الله عز وجل الحسنى ومعانيها, وقد انتيقت بعضًا مما ذكره, أسأل الله الكريم أن ينفع بذلك الجميع.
من أسمائه الله عز وجل: الرازق, والرزاق, والرازق المتكفل بالرزق, والقائم على كل نفس بما يقومها من قوتها, وسع الخلق كلهم رزقه, فلم يخص بذلك مؤمنًا دون كافر, ولا وليًا دون عدو, ويرزق عبده, ومن عبد غيره, ومن أطاعه, ومن عصاه, والأغلب من المخلوق أنه يرزق فإذا غضب منع, حكي أن بعض الخلفاء أراد أن يكتب جراية [الجراية: ما يجري على الشخص من بيت المال] لبعض العلماء, فقال: لا أريده, أنا في جراية من إذا غضب عليّ لم يقطع جرايته عني.
المخلوق إذا رزق فإنه يفنى ما عنده فيقطع عطاؤه عمن أفضل عليه, فإن لم يفنَ ما عنده فني هو وانقطع العطاء, وخزائن الله لا تنفذ, وملكه لا يزول.
- العظيم
ومن أسمائه تعالى: العظيم...والله تعالى خلق بين الخلق عظمة يُعظّم بها بعضهم بعضًا, فمن الناس من يُعظّم لمال, ومنهم من يُعظّم لعلم, ومنهم من يُعظّم لسلطان, ومنهم من يُعظّم لجاه, وكل واحد من الخلق إنما يُعظّم لمعنى دون معنى, والله عز وجل يُعظّم في الأحوال كلها, فينبغي لمن عرف حق عظمة الله أن لا يتكلم بكلمة يكرهها الله, ولا يرتكب معصية لا يرضاها الله.
- الغافر والغفور والغفار:
من أسماء الله عز وجل: الغافر والغفور والغفار, وهو الذي يستر الذنوب عن الخلق, ولا يظهرها, ولو علم غيره من المخلوقين ما يعلمه منك لأفشاه, ولعل مخلوقًا لو ستر عليك شيئًا علمه ثم غضب أدنى غضبة لأبداه وأفشاه, وأنت تتعرض لمعاصي الله عز وجل في كل وقت, وستره عليك مسبل, فالحمد لله على إحسانه إلى خلقه.
ـــــــــــ
- الحسيب:
ومن أسمائه عز وجل: الحسيب قال الله عز وجل: {﴿وكفى بالله حسيبًا﴾} [النساء:6] وقال تعالى: ﴿ { وكفى بنا حاسبين ﴾} [الأنبياء:47] والحساب يقع على الخير والشر بمثاقيل الذر, قال الله تعالى: {﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرةٍ شرًا يره ﴾} [الزلزلة:7-8] ....فانظر ما مثقال الذرة وأنت محاسب عليها, فيما تأخذه وتعطيه, مأخوذ منك, ومحسوب لك, تعطاه من غيرك, وغيرك يعطاه منك, فليكن بحسب هذا إشفاقك وخوفك, وليحذر أهل الغفلة عن النظر في مثاقيل الذرة وفقنا الله لما يرضى من القول والعمل.
- الكريم:
ومن أسمائه تعالى: الكريم, قال بعض أهل اللغة: الكريم الكثير الخير, والعرب تسمى الشيء النافع الذي يدوم نفعه كريمًا,...ومن كرم الله تعالى أنه يبتدئ بالنعمة من غير استحقاق, ويبتدع في الإحسان من غير استثابة, ويغفر الذنوب, ويعفو عن المسيء.
- الكبير:
من أسماء الله عز وجل: الكبير, قيل: مشتق من الكبرياء, والكبرياء مما تفرد الله به فمن نازعه الكبرياء قصمه, فلا ينبغي لأحد أن يتكبر على أحد, وينبغي أن يتواضع, فمن تواضع لله تعالى رفعه, قال الله عز وجل: {﴿ وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم ﴾} [الجاثية:37]
- الشاكر, والشكور:
ومن أسماء الله تعالى: الشاكر, والشكور, والمخلوق يشكر من أحسن إليه, والله يشكر لنا إحساننا إلى أنفسنا.
ــــــــــــ
- الحليم:
ومن أسماء الله تعالى: الحليم, حليم عمن عصاه, لأنه لو أراد أخذه في وقته أخذه, فهو يحلم عنه ويؤخره إلى أجله, وهذا الاسم وإن كان مشتركًا يوصف به المخلوق, فحلم المخلوقين حلم لم يكن في الصغر ثم كان في الكبر, وقد يتغير بالمرض والغضب والأسباب الحادثة, ويفني حلمه بفنائه, وحلم الله عز وجل لم يزل ولا يزول, والمخلوق يحلم عن شيء ولا يحلم عن غيره, ويحلم عمن لا يقدر عليه, والله تعالى حليم مع القدرة.
- الوهاب
ومن أسمائه: الوهاب يهب العافية ولا يقدر المخلوق أن يهبها ويهب القوة, ولا يقدر المخلوق أن يهبها, تقول: يا رب هب لي العافية, ولا تسأل مخلوقًا ذلك, وإن سألته لم يقدر عليه وتقول عند ضعفك: يا رب هب لي قوة, والمخلوق لا يقدر على ذلك
- القاهر القهار:
ومن أسمائه تعالى: القاهر والقهار, ومعناه يحيبهم إذا شاء, ويميتهم إذا شاء, ويمرضهم إذا شاء, ويصحهم إذا شاء, ويفقرهم إذا شاء, ويغنيهم إذا شاء, لا يقدر أحد منهم إذا حكم عليه بحكم أن يزيل ما حكم الله به.
- الخافض الرافع:
من أسمائه: الخافض الرافع, قيل الخافض هو الذي يخفض الجبارين, ويذل الفراعنة, والرافع هو الذي يرفع أولياءه وينصرهم على أعدائهم, يخفض من يشاء من عباده فيضع قدره ويخمل ذكره, ويرفع من يشاء فيعلى مكانه ويرفع شأنه, لا يعلو إلا من رفعه, ولا يتضع إلا من وضعه.
ـــــــــــــــ
- خير الفاصلين:
ومن أسمائه: خير الفاصلين, الفاصل: القاضي, يفصل بين الخلق ويقضي بينهم, وقد يكون في القضاة من يخطئ في الحكم, ومنهم من يقضي بالجور, والله تعالى خير الفاصلين, ينتقم للمظلوم من الظالمين, قال الله تعالى: {﴿ ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون ﴾} [إبراهيم:42] وهذا وعيد للظالم, وتعزية للمظلوم, ولا أحد أظلم ممن ظلم الضعيف واليتيم والمسكين ومن لا ناصر له غير الله, فليحذر الظالم وليرد المظلمة, وليخف دعوة المظلوم, لإنه ليس في الآخرة دينار ولا درهم, وإنما الحكم بالحسنات والسيئات, فمن ظلم أحدًا أحذ المظلوم منه حسناته, فإن لم يكن له حسنات زيد من سيئات المظلوم على سيئاته, فليبادر الظالم إلى ردّ المظلمة في الدنيا قبل القيامة حيث لا يكون دينار ولا درهم.
- خير الناصرين:
ومن أسمائه خير الناصرين...ومعناه ينصر المؤمنين على أعدائهم, ويثبت أقدامهم عند لقاء عدوهم ويلقي الرعب في قلوب عدوهم فينبغي لكل أحد إذا رأى منكرًا أن ينهى عنه ويعتقد أن الله ينصره قال الله عز وجل: {﴿ إن تنصروا الله ينصركم ﴾} فكل من يريد بقوله وعمله رضي الله ينصره الله ويعينه, فينبغي إذا رأى منكراً أن يغيره بيده إن قوي وإلا فبلسانه إن ضعف فإن عجز عن الأمرين أنكر قلبه وذلك أضعف الإيمان.
ـــــــــــــ كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: