ما ينبغي في آخر رمضان
عبد الله بن صالح القصير
الله تعالى يعتق في أخر ليلة من الشهر مثلما أعتق من أوله إلى آخره وليس عندكم يقين بالعتق من النار ثابت بصحيح الأخبار.
- التصنيفات: ملفات شهر رمضان -
ما ينبغي في آخر رمضان:
الحمد لله الأول فليس قبله شيء والآخر فليس بعده شيء والظاهر فليس فوقه شيء، والباطن فليس دونه شيء، أحمده سبحانه هو القادر على كل شيء العالم بعاقبة الميت والحي، ولا يعجزه شيء ولا يخفى عليه شيء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الإله الحق، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله المبعوث بين يدي الساعة بالحق بشيراً ونذيرا وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه السابقين بالخيرات المشهود لهم بالرضوان والجنة في محكم الآيات.
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله، واعتبروا باختلاف الليل والنهار فإنهما مواقيت للأعمال ومقادير للأعمار ومواعيد للآجال، وإنهما يبنيان كل جديد، ويدنيان كل بعيد ويأتينا بكل موعود وهما خزائن للأعمال وعلى المكلفين من جملة الشهود.
أيها الناس:
بالأمس القريب كنتم تتهيؤون لقدوم رمضان وأنتم اليوم توشكون على وداعه كما ودعتم ما قبله من الزمان ثم تفضون إلى الواحد القهار فتوفى النفوس ما عملت ويحصد الزارعون ما زرعوا إن أحسنوا لأنفسهم وإن أساؤا فبئس ما صنعوا فإنما هي أعمالكم تحصى عليكم ثم توفون إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه فما ظلمه الله.
عباد الله:
اختموا شهركم ذاكرين الأول: أن تختموه محسنين ما أمكنكم فإن الأعمال بالخواتيم فاختموا الشهر مقبلين على الله تعالى راغبين إليه راجين له خائفين من سوء عواقب تفريطكم وتقصيركم ولا تختموه بالسآمة والملل، والعجز والكسل {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [1].
الثاني: أن الله تعالى يعتق في أخر ليلة من الشهر مثلما أعتق من أوله إلى آخره وليس عندكم يقين بالعتق من النار ثابت بصحيح الأخبار.
معشر المسلمين:
وإنكم مهما اجتهدتم في شهركم، بحاجة إلى ربكم أن يتقبل عملكم، وأن يتجاوز عن تقصيركم وزللكم، وأن يوفي أجوركم مع ضعف جهدكم واجتهادكم، فاختموا الشهر والعبادة بكثرة الذكر والاستغفار، فإنهما يكملان العمل ويجبران الانكسار، ويجلبان رحمة ومغفرة الرحيم الغفار، واصبروا فإن الله يحب الصابرين، واتقوا فإن الله إنما يتقبل من المتقين، وأحسنوا فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، وخافوا الله وتوكلوا عليه، إن كنتم مؤمنين، ولا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ولا تأمنوا مكر الله فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون، ولا تيأسوا من روح الله فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا تقنطوا من رحمة الله ومن يقنط من رحمة الله إلا الضالون.
[1] (النور: 63).