ماذا بعد رمضان؟

منذ 2024-04-09

فقد رحلت يا شهر رمضان، يا شهر العتق من النيران، يا شهر الصدقة والإحسان، يا شهر الصيام والقيام، يا شهر الفضل والإنعام، يا شهر الخشوع والسجود والركوع...

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، اللهم صل عليه وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه المرسلين، وبعد:

أيها المسلمون:

رمضان رحل، ربح فيه الرابحون وخسر من عظمت موبقاته وآثامه، فيا أيها الرابح هنيئًا لك، ويا أيها الخاسر ما أجهلك، ولا نعلم من الرابح فنهنئه، ومن الخاسر فنعزيه، لكن الله يعلمهم، فعلم الغيوب إليه سبحانه.

 

فقد رحلت يا شهر رمضان، يا شهر العتق من النيران، يا شهر الصدقة والإحسان، يا شهر الصيام والقيام، يا شهر الفضل والإنعام، يا شهر الخشوع والسجود والركوع، يا شهر القرآن والغفران، يا شهر الحسنات وإقالة العثرات، يا شهر التسبيح والتراويح، لقد رحلت يا شهر العتاق وأذقت الأنام مرارة الفراق.

 

من الذي استفاد من رمضان؟

الذى صامه وقامه إيمانا واحتسابا، فعن أبى هريرة - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال " «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه» (أخرجه: البخارى (1/22، رقم 38)، ومسلم (1/523، رقم 760).

 

احذروا من العجب والغرور وألزموا الخضوع والانكسار للعزيز الغفار.

 

لنحذر العجب والغرور بعد رمضان! فلربما حدثتكم أنفسكم أن لديكم رصيد كبير من الحسنات. أو أن ذنوبكم قد غُفرت فرجعتم كيوم ولدتكم أمهاتكم. فما زال الشيطان يغريكم والنفس تلهيكم حتى تكثروا من المعاصي والذنوب. ربما تعجبكم أنفسكم فيما قدمتموه خلال رمضان.

 

قال الله تعالى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6] أتمن على الله؟ لا تمن على الله بعملك، لا تفخر، لا تغتر، وتتخيل أن أعمالك كثيرة، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «لو أن رجلاً يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرماً في مرضات الله تعالى لحقره يوم القيامة» " (أخرجه: أحمد (4/185، رقم 17686)،والطبرانى (17/122، رقم 303) عن عتبة بن عبد).

 

قصة بلعم بن باعوراء:

قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنْ الْغَاوِينَ}. [الأعراف:175، 176].

 

لا تكونوا كالتي نقضت غزلها !!

 

إياكم والرجوع الى المعاصي والفسق والمجون، وترك الطاعات والأعمال الصالحة بعد رمضان، فبعد أن تنعموا بنعيم الطاعة ولذة المناجاة... ترجعوا إلى جحيم المعاصي والفجر !! فبئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان..!!

 

يقول كعب – رضى الله عنه -: من صام رمضان وهو يحدث نفسه أنه إذا خرج رمضان عصى ربه؛ فصيامه عليه مردود، وباب التوفيق في وجهه مسدود

 

ولمَّا سُئِل بشر الحافي رحمه الله عن أناس يتعبدون في رمضان ويجتهدون، فإذا انسلخ رمضانُ تركوا، قال: بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان!

 

قصة ريطة بنت سعد:

قال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا}... [النحل:92].

 

مظاهر نقض العهد:

ولنقض العهد مظاهر كثيرة عند الناس فمنها..

1- تضييع الناس للصلوات مع الجماعه

2- الانشغال بالأغاني والأفلام.. والتبرج والسفور.. والذهاب إلى الملاهي والمعاكسات !!

3- ومن ذلك التنافس في الذهاب إلى المسارح ودور السينما والملاهي الليلية.

 

 

هل قُبِل صيامكم وقيامكم أم لا ؟

خوف السلف من عدم قبول العمل:

فلقد كان السلف الصالحون يحملون هم قبول العمل أكثر من العمل نفسه، قال علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ): كونوا لقبول العمل أشد أهتماماً من العمل، ألم تسمعوا قول الله - عز وجل -: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين} [المائدة:27] َ فمن منا أشغله هذا الهاجس !! قبول العمل أو رده، في هذه الأيام ؟ ومن منا لهج لسانه بالدعاء أن يتقبل الله منه رمضان ؟

 

من علامات  قبول العمل:

(1) أن ترى العبد في أحسن حال من حاله السابق.

(2) أن ترى فيه إقبالاً على الطاعة وزيادة في الخير الحسي

(3) الحسنه بعد الحسنه

(4) انشراح الصدر للعبادة والشعور بلذة الطاعة وحلاوة الإيمان

(5) التوبة من الذنوب

(6) الخوف من عدم قبول الأعمال في هذا الشهر الكريم !!

(7) الغيرة للدين والغضب إذا أنتُهكت حُرمات الله والعمل للإسلام بحرارة، وبذل الجهد والمال في الدعوة إلى الله.

 

وسائل معينة على الإستمرار على الطاعة:

1- الصيام المسنون: مثل: صيام ( الاثنين، الخميس )، ( وعاشوراء )، ( وعرفه )، ستة أيام من شوال وغيرها

2- قيام الليل: وقيام الليل مشروع في كل ليله

3- قراءة القرآن: وقراءة القرآن وتدبره ليست خاصه برمضان

4- وجوب الاستمرار في أعمال الخير بعد رمضان.

5- المحافظة على صلاة الجماعة

6- تجديد التوبة والاستمرار

7- عدم معصية الله: أصبحت عندك قدرة على التغيير فاستثمرها بعدم معصية الله – عزوجل -.

8- الاستغفار والشكر: فإنهما ختام الأعمال الصالحة، ( كالصلاة، والحج، والمجالس )، وكذلك يُختم الصيامُ بكثرة الأستغفار.

 

كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار والصدقة.

 

9- المداومة على الذكر والدعاء: وادعوا الله أن يثبتك على الطاعة بعد رمضان.

 

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

________________________________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالعزيز رجب

  • 2
  • 0
  • 579

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً