الإسلام دين الأنبياء جميعا
الإسلام هو دين الله تعالى الذي أرسل به المرسلين أجمعين، ولا يقبل من أحد دينا سواه
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية - - آفاق الشريعة -
الإسلام هو دين الله تعالى الذي أرسل به المرسلين أجمعين، ولا يقبل من أحد دينا سواه..وعندما يطلق لفظ الإسلام كدين فإنما يراد به أحد معنيين:
الأول: دين الله العام الذي أرسل به كل الرسل، ودعا إليه جميع الأنبياء، وانتسبوا إليه قاطبة، كلهم يصف نفسه وأمته بأنهم مسلمون.
قال نوح عليه السلام: {وأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} ( [يونس:72] ]
وقال الله عن إبراهيم: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [[آل عمران:67] ].
وقال إبراهيم وإسماعيل: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ} [البقرة:128].
وقال إبراهيم ويعقوب لأبنائهما: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [البقرة:132].
وقال يوسف: {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:101].
وقال موسى لقومه: {يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ} [يونس:84].
دين واحد وشرائع مختلفة:
والأصل في ذلك أن أصول جميع الأنبياء والمرسلين واحدة، فهم متفقون في عقائدهم، وأخبارهم عن الله تبارك وتعالى واليوم الآخر والجنة والنار، وإن اختلفت شرائعهم لتناسب احتياجات كل زمن ومتطلبات أهله، ولذلك فأصلهم الذي يدعون إليه جميعهم واحد، {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِىٓ إِلَيْهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعْبُدُونِ} [الأنبياء:25].
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : «الأنبياءُ إخوَةٌ لعَلَّاتٍ: دِينُهم واحِدٌ، وأُمَّهاتُهم شَتَّى»[(رواه أبو داود) ].
فثبت أنهم جميعا مسلمون في العموم، وأن دين جميعهم الإسلام بمعناه العام {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة:131]، وقال سبحانه جل في علاه: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:136].
وأما المعنى الثاني للإسلام فهو الإسلام الخاص، وهو دين محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ختم به الرسالات، وختم بصاحبه الرسل وقطع به النبوات، فلا نبي ولا رسول بعده صلوات الله وسلامه عليه، قال تعالى: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الأحزاب:40].
وأخبر أنه أرسله للناس كافة وللخلق أجمعين، فلا يستثنى من ذلك أحد بلغته رسالته، قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ:28]. وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:107]. وقال: {وأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلغ} [الأنعام:19]، وقال: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف:158].
وفي الحديث الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في صحيحيهما، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، فأيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي المَغَانِمُ ولَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ» ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً).
وبعد مبعثه صلوات الله وسلامه أصبح هذا الدين وهذه الرسالة هي الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه، ولا يسمى بمسماه إلا من آمن بصاحبه الذي أرسله الله به، واتبع ما جاء به، وقد أخذ الله الميثاق على جميع النبيين وأممهم أنه إذا بعث محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء أن يؤمنوا به ويتبعوا ما جاء به، {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَن تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران:81ـ83].
وأخبر سبحانه أنه أكمله وأتم به النعمة على عباده، ورضي به دينا لا بغيره.. قال سبحانه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3].
وقال سبحانه {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران:19].
قال ابن جرير رحمه الله في تفسيرها: "إخبار من الله تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام، وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين، حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم، الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لقي الله بعد بعثته محمدا صلى الله عليه وسلم بدين على غير شريعته، فليس بمتقبل . كما قال تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85].
فكل باب إلى رضا الله غير باب النبي مسدود، وكل دين غير الإسلام على صاحبه مردود، فليس ثم مؤمن بالله تعالى حق الإيمان إلا أهل الإسلام أتباع محمد عليه الصلاة والسلام، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لاَ يَسْمَعُ بِي أحد من هذه الأمة لا يَهُودِيٌّ، وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كانَ مِنْ أَصْحَابِ النار».