الصلاة والاهتمام بها
فالصَّلاةُ يا عباد الله: هيَ خيرُ الأعمالِ، وهيَ أولُ ما فُرضَ من العبادات، وهيَ آخرُ ما يُفقدُ من الدِّين، وآكدُ ما أوصى به الصادق الأمين، وهي أولُ وأخطرُ ما يُحاسبُ عليه المسلمُ يومَ الدَّين...
- التصنيفات: فقه الصلاة -
جاءَ في الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «استَقيموا ولَن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ، ولا يحافظُ علَى الوضوءِ إلَّا مؤمنٌ».. فالصَّلاةُ يا عباد الله: هيَ خيرُ الأعمالِ، وهيَ أولُ ما فُرضَ من العبادات، وهيَ آخرُ ما يُفقدُ من الدِّين، وآكدُ ما أوصى به الصادق الأمين، وهي أولُ وأخطرُ ما يُحاسبُ عليه المسلمُ يومَ الدَّين.. فإن قبلت قبل سائرُ العمل، وإن رُدت ردَّ سائرُ العمل.. الصلاة يا رعاكم الله: ركنُ الدِّين الرَّكِينِ، ومِعراجُ المتّقين، وقرةُ عينِ المفلحين، يقول عليه الصلاة والسلام: «وجُعِلَت قُرَّة عيني في الصلاة».. الصلاةُ أيها الموفقون: أداةُ الصلاح، وعنوانُ الفلاحِ، وطريقُ النَّجاح، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، وكيفَ لا يُفلِحونَ وهم سيَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ.. الصلاةُ يا أهلَ الصلاة: نورٌ في القلب، وانشراحٌ في الصدر، وطمأنينةٌ في النفس، وضياءٌ في الوجه، وزكاءٌ في العقل، وقوةٌ في البدن، وبركةٌ في العمر، وشفاءٌ لما في الصدور.. تَكفَّرُ السيئات، وترفَعُ الدرجات، وتضاعفُ الحسنات، يقولُ الحقُّ جلَّ وعلا: {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ طَرَفَىِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيّئَـٰتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذكِرِينَ} [هود:114]..
الصلاةُ أُيها المباركون: تفريجٌ للكروب، وعلاجٌ للخطوب.. تأملوا: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [المعارج:19].. وتأملوا أيضاَ: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر:97].. ولذا كان المصطفي صلى الله عليه وسلم: إذا حزبهُ أمرٌ فزِعَ إلى الصلاة.. ويقولُ لبلال: أرحنا بها يا بلال.. وفي الصحيحين قالَ صلى الله عليه وسلم: «مَن توضَّأ نحوَ وُضوئِي هذا، ثم قامَ فرَكَع رَكعتينِ لا يُحدِّثُ فيهما نفْسَه، غُفِرَ لهُ ما تَقدَّمَ من ذنبِه»..
وفي صحيح مُسلمٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: «ما من أحدٍ يتوضَّأُ فيُحسنُ الوضوءَ، ويُصلِّي رَكعتينِ، يُقبِلُ بقلبِه ووجهِه عليهما، إلَّا وجبتْ له الجَنَّةُ».. الصلاةُ أيها الموفقون: فيصلٌ بين الإيمانِ والكفر، فلا دِينَ لمَن لا صلاةَ له، ولا حظَّ في الإسلامِ لمَن تركَ الصّلاة، من حفِظها حفِظَ دينَهُ، وكانت لهُ نوراً وبرهاناً ونجاةً يومَ القيامةِ، ومن ضيَّعها فهو لما سِواها أضيَع.. بل جاءَ في صحيح مُسلمٍ أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «ليس بينَ الرّجل والكفرِ أو الشرك إلاّ تركُ الصّلاة»، وفي البخاري قال صلى الله عليه وسلم: «من فاتتهُ صلاةٌ فكأنما وُتِرَ أهلَهُ ومالَهُ»، وكان الصحابة لا يرَونَ شيئًا مِن الأعمالِ تركُهُ كُفرٌ غيرُ الصّلاةِ.
الصلاةُ أيها المباركون: هيَ أكثرُ العباداتِ ذكراً في القرآن والسنةِ، فقد ذُكرت في القرآنِ الكريمِ أكثرَ من ستين مرةً، وفي السنةِ المطهرةِ أكثرَ من مائة وسبعينَ مرةً، ثم إن ما رُتب على تركِها من العقوبات، لم يأتي مِثلهُ في غيرها.. وكلُّ ذلكَ يا عباد الله: يدلُ على عِظمِ قدرِ الصلاة، وعلى علو مكانتها عند الله.
وبُيُوتَ اللهِ يا عباد الله: هِيَ أَطهَرُ البِقَاعِ وَأَطيَبُهَا وَأَحَبُّهَا إِلى اللهِ، في الحديث الصحيح، قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا».. وفي الحديثِ: الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم: «الْمَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلاَّهُ مَا لَمْ يُحْدِثْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، ولاَ يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَةٍ مَا دَامَتِ الصَّلاَةُ تَحْبِسُهُ، لاَ يَمْنَعُهُ أَنْ يَنْقَلِبَ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ الصَّلاَةُ».. وفي المساجدِ تُغفرُ الذنوب والسيئات، وتُرفعُ الأجورُ والدَّرجاتُ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟، إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ».. بيوتٌ إنما بنيت للذِّكرِ والتَّسبيحِ وقراءة القُرآنِ، يعمرها رِجالٌ عَمَرَ اللهُ قلوبَهم بالتقوى والإيمانِ، يخافونَ يوماً شديد الأهوال: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور:36].. رجالٌ عَلَّقوا قلوبَهم بمَساجدِ الرَّحمنِ، يبادرونَ بالذهاب إليها قبلَ سماع الأذانَ، فجزاءُهم كَمَا صحَّ في الحديث: أن يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ، فإنَّ منهم: رَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ في الْمَسَاجِدِ.
فاتقوا الله في صلاتكم، واتقوا الله في أبنائكم وقرّةِ أعينكم وفلذات أكبادكم، فإنهم أمانةٌ في أعناقكم.. مُروهم بالمحافظة على الصّلوات، وحضورِ الجُمَعِ والجماعات، رغِّبوهُم ورهّبُوهم، وشجِّعُوهم وحفِزُوهم، وكونوا لهم قُدوةً حسنةً صالحة، يقولُ الحقُّ جلَّ وعلا: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ} [طه:132].. ويقولُ رسولُ الهدى صلى الله عليه وسلم: «مُروا أبناءَكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين».. وألحّوا على الله بالدعاء كثيراً أن يُصلحَهم ويهديهم، وأبناء المسلمين أجمعين.. اللهمّ أسعدنا قلوبنا بصلاح أبنائنا، اللهم وحبب إلينا وإليهم الصلاة، وأعنا وإياهم على الاهتمام بها، اللهمّ اجعلنا وإياهم هداة مهتدين، وأصلح لنا شأننا كله يا أرحم الراحمين.
أَلا فَاتَّقُوا اللهَ عباد الله وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلاةِ في بيوت الله، وخذوا زينتكم عند كل مسجدٍ وصلاة، فعلى قدرِ إقامتِها والاهتمام بها، والتبكيرِ إليها، وحُسنِ التهيؤ لها، تكونُ مكانةُ العبدِ عند اللهِ تعالى.. وعلى قدر إقامتِها والمحافظةِ عليها يكونُ البعدُ عن المعاصي والمنكرات: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:45].. وعلى قدر إهمالها والتفريطِ فيها، يكون الولوغُ في الشهوات: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم:59].
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، {وَاستَعِينُوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُلاقُو رَبّهِم وَأَنَّهُم إِلَيهِ راجِعُونَ} [البقرة:45].
معاشر المؤمنين الكرام: ليتخيَّلْ أحدنا أنَّه تَلَقى دَعوةً كريمةً من الدِّيوانِ لمقَابلةِ المَلكِ، فَمَا هُو شُعورُه، وَكَيفَ سيمضي الوقتُ عليه في انتظارِ ذلك الموعدِ، وكيفَ سيستعدُ لهذا اللِّقاءِ الهام، وكيف سيكونُ مستوى نَظافتِه، وَأَنَاقتِه، وَمَلابسِه، وَنوعيةِ طِيبِه.. ثم تخيل ذلك الدِّيوانِ، وقد امتلأ بِالحَرَسِ وَالمُوظفين والزوار، وإذا الجميعُ كَأنَّ عَلى رُؤوسِهم الطَّيرَ، الأَجسادُ خَاشِعةٌ، والقُلوبُ وَاجفةٌ، والحَركةُ قليلةٌ، والكَلِماتُ جَميلةٌ، ولا تسمعُ من الأصوات إلا هَمسَاً، ولا ترى من الوجوه إلا تبَسمَاً، وحين أُذن لك بالدخول، فلا تسأل عن مَشاعر الفخرِ والغبطة، والأُنسِ والفرحة، ويا لها من لحظات يصعبُ وصفُها، ووصفُ ما تركتهُ في النفس من آثارٍ لا تنسى.
والآنَ أَخبروني عن دعوةٍ أهمُّ من تلك الدعوةِ وأعظم، دعوةٌ مقدسةٌ تُوجَّهُ لكلِّ واحدٍ منا في كلَّ يومٍ خَمسَ مَراتٍ، حيَّ على زيَارةِ دِيوانِ مَلكِ المُلوكِ، حَيَّ عَلى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلى الفَلاحِ.. فَمَا هِيَ مَشاعرُكَ، وكيف هُوَ استعدادُكَ، وماذا عَن مستوى أناقتِكَ وملابسِكَ، وكَيفَ هو مقدارُ اهتِمامِك وعنايتك.
يَقُولُ شيخ الاسلام ابنُ تَيميةَ رَحِمَهُ اللهُ: كَانَ لِبَعضِ السَّلَفِ حُلَّةٌ بِمَبلَغٍ عَظَيمٍ مِنَ المَالِ، وَكَانَ يَلبَسُها وَقتَ الصَّلاةِ وَيَقولُ: رَبي أَحقُّ مَن تَجمَّلتُ لَهُ في صَلاتي، بينما هُنَاكَ مَن يَأتي إلى المَسجِدِ بِمَلابسٍ لَو دَعَاهُ جارهُ بَعَدَ الصَّلاةِ لمنزله، لاستحى واعتَذَرَ بسببها، كيف وبُيُوتَ اللهِ هِيَ أَطهَرُ البِقَاعِ وَأَطيَبهَا وَأَحَبّهَا إِلى اللهِ، فلا يَليقُ بِالمُسلِمٍ أَن يَأتيَ إِلى أَحَبِّ البِقَاعِ إِلى اللهِ إِلاَّ وَهُوَ في أَحسَنِ هَيئَةٍ يقدرُ عليها، كيف واللهُ جلّ وعلا يقول: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31].. وصح عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»، وقال ابن عمر لغلامه: أرأيتَ لو خرَجْتَ إلى النَّاسِ، أكُنتَ تجِدُ ثوبًا آخَرَ؟ قُال: نَعَم، قال: فاللهُ أحَقُّ أن تَزَّيَّنَ له.
بُيُوتُ اللهِ يا عباد الله: لَها مَقامٌ رَفِيْعٌ، ومكانةٌ عاليةٌ عند الله.. {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32].. ومَنْ اسْتَشْعَرَ عَظَمَةَ القِيامِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ في الصَلاةِ، فسيحسنُ التهيؤ لهذا الموقف العظيم، مُمْتَثِلاً أَمْرَ اللهِ لَه: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31].
فلنتأدب يا عباد الله مع بيوت اللهِ، ولنراقب أنفسنا: هَل إذا أتى أَحدُنا المَسجدَ استشعر أنه في بيت الله، في بَيتِ مَلكِ المُلوكِ، فتَواضعَ للهِ، واحترم بيت الله، ومن فيه من عباد الله، فلم يرفع صوتاً، ولم يضايق أحداً، ولم يَرى نَفسَهُ أنه أولى من غيره بفضَلٍ أو مكان، فالكُلُّ هنا عَبيدٌ سواسيه، والجميع جَاءوا يَرجونَ ما عِندَ اللهِ من الرَّحمةِ والإحسانِ.
ألا فلنتق الله يا عباد الله: ولنعظم شعائرَ الله، فإنَّ مما لا يُقبلُ في بيوت الله، إتيانُ البعضِ للمَسْجِد بِرائِحَةٍ كريهةٍ تؤذي المصلين وتُفقدهم الخُشوعَ والطمأنينة، وَقَد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإِنْسُ»، قَالَ العُلَماءُ: ويَدْخُلُ في هذا النَّهْيِ كُلُّ ما لَهُ رائِحَةٌ مُؤْذِيَة.. وعليه فَلَا يَحِلُّ للِمُسْلِم أَنْ يَحْضُرَ للْمَسْجِدَ بِرَائِحةِ الدُّخَّانِ، أَوْ بِمَلَابِسٍ تفوحُ منها رَوَائِح العَرَقِ المؤذية.
كما أدعوكم اخوتي الكرام، للاهتمام بنظافة المسجد والعناية بملحقاته، فإنَّ ذلك ليس مهمةَ القائمين على المسجد فقط، بل هي مهمةُ كلِّ مؤمنٍ غيور يرغبُ في تحصيل الدرجات والأجورِ، كما قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي، حَتَّى الْقَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ»، وحيث أن هناك هدرٌ كبير في استخدام المياه، فاحرصوا على الاقتصاد في ماء الوضوء، ومياه الشرب، واحذروا الإسرافِ فإنه مذمومٌ في كتاب الله، وعلى لسان رسول الله، وأعينوا القائمينَ على المسجد فيما تحمَّلوا من المسئولياتِ، وتجاوزوا عن الأخطاءِ والهفواتِ، فإنَّ الكمالَ أبى أن يكونَ إلا لربِّ الأرض والسموات.. واتقوا الله وأَصلحوا ذَاتَ بَينِكم، ولا تختلفوا فتَختلفَ قُلوبُكم، وكُونوا عِبادَ اللهِ إخواناً، فَمَا بُنيتْ المساجدُ إلا للعبادةِ والجماعةِ، والاجتماعِ على المحبةِ والطَّاعةِ.
ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.
اللهم صل على محمد...
_____________________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالله محمد الطوالة