هَمَسات .. في كلمات ... (31)

منذ 2024-05-14

علينا العِلم بـ(أن المقصد من إنزال القرآن هو الهداية بإخراج الناس من ظلمات الباطل إلى نور الحق)

 

(هَمَسات .. في كلمات) في نسختها الـ (31) بفضل الله وتوفيقه:

مما يفرح النفس، ويبهج الفؤاد، تسابق المسلمين لخدمة القرآن الكريم، هذا على مستوى الشعوب جلي وواضح، أما على مستوى الحكومات، فإن أغلب الحكومات الإسلامية، تأخذ من القرآن وتترك، وهذا من سمات اليهود قال الله عنهم: {(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)} ، فترى الكثير من الحكومات الإسلامية تغدق الأموال والتكريم لحفَّاظ القرآن ولا تبخل بالأموال لإقامة المسابقات المحلية والدولية، مع أن القرآن نزل ليطبق في حياة الناس، لا أن يفصل عن الحياة أو الحكم كما يزعم كهنة العلمانية، فالحاكم المسلم سيسأله الله عن تطبيق القرآن والحُكم به بين الناس، ولن يسأله لمَ لمْ يقم مسابقة دولية في الحفظ، أو لم يطبع ملايين النسخ من المصاحف، وإن كان هذا عمل جليل ومطلوب، ولكن علينا العِلم بـ(أن المقصد من إنزال القرآن هو الهداية بإخراج الناس من ظلمات الباطل إلى نور الحق)، ولا يتأتى ذلك إلا بتطبيقه وجعله نبراسًا في جميع شئون الحياة، وعلى رأسها الحُكم، إذ من المستحيل أن يكون القرآن منهج لحياة المسلمين ولا دخل له في الحكم.

********

ذم الله تعالى مشركي العرب في الجاهلية لقتلهم أولادهم خوفًا من الإملاق (الفقر)، وكثير من المسلمين في هذا الزمن للأسف يخشى كثرة الأولاد لأنه قليل ذات اليد، وربما لن يجد ما يطعمهم به كما يزعم، وهذا تناقض عجيب، فالحقيقة أن الأب لا يرزق نفسه فضلًا عن غيره، ومن عنده ولد واحد لا يرزقه هو، وإنما الرزاق هو الله تعالى، ولو قيل لأحدهم إن الأمير الفلاني أو الملك الفلاني سيتكفل بأولادك، أو هم في ذمة تاجر فاحش الثراء، ربما لاطمأنت نفسه لكثرة الولد، وهنا المصيبة العظمى، والبلية الكبرى، لأننا يقيننا قوي في وعد المخلوق الضعيف الفقير، وضعف يقيننا في وعد الخالق الغني الزراق ذو القوة المتين، وهناك جانب آخر لهذه المأساة وهو أن حكام بعض الدول الإسلامية يدعوا الناس صراحة للاكتفاء بولدين فقط، ويرى - جهلا أو خبثًا- أن ذلك في صالح الاقتصاد، والحقيقة أن مثل هذا الجاهل لا يملك رزق نفسه، فكيف يطلب من الناس تقليل النسل، والحق أن من أسباب قوة المسلمين كثرتهم، ولم ولن يكون عدد السكان سبب للفقر، وإنما هناك أسباب أخرى كالفساد بأنواعه، والاستغلال السيء للثروة، والتدخل السافر للأعداء في شئون المسلمين وغيرها.

********

نعمة الأمن من أجل النعم وأعظمها، فمع الأمن يسعى الناس لتحصيل أرزاقهم، ومع الأمن يداوي الناس مرضاهم، ومع الأمن ينشرون رسالة ربِّهم، ومن فقد الأمْن لا يكاد يهنئ له عيش، ولا يقرُّ له قرار، فإذا ألبسك الله لباس الأمان فاشكر ربك وأخلص له العبادة، وهذه النعمة فقدها كثير من المسلمين في السنوات السابقة بسبب ما يسمى  بـ (الثورة الشعبية)، والمطالبة بالتغيير، وحصل التغيير فعلا ولكن إلى الأسوأ، كان هناك ظلم، وفساد، واستئثار بالثروات، ومحاباة بالباطل، وقتل ومنكرات، فطالبوا بالتغيير، فحصل التغيير ولكن إلى الوراء، فكل ما طالبوا بتغييره زاد واستشرى، وأصبح علانية، والداعين إلى المظاهرات والثورات حتى ولو حسنت نيتهم، فإن المظاهرات غالبا ما يفلت زمامها ممن أشعلها، ويصبح هو نفسه يقاد من حيث لا يدري، والشريعة جاءت بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاربة الظلم والفساد، لكن بالحكمة وليس استبدال ظلم بظلم أكبر منه بكثير، فأمنٌ منقوص خير من عدمه، فالحكمة الحكمة وأموال وأعراض ودماء الناس ليست مختبر للتجارب.

********

إذا ذُكرت مرحلة الشباب جاء معها ذِكْر أمور منها الملل، وملل الشباب ناتج من الفراغ غير المستغل، والشاب يجتمع له مع الفراغ الصحة غالبًا، ولكن للأسف يعتبر كثير من الشباب أن الفراغ مشكلة فيحاولون قتله بأي وسيلة، سواء كانت تافهة كالشغف بمتابعة المباريات أو محرمة كمتابعة المسلسلات والأفلام الهابطة وقبل ذلك الأغاني الماجنة أو ربما قتلوا فراغهم بالمهلكات كالإدمان على الخمور والمسكرات، ولو أن الشاب حُبب إليه ما يملئ فراغه بالمفيد كقراءة الكتب والمنافسات النافعة، فإن القراءة النافعة عالم من المتعة والفائدة، ولن تجد محبًا للقراءة إلا ويشكوا من قلة الوقت ولو كان شابًا يافعًا، كما أن الشباب لديه شغف وحُب للمنافسات بمختلف أنواعها، المسابقات التنافسية بمختلف أنواعها تجذب الشباب وتستهويهم، فإذا كانت مسابقات هادفة حققت الكثير من الأهداف ومن أهمها الاستغلال الأمثل لفراغ الشباب الذي يحاولون قتله.

********

(مَن بدَّل دينَه فاقتُلوههذا الحكم العادل من كلام سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال الله عنه (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) لكن هذا الحكم لا يعجب كهنة العلمانية والديمقراطية والليبرالية وأذنابهم بل ويعتبرونه انتهاك وتعدي على حقوق الإنسان حيث جاء في مرجعتيهم الظالمة المسماة بـ (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) ما نصه: ( لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه ، أو معتقده)  والواقع وبكل أسف فإن معظم حكام المسلمين يقبلون كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرًا ولكن عند التطبيق فالكلمة تكون أحيانًا لـ (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان) وهكذا في كثير من أوامر الرسول ﷺ يتم قراءتها لكن مع وقف التنفيذ، بينما تنفذ اتفاقيات ما يسمى بالمجتمع الدولي الذين شريعتهم أهواؤهم كما وصف الله تعالى (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) بالمقابل حذَّر الله من اتباع أهواء هؤلاء الظلمة (وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ).

 وصلى الله على المصطفى وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان.

[email protected]

  • 3
  • 0
  • 279

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً