تخريج حديث: " من وجد سَعَةً فلم يُضَحِّ فلا يقربنَّ مُصلَّانا"
تخريج حديث: " من وجد سَعَةً فلم يُضَحِّ فلا يقربنَّ مُصلَّانا" وذكر أقوال أهل العلم فيه
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجد سَعَةً فلم يُضَحِّ، فلا يقربنَّ مُصلَّانا»؛ [رواه أحمد، وابن ماجه].
خلاصة الحكم: حديث ضعيف مرفوعًا، صحيح موقوفًا من قول أبي هريرة، قاله عندما كان أميرًا للمدينة في زمان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم جميعًا.
التفصيل:
رواه أحمد بن حنبل في المسند (8273)، والحاكم في المستدرك (7565)، من طريق أبي عبدالرحمن عبدالله بن يزيد المقرئ، ورواه ابن ماجه (3123)، والحاكم (3468)، والبيهقي في السنن الكبرى (19044)، من طريق زيد بن الحباب، ورواه أبو بكر الجصاص في (أحكام القرآن) (5/ 86) والبيهقي في (الخلافيات) (5364) من طريق يحيى بن سعيد العطار، ورواه أبو بكر الجصاص في (أحكام القرآن) (5/ 86) أيضًا من طريق يحيى بن يعلى، ورواه البيهقي في (شعب الإيمان) (6952) من طريق حيوة بن شريح، خمستهم (عبدالله بن يزيد المقرئ، وزيد بن الحباب، ويحيى بن سعيد العطار، ويحيى بن يعلى، وحيوة بن شريح) عن عبدالله بن عياش، عن عبدالرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قال الإمام أحمد بن حنبل: "هذا حديث منكر"، نقله عنه ابن الجوزي في (التحقيق في أحاديث الخلاف) (2/ 161)، وكذلك ابن القيم في كتابه (الفروسية - ط عطاءات العلم) (1/ 200)، وعزاه ابن القيم لرواية حنبل.
وقال البوصيري في (مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه) (3/ 222): "هذا إسناد فيه مقال عبدالله بن عياش، وإن روى له مسلم، فإنما روى له في المتابعات والشواهد، فقد ضعفه أبو داود والنسائي، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن يونس: منكر الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات"، قلتُ: إنما قال أبو حاتم: ليس بالمتين، صدوق، يكتب حديثه، وهو قريب من ابن لَهِيعَة؛ هكذا في (الجرح والتعديل) (5/ 126).
وقد خالف الخمسة السابقين عبدُالله بن وهب، فرواه في مُوطَّئه، كما في (التمهيد لابن عبدالبر) (15/ 124 ت بشار)، ومن طريقه الحاكم في المستدرك (7566) عن عبدالله بن عياش عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفًا عليه.
فإما أن يكون وهمًا من ابن وهب، أو يكون سمعه مرفوعًا، فشك في رفعه فأوقفه، أو أن عبدالله بن عياش كان يضطرب فيه؛ فيرويه أحيانًا مرفوعًا، وأحيانًا موقوفًا.
وقد تابع عبدالله بن وهب على روايته الموقوفة اثنان من الثقات؛ وهما عبيدالله بن أبي جعفر، وجعفر بن ربيعة، فروياه عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفًا.
فأما رواية عبيدالله بن أبي جعفر، فذكرها الطحاوي، كما في (اختلاف العلماء - اختصار الجصاص) (3/ 221)، والدارقطني في (العلل) (10/ 305)، ووجدتها موصولة عند ابن عبدالبر في (التمهيد) (15/ 124 ت بشار) قال: حدَّثنا عبدُالوارث بنُ سُفيان، قال: حدَّثنا قاسمُ بنُ أصبغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ الترمذيُّ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي مريم، قال أخبرنا يحيى بنُ أيوب، عن عبيدِالله بنِ أبي جعفر، عن الأعرج، عن أبي هُريرة، قال: وأخبرنا الليثُ بنُ سَعْدٍ وبكرُ بنُ مُضَرَ، قالا: أخبرنا عبيدُالله بنُ أبي جعفرٍ عن ابنِ هُرْمُز، قال: سمِعتُ أبا هُريرةَ، وهو في المُصَلَّى يقول: ((مَن قدَر على سَعةٍ فلم يُضَحِّ فلا يَقرَبَنَّ مُصَلَّانا)).
وإسنادها صحيح.
وأما رواية جعفر بن ربيعة فذكرها الترمذي، فيما نقل ذلك عنه البيهقي في (السنن الكبرى) (19/ 251 ت التركي)، ولكن لم أقف عليها موصولة.
وللحديث طرق أخرى شديدة الضعف، لم أعرج عليها.
وممن رجح وقف هذا الحديث من الأئمة: الطحاوي، والترمذي، والدارقطني، والبيهقي، وابن عبدالبر، وابن عبدالهادي، وكذلك الحافظ ابن حجر، كلامه يشعر بهذا، حيث نقل كلام هؤلاء الأئمة وأقرهم.
أما الطحاوي، ففي كتابه (اختلاف العلماء - اختصار الجصاص) (3/ 221)، ونقله عنه كذلك الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) (10/ 3).
والترمذي، فيما نقل ذلك عنه البيهقي في (السنن الكبرى) (19/ 251 ت التركي)، والدارقطني في (العلل) (10/ 305)، ونقله عنه الذهبي في (تنقيح التحقيق) (2/ 62)، والبيهقي، كما في (السنن الصغير) (2/ 222)، وابن عبدالبر في (التمهيد) (15/ 125 ت بشار)، وابن عبد الهادي في (تنقيح التحقيق) (3/ 564)، أما الحافظ ابن حجر فقد قال في (فتح الباري) (10/ 3): "اختلف في رفعه ووقفه والموقوف أشبه بالصواب قاله الطحاوي وغيره"، وقال في (بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الفحل) (ص500): "رواه أحمد وابن ماجه، وصححه الحاكم، لكن رجح الأئمة غيره وقفه".
كتبه: رمزي صالح محمد
- التصنيف:
- المصدر: