خطبة عيد الأضحى
محمد سيد حسين عبد الواحد
لماذا هو يوم عظيم ؟ لماذا يحبه الله عز وجل ؟ ولماذا يصنف يومنا هذا كأحد أفضل أيام الدنيا ؟؟
- التصنيفات: ملفات الحج وعيد الأضحي -
أما بعد فيأيها الإخوة الكرام كل عام وأنتم إلي الله أقرب كل عام وأنتم في أتم نعمة وعافية في دينكم وأموالكم وأولادكم وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم في مثل يومنا هذا فيما نستقبل الأعوام أن يجعلنا من حجاج البيت الحرام إنه ولي ذلك ومولاه وهو علي كل شيء قدير ..
يومنا هذا أيها المؤمنون هو اليوم العاشر من ذي الحجة يومنا هذا هو أحد أعظم الأيام وهو أحد أحب الأيام إلي الله تعالي قال النبي عليه الصلاة والسلام { (إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر )}
لماذا هو يوم عظيم ؟ لماذا يحبه الله عز وجل ؟ ولماذا يصنف يومنا هذا كأحد أفضل أيام الدنيا ؟؟
لأن يومنا هذا هو أحد أيام الأشهر الحرم وهو أحد أيام العشر من ذي الحجة وفوق هذا هو يوم النحر هو اليوم الذي رفع الله قدره هو اليوم الذي أظهر الله فضله وسماه يوم الحج الأكبر المذكور في صدر سورة براءة في قول الله تعالي {(وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ )}
وهو يوم ذكر لا يوم غفلة وهو يوم طاعة لا يوم معصية وهو يوم صدقة لا يوم إمساك وهو يوم مواساة وهو يوم صلة وإحسان وإكرام وهو يوم شكر لله تعالي لا يوم جحود وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام أن يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله عز وجل..
في سورة الحج حديث عن هذه الأيام جاء فيه {(وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ ) } وفي سورة البقرة حديث عما نستقبل من أيام التشريق جاء فيه {وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} .
ليوم عيدنا هذا أيها المؤمنون كثير من المعاني ..
في يوم عيدنا هذا دلالات وفيه رسائل واضحات يفتقر إليها كل مسلم ومسلمة ..
من بين رسائل يومنا هذا بيان أن الجزاء من جنس العمل من بين رسائل يومنا هذا بيان أن شيئا صغيرا أو كبيرا لا يضيع عند الله عز وجل هذه هى الرسالة الأولى..
فمن يعمل خيرا فسيلقي خيرا عاجلا أو آجلا ومن يعمل سوء فسيلقي سوء عاجلا أو آجلا فالجزاء من جنس العمل ولا يظلم ربك أحدا..
ورد في الذكر الحكيم أن إبراهيم عليه السلام كان أبوه وثنيا يعبد الصنم يعبد النجم يعبد الشمس والقمر هذا كله لم يدفع ابراهيم عليه السلام لأن يعق والده وإنما دفعه لنصحه والإحسان إليه والاستغفار له
{(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ) }
هذا هو كلام ابراهيم عليه السلام وهذا هو عمله بر والده وصاحبه في الدنيا بالمعروف ..
اسمعوها وتقبلوها مني أيها المؤمنون
إن أسرع عمل صالح تمتعون به وتنعمون ببركته في الدنيا قبل الآخرة إحسانكم إلي آبائكم وأمهاتكم , لما كان ابراهيم بارا رزق بمن يبره , لما كان ابراهيم إلي أبيه محسنا رزق بمن يحسن إليه رزق بمن يسمع له ويطيع حتي في عظائم الأمور والجزاء من جنس العمل:
{(فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ )}
أيها الإخوة المؤمنون هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟ قال النبي عليه الصلاة والسلام ( بِرُّوا آباءَكُمْ تَبَرَّكُمْ أبْناؤكُمْ ) هذه هي الرسالة الأولي كما تدين تدان .
أما الرسالة الثانية
فهي بيان أن الله تعالي لا يضيع أهله الرسالة الثانية بيان أن الله تعالي لا يعذب أحبابه من المؤمنين والمؤمنات .. قد يبتليهم وهو يحبهم قد يختبر إيمانهم في أنفسهم في أموالهم في أولادهم ليجعلهم للناس قدوة في الصبر والرضا والتسليم لله رب العالمين .
قال سعد بن أبي وقاص سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً؟ قَالَ « النَّبِيُّونَ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَإِنْ كَانَ صُلْبَ الدِّينِ اشْتَدَّ بَلاَؤُهُ ، وَإِنْ كَانَ فِى دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِىَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا تَبْرَحُ الْبَلاَيَا عَلَى الْعَبْدِ حَتَّى تَدَعَهُ يَمْشِى عَلَى الأَرْضِ لَيْسَ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ »
ابراهيم عليه السلام لم يبتلي فقط بذبح ولده وإنما ابتلي مع ذبح ولده بابتلاءات أخري { (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ) }
ما الكلمات التي ابتلي الله بها ابراهيم فوفاها وأتمها ابراهيم عليه السلام ؟
ابتلي في والده فأحسن إليه , ابتلي بقذفه في النار فسلم أمره لله ابتلي بفراق قومه في الله ففارقهم لله ابتلي بجدال النمرود فجادله , ابتلي بفراق الزوج والولد ففارقهم , ابتلي برفع قواعد البيت الحرام فرفعها ووفاها , ابتلي بالضيافة فصبر عليها بنفسه وماله ثم ابتلي في ولده لا بأن يضربه ولا بأن يحبسه ولا بأن يفارقه بل ابتلي في ولده أن يذبحه بيده فسلم ابراهيم أمره لله وهمّ أن يذبح قرة عينه وثمرة فؤاده سمعا وطاعة لله بلا تردد وبلا امتناع وبلا تسويف لولا أن أدركته رحمة الله تعالي ..
في بيان واضح وضوح الشمس أن الله تعالي لا يضيع أهله وأن الله لا يعذب مؤمنا ولا مؤمنة وفي الذكر الحكيم {(مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا )}
ابتلي ابراهيم فرضي وسلم أمره لله وقدم حب الله وطاعة الله علي كل ما سواه { (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ )}
نجح ابراهيم في كل اختبار , تفوق ابراهيم في كل امتحان , فكافئه ربه أيما مكافئة جعله للناس إماما وجعل في ذريته النبوة والكتاب واتخذه من بين الناس خليلا وزرع محبته في قلوب الناس أجمعين وجعل له لسان صدق في الآخرين .. فالكل يحب ابراهيم عليه السلام
فالله تعالي يحب ابراهيم والمشركون يقولون نحن نحب ابراهيم وأهل الكتاب يقولون نحن نحب ابراهيم والمسلمون يقولون نحن نحب ابراهيم والله تعالي يقول:
{(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ )} قال زيد بن خارجة «سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ قَالَ صَلُّوا عَلَيَّ وَقُولُوا اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .
يومنا هذا هو يوم ابراهيم عليه السلام هو يوم التأسي به هو يوم العمل بسنته عليه وعلي نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام
«قال زَيْد بْنِ أَرْقَمَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الأَضَاحِىُّ؟ قَالَ سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قُلْنَا فَمَا لَنَا فِيهَا؟ قَالَ بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَالصُّوفُ قَالَ بِكُلِّ شَعَرَةٍ مِنَ الصُّوفِ حَسَنَةٌ » »