قيام الليل يجعلك تدخل الجنة دون أن يصيبك لفح النار

قَالَ ﷺ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ»

  • التصنيفات: فقه العبادات - فقه النوافل -

روى الترمذي وصححه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ»[1].

 

معاني المفـردات:

انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَـهُ: أي ذهبوا مسرعين نحـوه.

 

وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أي اشتهر بين الناس هذا الخبر.

 

فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِليهِ: أي ذهبت إلى الناس لكي أعرف الأمر.

 

فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَهُ: أي عَرَفته.

 

عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ: أي لما ظهر عليه من أنوار النُّبُوَّة.

 

أَفْشُوا السَّلَامَ: أي أكثروا من السلام، وبيِّنوه فيما بينكم.

 

وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ: أي للبر، والفاجر فقراء كانوا، أو أضيافا، أو أقارب.

 

وَصِلُوا الْأَرْحَامَ: أي صلوا أرحامكم.

 

وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ: أي قيام الليل.

 

تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ: أي سالمين من المكروه.

 

روى الطبراني وصححه الألباني عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ سَلْمَانَ رضي الله عنه؛ لَيَنْظُرَ مَا اجْتِهادُهُ، قَالَ: فَقَامَ يُصَلِّي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَ الَّذِي كَانَ يَظُنُّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ سَلْمَانُ رضي الله عنه : «حَافِظُوا عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، فَإِنَّهُنَّ كَفَّارَاتٌ لِهَذِهِ الْجِرَاحَاتِ مَا لَمْ تُصَبُ الْمَقْتَلَةُ، فَإِذَا صَلَّى النَّاسُ الْعِشَاءَ صَدَرُوا عَلَى ثَلَاثِ مَنَازِلَ: مِنْهُمْ مَنْ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، فَرَجُلٌ اغْتَنَمَ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ فِي غَفْلَةِ النَّاسِ، فَرَكِبَ رَأْسُهُ فِي الْمَعَاصِي، فَذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَا لَهُ، وَمَنْ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ فَرَجُلٌ اغْتَنَمَ ظُلْمَةَ اللَّيْلِ وَغَفْلَةَ النَّاسِ، فَقَامَ يُصَلِّي فَذَلِكَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ فَرَجُلٌ صَلَّى ثُمَّ نَامَ، فَذَلِكَ لَا لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَإِيَّاكَ وَالْحَقْحَقَةَ، وَعَلَيْكَ بِالْقَصْدِ وَالدَّوَامِ»[2].

 

معاني المفردات:

كَفَّارَاتٌ لِهَذِهِ الْجِرَاحَاتِ: أي سبب لتكفير الذنوب.

 

مَا لَمْ تُصَبُ الْمَقْتَلَةُ: أي ما لم يرتكب الكبائر.

 

فَرَكِبَ رَأْسُهُ فِي الْمَعَاصِي: أي أكثر من المعاصي.

 

وَإِيَّاكَ وَالْحَقْحَقَةَ: أي احذر شدة السير حتى تعطب الراحلة، والمعنى لا تكثر من العبادة فتجعلك تمل.

 

وَعَلَيْكَ بِالْقَصْدِ وَالدَّوَامِ: أي عليك بالتوسط من قيام الليل بقدر لا يرهقك.

 

ما يستفاد من الحديثين:

1- استحباب قيام الليل.

 

2- استحباب الإكثار من إلقاء السلام.

 

3- استحباب إطعام الطعام للفقراء والمساكين.

 

4- التحذير من الاشتغال بالمعصية، وترك الطاعة.

 

5- خير العمل أدومه، وإن قل.

 

6- الحث على القصد في العبادة، وعدم التعنت فيها.

 


[1] صحيح: رواه الترمذي (2485)، وصححه، وابن ماجه (1334)، وأحمد (23784)، وصححه الألباني.

[2] صحيح: رواه الطبراني في المعجم الكبير (6051)، وأبو داود في الزهد (256)، وعبدالرزاق في المصنف (148)، والألباني في صحيح الترغيب والترهيب (360).

_______________________________________
الكاتب: د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني