ليعلم العباد مدى افتقارهم إلى الله تعالى
الهدى والضلال بيد الله تعالى وحده، لا يقدر عليه غيرُه ولا يملكه سواه؛ قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}
- التصنيفات: نصائح ومواعظ -
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء: 88]، تأمل قول الله تعالى: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ} ؛ لتعلم أن الهدى والضلال بيد الله تعالى وحده، لا يقدر عليه غيرُه ولا يملكه سواه؛ قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [النحل: 93]، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ} [الرعد: 27]، لحكمة بالغة قضاها، والله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، والله تعالى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23].
ولتعلم كذلك أن من أضلَّه الله تعالى، فلا يملِك أحدٌ من الخلق هدايته، ولا ينصُره من الله ناصر، ولو اجتمع له من بأقطارها؛ قال تعالى: {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [الروم: 29].
وأن من أضله الله تعالى فلا يغني عنه حسب ولا نسبٌ؛ قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [التحريم: 10]، وقال تعالى لرسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56].
وأن مَن أضله الله تعالى، فلن تجد له سبيلًا يسلُكه للهداية، أو يخلص إليه من الضلال.
والله تعالى مع ذلك يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، وَيَعْصِمُ وَيُعَافِي فَضْلًا، وَيُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ، وَيَخْذُلُ وَيَبْتَلِي عَدْلًا، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]، ليعلَم العباد شدةَ حاجتهم إلى الله تعالى، ومدى افتقارهم إليه في كل حركة وسكنة.
________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب