صلاة الضحى بثلاثمائة وستين صدقة

منذ 2024-08-27

قَالَ ﷺ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى»

روى مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى»[1].

 

معاني المفردات:

يُصْبِحُ: أي كل يـوم.

 

عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ: أي المفاصل، وقد ثبت في صحيح مسلم أنها ثلاثمائة وستون.

 

صَدَقَةٌ: أي في مقابلة ما أنعم الله به عليه في تلك السلاميات، إذ لو شاء لسلبها القدرة وهو في ذلك عادل.

 

فَكُلُّ تسْبِيحَةٍ: أي سبحان الله.

 

صَدَقَةٌ: أي مثل أجر الصدقة.

 

وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ: أي الحمد لله.

 

وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ: أي لا إله إلا الله.

 

وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ: أي الله أكبر.

 

وَأَمْرٌ بِالمَعْرُوفِ: المعروف هو كل ما استحسنه الشرع.

 

وَنَهْيٌعَنِ المُنْكَرِ: المنكر هو كل ما استقبحه الشرع.

 

وَيُجْزِئُ: أي يكفي.

 

مِنْ ذَلِكَ: أي من العمل، أو الصدقات.

 

رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى: أي بعد طلوع الشمس، ويمتد وقت الضحى من طلوع الشمس إلى قبيل صلاة الظهر.

 

روى أبو داود وصححه الألباني عَنْ أَبِي بُرَيْدَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ: «فِي الْإِنْسَانِ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَسِتُّونَ، مَفْصِلًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ بِصَدَقَةٍ» قَالُوا: وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: «النُّخَاعَةُ فِي المسْجِدِ تَدْفِنُهَا، وَالشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنِ الطَّرِيقِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ»[2].

 

 

معاني المفردات:

النُّخَاعَةُ: هي البزقة التي تخرج من أصل الفم.

 

تُنَحِّيهِ: أي تبعده.

 

 

ما يستفاد من الحديثين:

1- وجوب شكر نعم الله التي في الإنسان ذاته.

 

2- الصدقة لا تنحصر في المال.

 

3- فضيلة ركعتي الضحى.

 

4- فضيلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

5- فضيلة ذكر الله تعالى.

 

6- فضيلة إزالة الأذى عن المسجد.

 


[1] صحيح: رواه مسلم (720).

[2] صحيح: رواه أبو داود (5242)، وأحمد (23037)، وصححه الألباني في الإرواء (2/ 213).

_________________________________________________
الكاتب: د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني

  • 2
  • 0
  • 348
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    معركة الجماعة والفصائل (1) في ظل غياب جماعة المسلمين التي تضمّهم، وغياب الإمام الذي يقيم فيهم شرع الله، ويقاتلون من خلفه، وجد المسلمون في الفترات الماضية في الأحزاب التي كانت تزعم أنها تعمل لإقامة الدّولة الإسلاميّة حلّاً مؤقتاً يتمكّنون خلاله من الاجتماع في إطاره، وتنظيم جهودهم وحشد طاقاتهم في سبيل العودة بالأمة إلى وضعها الطبيعي، وهو إقامة جماعة المسلمين التي تضمّهم جميعاً ويحكمها الإمام الواحد بشرع الله عزّ وجل. وبسبب الاختلاف الكبير بين مؤسسي هذه التنظيمات والأحزاب عقديّاً ومنهجيّاً بل وحتّى نفسياً، انعكس هذا الاختلاف على أحزابهم، فسادَ الصراع والنزاع بدل الائتلاف والاتفاق، رغم أن كل هذه الجماعات تدّعي أنّ لها الهدف نفسه، وزاد من حدّة هذه الخلافات تدخّل الأطراف الخارجية وعلى رأسها أجهزة المخابرات التي نجحت في التسلل إلى هذه الأحزاب محدثةً في صفوفها اختراقات على مستوى القيادات غالباً، فتحولت الخلافات إلى صراع وتنازعٍ فيما بينها، وتحوّلت هذه الأحزاب إلى همٍّ جديد يضاف إلى هموم هذه الأمّة المثقلة بالجراح والنكبات. وما قام المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يوماً ضد طاغية، إلا وتقدّمت الأحزاب أمامهم تطلب الزعامة والقيادة، ثم تنافست فيما بينها على هذه الزعامة، لتضيعَ ثمرة تضحيات مئات الألوف من القتلى والأسرى والمكلومين، وتدوسَ على جراح ملايين المشرّدين والمهجّرين. ويسعنا في هذا المقام ضرب أمثلة قليلة، لتوضيح هذه الحقائق. النموذج الأول: أحزاب أفغانستان في عام ١٤٠٠ هـ دخل السوفييت واحتلوا أفغانستان بشكل مباشر للحفاظ على سلطة الشيوعيّين فيها بعد سلسلة من الاضطرابات التي قمعها الشيوعيون بشدّة، وراح ضحيّتها أكثر من عشرة آلاف قتيل وعشرات الآلاف من اللاجئين، ليبدأ عندها قتال السوفييت المحتلّين وعملائهم من الأحزاب الشيوعيّة الأفغانيّة من قبل الأهالي، وتشكّلت الكثير من المجاميع لقتال الشيوعيّين على امتداد أفغانستان، منها ما أنشئ على أساس قبَلي فقادها الزعماء القبليّون، ومنها ما أنشئ على أساس ديني فقاد بعضها المرتدون من أصحاب الطرق الصوفيّة، وقاد أخرى رجال الحوزات الرافضيّة، فيما ارتبط كثير من المجاميع بالأحزاب المتفرّقة الموجودة في بيشاور، وشيئاً فشيئاً استقرّت الساحة على مجموعة من الأحزاب الكبرى التي كان لكلٍّ منها ارتباطه الدولي، ومصادر التمويل الخاصّة به. وقد لعب الصراع بين هذه الأحزاب والفصائل دوراً كبيراً في إطالة أمد الحرب ضد الشيوعيّين، وفي تأخير النصر، وإدامة الحرب التي أهلكت ما يقارب من مليوني نفس من الأفغان، ودفعت 5 ملايين إلى النزوح واللجوء إلى باكستان وإيران، فكلما سيطر فصيل على جزءٍ من أرضٍ انسحب الشيوعيون منها منع الفصائل الأخرى من المرور من منطقته، أو أخذ منها ضرائب باهظة لقاء السماح بمرور قوافلها، أو الاعتداء على هذه القوافل وسلبها إن امتنعت عن دفع هذه الضرائب، ممّا دفع مقاتلي الفصائل إلى السير أحياناً مئات الأميال للابتعاد عن مناطق سيطرة هذا الفصيل أو ذاك ممّن ينافسهم على النفوذ والسيطرة، هذا عدا عن الخيانات المتبادلة بين هذه الأحزاب في المعارك المشتركة ضد الشيوعيّين، إذ وصل بهم الأمر أن يفضل بعضهم انتصار الشيوعيّين في سبيل تكبيد خصمه من الحزب الآخر خسائر باهظة في الأرواح فيضعفه بذلك. وبعد انهيار النظام الشيوعي إثر انسحاب الجيش السوفيتي الذي بدأ عام ١٤٠٩هـ بعد الاستنزاف الكبير الذي تعرّض له، تأخّر فتح كابول أكثر من ١٥ يوماً، لا لسبب إلا النزاع بين هذه الأحزاب على أسبقيّة الدخول إلى المدينة وبالتالي نيل زعيم الحزب لقب (الفاتح)، وأيضاً للسيطرة على مفاصل العاصمة وبالتالي الهيمنة على الحكومة المستقبلية، بالإضافة إلى الرغبة في تصفية الشيوعيّين داخل العاصمة من المرتبطين بالأحزاب الأخرى، وحماية المرتبطين بحزبه، حيث تورّطت معظم هذه الأحزاب بالعلاقة مع الضبّاط الشيوعيّين داخل كابول قبل فتحها، أولئك الضبّاط الذين قام كلٌّ منهم بخدمة الحزب الذي وعد بتأمينه، بل وحاول بعضهم القيام بانقلابات ضد الرئيس الشيوعي (نجيب الله) بدعم وتحريض من هذا الحزب أو ذاك. وبعد انهيار النظام الشيوعي إثر انسحاب الجيش السوفيتي الذي بدأ عام ١٤٠٩هـ بعد الاستنزاف الكبير الذي تعرّض له، تأخّر فتح كابول أكثر من ١٥ يوماً، لا لسبب إلا النزاع بين هذه الأحزاب على أسبقيّة الدخول إلى المدينة وبالتالي نيل زعيم الحزب لقب (الفاتح)، وأيضاً للسيطرة على مفاصل العاصمة وبالتالي الهيمنة على الحكومة المستقبلية، بالإضافة إلى الرغبة في تصفية الشيوعيّين داخل العاصمة من المرتبطين بالأحزاب الأخرى، وحماية المرتبطين بحزبه، حيث تورّطت معظم هذه الأحزاب بالعلاقة مع الضبّاط الشيوعيّين داخل كابول قبل فتحها، أولئك الضبّاط الذين قام كلٌّ منهم بخدمة الحزب الذي وعد بتأمينه، بل وحاول بعضهم القيام بانقلابات ضد الرئيس الشيوعي (نجيب الله) بدعم وتحريض من هذا الحزب أو ذاك. ودخلت الأحزاب إلى كابول في عام ١٤١٢ هـ، وأُعلن عن تشكيل "حكومة المجاهدين" التي لم تستمر سوى أسابيع قليلة، ليبدأ القتال بين الأحزاب الذي استمرّ ثلاث سنوات، وراح ضحيّته أكثر من خمسين ألف نفس معظمهم من أهالي كابول الذين لا ناقة لهم ولا جمل في هذه الحرب، وتغيّرت وجهة القتال أكثر من مرّة وتغيّرت التحالفات بين الأحزاب أيضاً، فالحزب المعادي اليوم قد يتحوّل غداً إلى حزب حليف على حزب آخر وهكذا، وزاد الانقسام في المناطق، وزادت سطوة عناصر الأحزاب على الناس، سلباً للأموال وانتهاكاً للأعراض وإزهاقاً للأنفس، حتى كرههم الناس وتمنّى كثير منهم عودة الحياة الآمنة، فقادة الأحزاب لا شريعةً أقاموا ولا تركوا الناس يهنؤون بعيش. ولم يحسم أيٌّ من هذه الأحزاب المعركة لصفّه حتى ظهر حزب جديد على الساحة ليقاتل الأحزاب جميعاً وهو حزب (الطالبان)، الذي لقي الدعم الشعبي الكافي، حيث دخل في طاعتهم بعض زعماء الأحزاب، بعد إعلان (الطالبان) إقامة (الإمارة الإسلاميّة) وطردهم الأحزاب من العاصمة كابول، فيما قاتلهم أكثر الأحزاب، إلا أن (الطالبان) تمكّنوا من هزيمتهم مجتمعين، واستمروا في مطاردتهم إلى أقصى شمال البلاد، حيث توقفوا عن محاربة بعضهم، وشكلوا تحالفاً مشتركاً ضد هذا الحزب الجديد، فلمّا عجزوا جميعاً عن هزيمة (الطالبان) لجؤوا إلى طلب المساعدة من روسيا وإيران والدول الأوروبية وأمريكا، الذين أمدّوهم بالمال والدعم، الذي لم يكن كافياً لحسم هذه المعركة. ومع قدوم الصليبيّين لاحتلال أفغانستان لم يجدوا أفضل من هذه الأحزاب ليعملوا تحت إمرتهم، فانضمّ معظمهم إلى التحالف الصليبي، إما مقاتلين يمشطون المناطق التي تقصفها الطائرات الصليبيّة، وقد ارتكبوا المجازر بحق أعدائهم من (الطالبان)، وحلفائهم من المهاجرين، أو مشاركين في العمليّة السياسيّة التي نظّمها الصليبيّون لإدارة البلاد في ظل الاحتلال، وهكذا تحوّل زعماء الأحزاب الذين خرجوا يوماً ما لقتال المحتل الكافر الشيوعي، إلى عملاء للمحتل الكافر الصليبي. أما حزب (الطالبان) فقد استمر في قتال الأمريكيين لأكثر من عقد من الزمن، هم وحلفائهم من الجماعات والفصائل الأخرى في أفغانستان وباكستان، ومع إعلان الأمريكيين عن قرب انسحابهم، كثُر الحديث عن مفاوضات تجري بينهم وبين الحكومة المرتبطة بالصليبيّين، حيث أن المشروع الأمريكي يقضي بتشكيل حكومة "وحدة وطنيّة" تجمع حزب (الطالبان) وأحزاب (حكومة كابول)، وبالتالي ضم مقاتلي الحزب إلى "الجيش الأفغاني"، وإذا ما تمّ هذا الأمر فإن حزب (الطالبان) سيكون بذلك قد انضمّ إلى جملة الأحزاب التي دخلت في صف الحكومة الأفغانية المرتدّة، وليس هذا مستبعداً عن قيادة الحزب الجديدة التي أخفت عن الجنود نبأ مقتل أميرهم (الملا عمر) لأكثر من عامين، وقادت الحزب باسمه، مصدرة البيانات والقرارات بتوقيعه، فاتحةً الباب للعلاقة مع طواغيت جزيرة العرب وإيران، مقدّمةً وفي أكثر من مناسبة التطمينات لطواغيت العرب والعجم أن حزب (الطالبان) معنيٌّ فقط بقتال الأمريكيين داخل أفغانستان وأنّهم لن يتدخّلوا في شؤون البلدان الأخرى، قاصدين بذلك عدم جهاد هؤلاء الطواغيت في حال وصولهم إلى الحكم في (كابول). -مقال صحيفة النبأ العدد (2) "معركة الجماعة والفصائل (1)" السنة السابعة - السبت 10 محرم 1437 هـ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً