شرح مائة حديث - حديث: رحم الله رجلا سمحا إذا باع
قال رسول الله - ﷺ -: «رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى»؛ (رواه البخاري).
عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رحم الله رجلاً سمحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى»؛ (رواه البخاري).
قوله: ((رحم الله رجلاً))؛ يحتمل الدعاء، ويحتمل الخبر، وبالأول جزم ابن حبيب المالكي، وابن بطَّال، ورجَّحه الداودي، ويؤيد الثاني ما رواه الترمذي من طريق زيد بن عطاء بن السائب عن ابن المنكدر في هذا الحديث بلفظ: «غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلاً إذا باع»؛ (صححه الألباني) الحديث.
وهذا يشعر بأنه قصد رجلاً بعينه في الحديث، قال الكرماني: ظاهره الإخبار، لكن قرينة الاستقبال المستفاد من ((إذا))، تجعله دعاء، وتقديره: رحم الله رجلاً يكون كذلك، وقد يستفاد العموم من تقييده بالشرط.
قوله: ((سمحًا)) - بسكون الميم وبالمهملتين - أي: سهلاً، وهي صفة مشبهة تدل على الثبوت؛ فلذلك كرَّر أحوال البيع والشراء والتقاضي، والسَّمح: الجواد، يقال: سمح بكذا إذا جاد، والمراد هنا المساهلة.
قوله: ((وإذا اقتضى))؛ أي: طلب قضاء حقه بسهولة، وعدم إلحاف، في رواية حكاها ابن التين: ((وإذا قضى))؛ أي: أعطى الذي عليه بسهولة بغير مطلٍ.
وفيه الحض على السماحة في المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق، وترك المشاحة، والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة، وأخذ العفو منهم، والله أعلم.