عبدالغني المقدسي وولداه العز وأبو موسى بن عبدالغني

منذ 2024-08-28

الإمام الحافظ تقي الدين أبو محمد عبدالغني بن عبدالواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي الجمَّاعيلي، نِسبة إلى جمَّاعيل من أرض نابلس التي ولِد بها سنة 541هـ.

 

كتب: محمد ثروت أبو الفضل

عبدالغني المقدسي صاحب عمدة الأحكام:

الإمام الحافظ تقي الدين أبو محمد عبدالغني بن عبدالواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي الجمَّاعيلي، نِسبة إلى جمَّاعيل من أرض نابلس التي ولِد بها سنة 541هـ.

 

ولِد في عائلة علمية، ونشِط في طلب العلم في فترة مبكرة من حياته، فتتلْمَذ في صغره على عميد أسرته العلامة الفاضل الشيخ محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي، ثم تتلمذ على شيوخ دمشق وعلمائها، فأخذ عنهم الفقه وغيره من العلوم.

 

وارتحل إلى مصر وأصبهان والموصل، يسمع على شيوخها، ويأخذ عنهم العلم، فرحل إلى بغداد مرتين، وإلى مصر مرتين، ذكر الحافظ الضياء أنه سأل خاله الموفق عن عبدالغني، فقال:

"كان الحافظ عبدالغني جامعًا للعلم والعمل، وكان رفيقي في الصبا، وكان رفيقي في طلب العلم، وما كنا نَستبق إلى خير إلا سبَقني إليه إلا القليل، وكمَّل الله فضيلته بابتلائه بأذى أهل البدعة وعداوتهم، ورُزِق العلم وتحصيل الكتب الكثيرة، إلا أنه لم يُعمر".

 

وقد أخذ العلم عن جماعة من أعلاهم: الحافظ أبو طاهر السِّلَفي، الحافظ أبو موسى المديني، أبو الفضل الطوسي، أبو الفتح ابن البطي، وأبو الحسن علي بن رباح الفراء، والشيخ عبدالقادر الجيلي، وأبو زرعة المقدسي .. وغيرهم الكثير.

 

وقد اتَّجه لتدوين ما تَعلَّمه وحفِظه، فأكثر من مصنفاته في الفقه والحديث، ومن أبرزها: عمدة الأحكام، الكمال في معرفة رجال الكتب الستة، المصباح في عيون الأحاديث الصحاح، نهاية المراد في السنن، اليواقيت، تحفة الطالبين في الجهاد والمجاهدين، فضائل خير البرية، الروضة، التهجد، الفرج، الصلات إلى الأموات، الصفات، محنة الإمام أحمد، اعتقاد الشافعي، الحكايات، تحقيق مشكل الألفاظ، الجامع الصغير في الأحكام .. وغيرها الكثير.

 

قال الحافظ الضياء: "كان شيخنا الحافظ لا يكاد يسأل عن حديث إلا ذكَره وبيَّنه، وذكر صحته أو سقمه، ولا يسأل عن رجل إلا قال: هو فلان بن فلان الفلاني، ويَذكُر نسبَه، فكان أمير المؤمنين في الحديث"؛ (سير أعلام النبلاء، ط. الرسالة)، (21/ 448).

 

وقال ابن العماد الحنبلي: "وإليه انتهى حفظ الحديث متنًا وإسنادًا، ومعرفة بفنونه مع الورع والعبادة والتمسك بالأثر، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".

 

وعن عبدالعزيز بن عبدالملك الشيباني، قال: "سمِعت التاج الكندي يقول: لم يكن بعد الدارقطني مثل الحافظ عبدالغني"، وعن الكندي قال: "لم ير الحافظ مثل نفسه"؛ (سير أعلام النبلاء، ط. الرسالة)، (21/ 449).

 

وكان الحافظ المقدسي شغوفًا بالعلم دالًّا عليه، مُحرضًا طلبته على طلبه، وأولهم أبناؤه؛ حيث وجَّههم لطلب الحديث منذ نعومة أظفارهم؛ يقول إبراهيم بن محمد الحافظ: "ما رأيتُ الحديث في الشام كله إلا ببركة الحافظ، فإنني كل مَن سألته، يقول: أول ما سمِعت على الحافظ عبدالغني، وهو الذي حرَّضني".

 

وقد تعرَّض الحافظ المقدسي لمحنة في معتقده من جهة الأشاعرة، ففي أصبهان أنكرَ كتاب "أسماء الصحابة"؛ للحافظ أبي نعيم، فاستدرك عليه في مائتين وتسعين موضعًا، فثارَت ثورة الأشاعرة في أصبهان، وأرادوا قتله، فهرب منها، وفي دمشق حسَده أشاعرة البلد، وألَّبوا عليه والي البلاد الذي قام بطرده منها، وواصلوا تأليب الحكام عليه في الموصل ومصر في تلك المحنة، وثبتَ الحافظ المقدسي على جُرأته في إظهار الحق والجهر به في وجوه الولاة والحكام، حتى عظُم قدره عند الملوك والعامة، وشهِدوا له بالفضل.

 

قال محمود بن سلامة الحراني: "كان الحافظ يَصطف الناس في السوق ينظرون إليه، ولو أقام بأصبهان مدة وأراد أن يَملِكها، لَمَلكَها".

وقال الحافظ الضياء: "ولَمَّا وصل إلى مصر كُنَّا بها، فكان إذا خرَج للجمعة لا نقدر نمشي معه من كثرة الخلق، يتبركون به، ويجتمعون حوله، وكنا أحداثًا نكتب الحديث حوله، فضحِكنا من شيء، وطال الضحك، فتبسَّم ولم يَحْرَد - يغضب - علينا، وكان سخيًّا، جوَادًا، لا يدَّخر دينارًا ولا درهمًا، مهما حصَل أخرَجه، ولقد سمِعت عنه أنه كان يَخرج في الليل بقِفاف الدقيق إلى بيوت متنكرًا في الظلمة، فيُعطيهم ولا يُعرَف، وكان يَفتح عليه بالثياب، فيُعطي الناس وثوبه مُرقَّع".

 

وقال: "وكان رحمه الله مجتهدًا على الطلب، يُكرم الطلبة، ويُحسن إليهم، وإذا صار عنده طالب يَفهم، أمرَه بالرحلة، ويَفرَح لهم بسماع ما يُحصلونه، وبسببه سمِع أصحابنا الكثير".

 

وما زال الحافظ المقدسي معظَّمًا في عيون الناس، يؤلِّف ويصنِّف، حتى توفاه الله سنة ست وستمائة بعد مرض استمر 16 يومًا وله 59 سنة، قال له ابنه أبو موسى في مرضه: ما تشتهي شيئًا؟ قال: أشتهي النظر إلى وجه الله سبحانه.

 

وقد خلَّف الحافظ المقدسي أولاده، وكلهم علماء على حَذْوه، وكان ولده أبو موسى يقول: "أوصاني أبي عند موته: لا تُضيعوا هذا العلم الذي تعِبنا عليه"، ومن أبنائه العلماء:

العز بن عبدالغني المقدسي:

الإمام الحافظ عز الدين أبو الفتح محمد بن الحافظ الكبير تقي الدين عبدالغني المقدسي، ولِد في سنة ست وستين وخمسمائة.

 

وجَّهه أبوه لطلب العلم والارتحال في تحصيله، فارتحَل بأخيه أبي موسى وله أربع عشرة سنة، وسار إلى أصبهان وسمِع على مشايخها، ثم ارتحل إلى بغداد.

 

قال الشيخ الضياء: "سافر العز مع عمه الشيخ العماد، وأقام ببغداد عشر سنين، فاشتغل بالفقه والنحو والخلاف، وكان يقرأ للناس الحديث كل ليلة جمعة بمسجد دار بطيخ، ثم انتقل إلى الجامع إلى موضع أبيه، فكان يقرأ يوم الجمعة بعد الصلاة، وطُلِب إلى الملك المعظم، فقرأ له في (المسند)، وخلع عليه، وهو الذي أذِن له في المجلس بالجامع، وطلَب منه مكانًا للحنابلة بالقدس، فأعطاه مهد عيسى، وكان يسارع إلى الخير، وإلى مصالح الجماعة، وكان لا يكاد بيته يخلو من الضيوف"؛ (سير أعلام النبلاء، ط. الرسالة)، (22/ 43).

 

قال ابن النجار "وكان من أئمة المسلمين، حَافِظًا للحديث متْنًا وإسنادًا، عَارِفًا بمعانيه وغريبه، متقنًا للتراجِم مع ثِقةٍ وديانة".

وقال الشيخ الضياء: "كان حافظًا فقيهًا ذا فنون".

ومات سنة ثلاث عشرة وستمائة.

أبو موسى بن عبدالغني المقدسي:

جمال الدين أبو موسى عبدالله بن الحافظ الكبير تقي الدين عبدالغني المقدسي.

رحل به أخوه عز الدين محمد، فسار إلى أصبهان وبغداد ومصر ونيسابور، وسمِع على كبار علمائها.

 

قال ابن الحاجب: "لم يكن أحدٌ مثله في عصره في الحفظ والمعرفة والأمانة، وافر العقل، كثير الفضل، متواضعًا، مهيبًا، وقورًا، جوَادًا، سخيًّا، له القبول التام، مع العبادة والورع والمجاهدة".

 

قال الحافظ الضياء: "صار عَلَمًا في وقته، وصار قدوةً، وانتفع الناس بمجالسه التي لم يسبق إلى مثلها"؛ (سير أعلام النبلاء، ط. الرسالة)، (22/ 318).

 

قال الزكي البرزالي: "حافظ ديِّن متميِّز".

وله مع أبيه مواقفُ كثيرة تدل على حفظه علم أبيه وسيرته، قال الحافظ الضياء: "سمعت الحافظ أبا موسى بن عبدالغني يقول: كنت عند والدي بمصر وهو يذكر فضائل سفيان الثوري، فقلت في نفسي: إن والدي مثله.

فالتفتَ إلي، وقال: أين نحن من أولئك؟!".

ولِد سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، ومات كهلًا سنة تسع وعشرين وستمائة.

  • 0
  • 0
  • 443
  • منير الخالدي

      منذ
    أيها المسلمون، لا تتعجبوا من اجتماع أمم الكفر ودوله وملله على الدولة الإسلامية، فهذا حال الطائفة المنصورة في كل زمان، وسيستمر هذا الاجتماع وتشتد الفتن والمحن حتى يكتمل الفسطاطان، فلا يبقى في هذا منافق، ولا يبقى في ذاك مؤمن، ثم كونوا على يقين أن الله سينصر عباده المؤمنين، وأبشروا واطمئنوا فإن دولتكم لا زالت بخير، وكلما ازداد تكالب الأمم عليها كلما ازدادت يقينا بنصر الله، وأنها على الصراط المستقيم، وكلما اشتدت بها المحن كلما لفظت الأدعياء والمنافقين، وازداد صفها نقاء وازدادت صلابة وثباتا. أيها المسلمون، إن المعــركة اليوم لم تعد مجرد حملة صليبية، وإنما هي حرب أمم الكفر جميعا ضد أمة الإسلام، ولم يسبق في تاريخ أمتنا أن اجتمع عليها العالم بأسره في معــركة واحدة كما هو حاصل اليوم، إنها معركة الكفار جميعا ضد المسلمين جميعا، وإن كل مسلم معني بهذه الحرب، معني بامتثال أمر الله له، بتأدية فريضة الجهاد في سبيل الله، فإن امتثل فله الحسنى، والنجاة والفوز والقرب من الله ونيل رضاه، وإن عصى فله السوء والهلاك والخسران، والبوء بغضب الله وسخطه، وإن كل مسلم معني بهذه الحـرب، بالدفاع عن دين الله وشرعه، ونصـرة المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، فهذه الحرب حرب كل مسلم، وعليه خوضها للدفاع عن دينه ونفسه وماله وعرضه وكرامته، فشمروا لحـربكم أيها المسلمون في كل مكان، شمروا وأنتم واثقون من نصر الله، شمروا ولا تهنوا ولا تحزنوا، ولقد قال لكم ربكم - عز وجل - عن الكفار: (لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ)، وصدق الله عز وجل، وها هم النصـارى الصلـيبيون وأمم الكـفر وملله معهم ومن ورائهم اليهود، لا يجرؤون على المجيء برا لقتال ثلة قليلة من المجاهدين، وكل يدفع صاحبه ليورطه، لا يجرؤون على المجيء لامتلاء قلوبهم رعبا من المجا،هدين، ولأنهم بفضل الله تأدبوا في أفغانستان والعراق، وعلموا أنه لا طاقة لهم بالمجاهـدين، لا يجرؤون على المجيء لأنهم يعلمون يقينا ما ينتظرهم من الأهوال والويلات، في الشام والعراق وليبيا وأفغانستان وسيناء وأفريقيا واليمن والصومال، يعلمون ما ينتظرهم في دابق والغوطة من الهزيمة والهلاك والدمار، يعلمون أنها الحرب الأخيرة، وبعدها - بإذن الله - نغزوهم ولا يغزوننا، ويسود الإسلام العالم من جديد، وإلى قيام الساعة، ولذا يؤخرون المجيء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ويعملون جاهدين لحشد المزيد من أذنــابهم وعملائهم، من الصحوات والمرتدين وملحدي الأكراد، وقطعان الروافض البهائم، وما زالت أمريكا وحلفاؤها يحلمون بالقضاء على الخلافـة عبر وكلائهم وأذنابهم. وكلما فشل لهم حلف أو قُطع ذنب، سارعوا لإنشاء آخر، حتى أعلنوا مؤخرا عن التحالف السلــولي المسمى زورا بالإسلامي، وقد أعلن أن هدفه محــاربة الخلافة، ولو كان تحالفا إسلاميا لأعلن نصرته ونجدته لأهل الشام المستضعفين المنكوبين، وأعلن حــربه على النصيرية وأسيادهم الروس، ولو كان إسلاميا لأعلن العداوة والحـرب على الروافض المشركين والأكراد الملحدين في العراق، الذين استباحوا أهل السنة قتلا وتشريدا وعاثوا في ديارهم فسادا، ولو كان تحالفا إسلاميا لما أيدته الصين الملحدة وطالبت الدخول فيه، ولو كان تحالفا إسلاميا لأعلن براءته من أسياده اليـهود والصلـيبيين، ولجعل هدفه قتل اليهود وتحرير فلسطين، نعم فلسطين، التي ظن اليهود أننا نسيناها وظنوا أنهم أشغلونا عنها، كلا يا يهـود، ما نسينا فلسطين لحظة، وبإذن الله لن ننساها وقريبا قريبا بإذن الله تسمعون دبيب المجاهدين، وتحاصركم طلائعهم، في يوم ترونه بعيدا ونراه قريبا، وها نحن نقترب منكم يوما بعد يوم، وإن حسابكم لعسير عسير، لن تهنؤوا في فلسطين أبدا يا يــهود، ولن تكون داركم وأرضكم، لن تكون فلسطين إلا مقبــرة لكم، وما جمعكم الله فيها إلا ليقـتلكم المسلمون، حتى تختبئوا خلف الشجر والحجر، ولقد علمتم ذلك جيدا، فتربصوا إنا معكم متربصون. • مقتطف من الكلمة الصوتية لأمير المؤمنين الشيخ أبو بكر البغدادي - تقبله الله- بعنوان: (فتربّصوا إنّا معكم متربّصون)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً