النعمة تقيد بالشكر، وتفك بالكفر

منذ 2024-09-01

من أعظم النعم التي يجب على الإنسان أن يشكر الله سبحانه وتعالى لها هي نعمة الهداية؛ لذلك أهل الجنة بعد دخولهم فيها أول ما يتذكرون هو شكر الله على ما منَّ عليهم من الهداية

الحمد لله الذي أسبغ نعمته علينا ظاهرةً وباطنةً، وسخر لنا ما في الأرض جميعًا، والصلاة والسلام على الهادي البشير محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فإن مما أنعم الله سبحانه وتعالى على الناس أن اصطفاهم من بين المخلوقات؛ لتحمُّل أمانة الأرض، وكرَّمهم فحملهم في البَرِّ والبحر، ومكَّن لهم في الأرض ليتبوؤوا منها حيث يشاؤون، ثم أتاهم من كل ما سألوه من الخيرات؛ مادياتٍ كانت أم معنويات؛ مصداقًا لقوله تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34].

 

ومن الجميل في الإحسان أنَّ مَن أحسن إليك أنْ ترُدَّ إليه بأحسن ما أحسَنَ إليك، أو تُكافِأَهُ بقدر استطاعتك.

 

والمرء يُسأل يوم الجزاء على هذه النِّعم أمام رب العالمين، إن كان العبد جازى خالقه بالشكر أم الكفر؛ قال تعالى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8].

 

نسأل الله أن نكون من عباده الشاكرين حتى يرضى عنا.

 

مفهوم شكر النعم:

النعمة هي عطاء خيري من الخالق على عبده، تدوم بالشكر، وترحل بالكفر.

 

حكم شكر النعم:

شكر العبد خالقه على النعم واجب؛ لذا أمر الله سبحانه وتعالى بالشكر بقوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة: 152].

 

أقسام شكر النعم:

ينقسم شكر النعم إلى قسمين:

1- القولية؛ وهي إظهار الناس النعم التي أنعمها الخالق عليهم بلسانه.

 

والعبد يشكر ربه بلسانه على ما أنعم عليه من الخيرات، ويحدثها للناس؛ قال تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11].

 

2- الفعلية؛ وهي إظهار نعم الله عليه بأفعاله؛ كما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطَّرَ قدماه، فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفَلَا أُحبُّ أن أكون عبدًا شكورًا»؛ (متفق عليه).

 

نفهم من هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشكر ربه عز وجل بالذكر والتسبيح، وكذلك بالصلوات.

 

وقد أمر الله سبحانه وتعالى آلَ داود بشكر النعم التي أنعمها الله عليهم: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13].

 

أنواع النعم:

يجب على العبد شكر الله سبحانه وتعالى على جميع النعم التي أنعمها الله علينا؛ الظاهرة والباطنة، ما علِمنا منها وما لم نعلم.

 

وسنذكِّر ببعض أنواع النعم.

 

1-شكر نعمة الخَلْقِ:

إذا نظر الإنسان إلى نفسه، أدرك حقيقة الإدراك أن الله سبحانه وتعالى أحسن صنع خلقه بأحسن تقويم، وجعل له السمع، والبصر، واليد، والرجل، واللسان، والعقل، ثم خاطبه في كتابه العزيز بأن ينظر إلى آثار نعمته في نفسه، قبل أن ينتقل إلى الكون.

 

قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21]، فلو شاء الله سبحانه وتعالى، لَذَهَبَ بسمعه، وبصره، ونطقه، فلن يضر الله شيئًا.

 

2-شكر نعمة الإسلام:

من أعظم النعم التي يجب على الإنسان أن يشكر الله سبحانه وتعالى لها هي نعمة الهداية؛ لذلك أهل الجنة بعد دخولهم فيها أول ما يتذكرون هو شكر الله على ما منَّ عليهم من الهداية؛ فيقولون: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43].

 

3-شكر نعمة الصحة:

الصحة ملك من ملوك الأرض لا يعرف قيمتها إلا المرضى؛ لذلك ورد في الحديث النبوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نعمتان مغبونٌ فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ»؛ (أخرجه البخاري).

 

4-شكر نعمة الأمن:

والأمن أساس الحياة، فلا حياة بلا أمن، ولا تجارة، ودراسة، وسَكِينة إلا بالأمن، وقد دعا سيدنا إبراهيم بالأمن في مكة قبل الإقامة وبعدها: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 126].

 

والأمن جاء بصيغة النكرة في الآية؛ فذكر بعض العلماء أن هذا الدعاء كان قبل بناء الكعبة، أما الدعاء الذي جاء بعد البناء جاء بصيغة المعرفة؛ يقول تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35].

 

أضرار إنكار النعمة:

لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على أناس بنعمة القوة، والملك، والمال، والأمن، والعلم، والصحة؛ فقابلوا هذه النعم بالبغي والطغيان والكفران، فأهلك الله بعضهم بالجوع، والخوف، والغرق والزلزال، والريح الصرصر العاتية، والمرض المزمن، والفقر، وأنواع العذاب؛ ليذوقوا بعض ما عملوا من كفران النعم.

 

قال تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112].

 

طرق ثبوت النعم:

من طرق ثبوت النعم وزيادتها، وبركاتها على الفرد والمجتمع - الإيمان بالله عز وجل، والشكر على أنعم به من الخيرات، فيشكر الله عز وجل بلسانه من الذكر، والتسبيح، وبأفعاله من الصلوات، والصيام، والصدقات، وصلة الرحم، وعليه أن يبعد عن المعاصي، والإسراف، والرياء، والتكبُّر.

 

والآية التي دلَّت على زيادة النعم بالشكر وردت في سورة إبراهيم؛ قال تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7].

 

وقد أنشد الإمام علي رضي الله عنه قصيدة حول هذا الموضوع تُكتب بمداد الذهب؛ قائلًا:

إذا كنت في نعمة فارْعَهـــــا   **   فإن المعاصي تُزيل النعــــــم 

وحافظ عليها بتقوى الإلـــه   **   فإن الإله سريعُ النِّقـــــــــــــم 

فإن تُعطِ نفسك آمالهـــــــــا   **   فعند مُناها يحل النـــــــــــدم 

فأين القرون ومن حولهــــم   **   تفانَوا جميعًا وربي الحَكَـــــم 

وكن مُوسرًا شئتَ أو مُعسِرًا   **   فلا بد تلقى بدنياك غَـــــــــم 

ودنياك بالغم مقرونـــــــــــة   **   فلا يقطع العمر إلا بهـــــــــم 

حلاوة دنياك مسمومــــــــة   **   فلا تأكل الشهد إلا بسُـــــــــم 

محامد دنياك مذمومــــــــة   **   فلا تكسب الحمد إلا بــــــذم 

إذا تم أمرٌ بدا نقصــــــــــــه   **   توقَّ زوالًا إذا قيل تــــــــــــم 

فكم آمن عاش في نعمـــــة   **   مما حس بالفقر حتى هجـــم 

وكم قَدَرٍ دبَّ في غفلـــــــة   **   فلم يشعر الناس حتى هجــم 

 

الخاتمة:

إن العبد إذا أنعم الله عليه نعمة؛ هداية كانت، أو صحة، أو أمنًا، أو مالًا، أو أي شيء آخر، فليحمد الله على ما أنعم عليه، وليشكره؛ فسيزيده الله سبحانه وتعالى من فضله؛ لأنه المعطي ولا ينفد ما عنده.

 

نسأل أن نكون ممن قيَّدوا نِعَمَ الله عز وجل بالشكر، لا بالكفر، إنه رحيم غفور.

_____________________________________________________
الكاتب: عبد الإله جاورا أبو الخير

  • 1
  • 0
  • 415
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    الرّافضة يهدّدون أمّهم أمريكا لا يخفى على كل ذي لبٍّ متصفّح للتاريخ تحالف الروافض مع كل غازٍ لديار المسلمين، ولم يشذ روافض العراق عن هذا الأصل مع دخول الغازي الصليبي الأمريكي وحلفائه أرض العراق في محرم 1424 هـ، بل أفتى كبيرهم السيستاني بحرمة التعرض للأمريكيين، مما دعاهم إلى أن يسلموهم حكم العراق وخيراته، فبدأوا بنهبها ولم ينتهوا إلى الآن، وكان حكمهم كارثة لا تطاق، يصدق عليهم قول العربي: أربعة لا يطاقون، ذكر منهم وضيعٌ ارتفع. ولكن أهل السنة ممن لم يرضوا الدنية في دينهم جاهدوا الأمريكيين وحلفاءهم، وأذاقوهم الويلات، وجعلوا الأرض تحت أقدامهم ناراً، حتى أخرجوهم صاغرين، وهنا رفع الروافض رأسهم مدّعين بكلِّ صلافة أنهم هم من أخرج الأمريكان، بل لم يستحوا من عرض إصدارات المجاهدين التي تبيّن هزائم الصليبيّين على أنها من إنجازات ميليشياتهم المختلفة، ومما يزيدك دهشةً وعجباً أنَّ (نوري المالكي) الذي وضع أكاليل الزهر على قبور الصليبيين صار يُنسب إلى حلف يدعى "حلف المقاومة والممانعة"، ولا ندري عن أي "مقاومة" يتحدّثون. ومرّت الأيام، وقويت شوكة مجاهدي الدولة الإسلامية حتى دحروا الروافض من نينوى وصلاح الدين وديالى والأنبار، وهربوا من مدينة (الموصل) بلباس لا يكاد يغطي عوراتهم، وفزع الروافض إلى أسيادهم الصليبيين الذين لم يخذلوهم، فشكّلوا الحلف الصليبي لنجدتهم ونجدة خدّامهم الآخرين من مرتدّي "البيشمركة". وانحاز المجاهدون من بعض الأراضي التي سيطروا عليها كمدينة (تكريت) التي لم يستطع الروافض دخولها رغم ضخامة حشودهم، إلا تحت غطاء من القصف الشديد لطائرات التحالف الصليبي، حيث طلب رئيس وزرائهم ووزير دفاعه رسمياً من الحلف الصليبي التدخّل لإنقاذهم، فدخلوا (تكريت) ليفسدوا فيها، ثم ادّعوا أن الأمريكيّين ما جاؤوا إلا ليفسدوا "نصرهم". واستمرّ الصليبيون في دعمهم في مصفاة بيجي والرمادي وغيرها من المناطق، ثم يخرج أحد قيادات "الحشد الشعبي" الرافضي، المدعو (أبو مهدي المهندس) نائب هيئة الحشد الرافضي، ليهدّد ويتوعّد الأمريكان بالسلاح الذي في يده، والذي تلقّاه من أمريكا، ومن قبل هدّد طواغيت جزيرة العرب، متّهماً إيّاهم "بدعم وتأييد الدولة الإسلامية". بل وخرجت قيادات ممّا يسمى "التحالف الوطني" الرافضي يطالبون بالاستغناء عن التحالف الصليبي الغربي الذي تقوده أمريكا، والارتباط بالتحالف الصليبي الشرقي الذي تقوده روسيا، مدّعين أن الأمريكيين لم يغنوا عنهم شيئا، كما في الطلب الذي قدموه لرئيس وزرائهم (حيدر العبادي) ذاكرين فيه أنّ التحالف الدولي بقيادة أمريكا فشل في تحقيق مهامه ولا يمكن التعويل عليه. فماذا يريد الروافض؟ أحقّاً ينتقدون أسيادهم؟ أم أنّه نوع من الاستفزاز للحلف الأمريكي كي يزيد من دعمه لهم؟ أم أنّها سياسة النفاق التي اعتادها الروافض منذ عهودهم الأولى، كل هذا يصدق على الروافض، إضافة إلى أنّها نوع من دغدغة مشاعر أتباعهم الذين اعتادوا الصياح بالموت لأمريكا فما عساهم يقولون وهم يسيرون تحت لوائها. المصدر: صحيفة النبأ – العدد 3 السنة السابعة - السبت 17 محرم 1437 هـ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً