التقوى: مسافة الأمان في رحلة الحياة

منذ 2024-09-02

فكما أن السائقَ الحَصِيفَ يحرِصُ على ترك مسافة أمانٍ بينه وبين المَركبات الأُخرى، فكذلك المؤمنُ التقيُّ يسعى جاهدًا إلى ترك مسافة بينه وبين مَواطن الزَّلَل والخَطَر.

في خِضَمِّ بحر الحياة المُتلاطِم، تبرُز التقوى منارةً هادية، ودِرعًا واقيةً للنفس المؤمنة. ولعلَّ من أجمل ما قيل في وصف التقوى وأدقِّه أنها "مسافة أمان"؛ هي عبارة موجَزة، لكنَّها تحمل في طيَّاتها معانيَ عميقةً وحِكَمًا بالغة.

 

 

فكما أن السائقَ الحَصِيفَ يحرِصُ على ترك مسافة أمانٍ بينه وبين المَركبات الأُخرى، فكذلك المؤمنُ التقيُّ يسعى جاهدًا إلى ترك مسافة بينه وبين مَواطن الزَّلَل والخَطَر. هذه المسافةُ هي حِصنٌ مَنيعٌ يقي صاحبَها من الوقوع في هاوية المعاصي، ويحميه من الانزلاق في متاهات الشُّبُهات.

 

التقوى بهذا المفهوم تصبح دِرعًا واقيةً من الحوادث المُفاجئة في طريق الحياة؛ فهي تمنح صاحبَها البصيرةَ النافذة التي تُمكِّنه من رؤية المَخاطر قبل وقوعها، والحكمةَ التي تُعينه على تجنُّبها. وكما أن مسافة الأمان على الطريق قد تكون الفارقَ بين السلامة والخطَر، فإن التقوى هي الفيصلُ بين النجاة والهلاك في اختبارات الحياة.

 

إن التقوى مسافةُ أمانٍ تقي المرءَ من هَوْل المصائب وعِظَم المَخاطر؛ فهي تمنحه القوَّة الروحية والنفسية لمواجهة تحدِّيات الحياة بثبات وصبر. وحين تعصِفُ رياح المِحَن، يجدُ المتَّقي في تقواه مَلاذًا آمنًا وسكينةً للنفس.

 

وإن أعظم ما تقي منه التقوى هو نارُ الآخرة؛ فهي الوقايةُ الحقيقية من عذاب الله، كما قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].

 

إن التقوى بهذا المعنى ليست مجرَّدَ شعارٍ نرفعُه أو ادِّعاءٍ نزعمُه، بل هي ممارسةٌ يومية وسلوك حياتي. إنها حالةٌ من اليقظة الدائمة والحذَر المستمرِّ، تجعل المرء في حالة استعدادٍ دائم لمواجهة تقلُّبات الحياة وتحدِّياتها.

 

فلنَسعَ جاهدين لبناء هذه المسافة الآمنة في حياتنا، ولنجعَل من التقوى زادَنا في رحلة العمر. فبها نحمي أنفسَنا من زلَّات الطريق، ونقي قلوبنا من أدران الدنيا، ونؤمِّن مستقبلنا في الآخرة. وكما أن مسافة الأمان في الطريق قد تبدو للبعض تأخيرًا أو تباطؤًا، فإن التقوى قد تبدو للجاهل تشدُّدًا أو تضييقًا، لكنَّها في حقيقتها سبيلُ النجاة والفلاح في الدنيا والآخرة.

_______________________________________
الكاتب: مصطفى يعقوب

  • 2
  • 0
  • 226
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    نَبِيعُ النَّفْسَ بالجنان وإننا ننتظر موعوده سُبحانه ونحن به موقنون، فلن تخيفنا جيوشكم وجموعكم، لن تثنينا تهديداتكم وحملاتكم، لن تنتصروا أبداً وإنكم مهزومون، أم تظنين أمريكا أن النصر بقتل قائد أو أكثر، إنه إذاً لنصرٍ مُزوّر وهل انتصرتِ عندما قتلتِ أبا مصعب أو أبا حمزة أو أبا عُمر أو أسامة، وهل ستنتصرين إذا قتلتِ الشيشاني أو أبا بكر أو أبا زيد أو أبا عمرو.. كلاً ! إن النصر أنّ ينهزم الخصم. أم تحسبين أمريكا أن الهزيمة فُقدان مدينة أو خسارة أرض وهل انهزمنا عندما خسرنا المُدن في العراق وبتنا في الصحراء بلا مدينة ولا أرض؟ وهل سنُهزم وتنتصرين إذا أخذتِ الموصل أو سرت أو الرقة أو جميع المدن وعُدنا كما كنا أول حال؟ كلاً ! إن الهزيمة فقدان الإرادة والرّغبة في القتال، وستنتصرين أمريكا ويهزم المجاهدون في حالة واحدة، سنُهزم وتنتصرين إذا ما استطعت انتزاع القرآن من صدور المسلمين. وهيهات هيهات ** بعُد عنكم ما فات بل نحن أهل القرآن ** نبيع النفس بالجنان الشيخ المجاهد أبو محمد العدناني (تقبله الله تعالى)

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً