مطالب الأنبياء

منذ 2024-09-07

الإنسان في هذه الدنيا لا يخلو من مطالب ورغبات وأهداف تنزع إليها نفسه، وكل الناس يغدو في ذلك، والمسدد من وفقه الله فيما يطلب، وأرشده إلى المطالب العالية والمقامات الرفيعة من العلم والإيمان والهدى.

الإنسان في هذه الدنيا لا يخلو من مطالب ورغبات وأهداف تنزع إليها نفسه، وكل الناس يغدو في ذلك، والمسدد من وفقه الله فيما يطلب، وأرشده إلى المطالب العالية والمقامات الرفيعة من العلم والإيمان والهدى، وطلب ما ينفع في الآخرة، ويسر سبيلها له.

وإذا أردت ما يعينك في سبيل المطالب العالية، لتسلك به السبيل ويبصرك فيما أنت بصدده؛ فدونك صفوة بني آدم أنبياء الله، فإنهم أهدى الخليقة وأزكى البشرية وصفوة الخلق وخيرة الله من عباده، فمطالب هؤلاء أعظم المطالب، وهمم أعلى الهمم، ومن أعظم البصيرة أن يرشد الله عبده إلى هذه المعنى ويسلك به هذا السبيل..

وكلما اعتنى العبد بسير الأنبياء عليهم السلام، وعرف مطالبهم، وأدعيتهم وابتهالاتهم إلى ربهم، وطريقتهم في الدعوة والإصلاح، ومنهجهم في سياسة العباد نال النصيب الأوفى من الهدى والخير {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَتْهُمُ اقْتَدِهُ}.

وجميل بنا أن نجعل لنا ختمة قرآنية لاستنباط شيء واحد وهو ماذا كان يطلب الأنبياء، وما الذي يسعون إليه ؟ وفي أي شيء كانت تصب دعواتهم وابتهالاتهم ؟

ولا ريب أن من فعل ذلك وطبّقه، وسأل الله الهدى والسداد؛ ستتغير حياته من جذورها، وتعلو اهتماماته ومطالبه، وسيرى الدنيا على حقيقتها، وستعظم عنده الآخرة والعمل الصالح، والسبب: عيشه مع هؤلاء الأنبياء وقصصهم وأخبارهم.. لأن معايشة الشيء تلقي بظلالها على صاحبها، فكيف إذا كانت المعايشة مع صفوة بني آدم وأهدى وأزكى البشرية؟

وكان ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته، فقيل له: ألا تستوحش؟ فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي وأصحابه ؟

وكان بعض العلماء ممن له اهتمام بسيرة ابن المبارك يقول أن من أعظم أسباب فرادته وتميزه من خلال دراسة سيرته كثرة معايشته لآثار الأنبياء والصحابة.

فبهذا صار ابن المبارك، ومن المطالب العظيمة التي وقفت عندها؛ طلب موسى عليه السلام عندما {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لَّسَانِي، يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي، هَرُونَ أَخِي أَشَدُدْ بِهِ أَزْرِي ، وَأَشْرِكَهُ فِي أَمْرِي، كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا ، وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا}.

نعم، كل هذا حتى نسبحك كثيرًا، ونذكرك كثيرًا، فهذا مثال على مطلب عظيم حرصوا عليه وهو التسبيح والذكر، نستفيد من خلاله مركزية هذا الأمر حتى نحرص عليه.

____________________________________________________
الكاتب: طلال بن فواز الحسان

  • 5
  • 0
  • 169
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    معركة الجماعة والفصائل (4) فوضى الفصائل المسلّحة في الشام لم يكن للقتال ضدّ النّظام النّصيريّ خطّة مسبقة أو استراتيجيّة موضوعة، وإنّما تصاعد تحت تأثير ردّ فعل الأهالي على هجمات النّظام في محاولته إخماد الثّورة التي خرجت ضدّه، فبعد المجازر التي ارتكبها ضدّ المتظاهرين في مناطق مختلفة من البلاد، صار النّظام يقوم بحملات مداهمة على الأحياء والقرى لاعتقال النّاشطين والمتظاهرين، ومنذ الأيّام الأولى وجد المتظاهرون القليل من السّلاح الخفيف، وخاصّة في المناطق ذات البعد العشائري، والمناطق الحدوديّة التي ينشط فيها المهرّبون، حيث بدأ الأهالي شيئاً فشيئاً يتصدّون للحملات الأمنيّة ببنادق الصيد وقليل من بنادق الكلاشنكوف، حتى وصل الأمر ببعض المناطق أن هوجمت حواجز النّظام ونقاطه الأمنيّة من قبل مجموعات من الشبّان المسلّحين الذين كانوا يرافقون المظاهرات لحمايتها من هجمات محتملة من أجهزة أمن النظام النّصيريّ، بل وبلغت هذه الهجمات حدّ إسقاط بعض القرى والبلدات البعيدة، وإخراج عناصر النظام منها، كلّ هذا تمّ دون أن تكون هناك تنظيمات حقيقيّة أو فصائل مسلّحة، بل اتّخذت تلك العمليّات العسكريّة شكلاً متطوّراً من عمل "التنسيقيّات" والمتظاهرين، حيث كانت المظاهرات هي الهدف الذي يسعون إلى الحفاظ عليه، في ظل انخداعهم بشعارات "السّلميّة" وتجربتَي "الثورة التونسيّة" و"الثورة المصريّة"، في حين كانت التّجربة اللّيبيّة التي لم تحسم حينئذ أمراً بعيداً عن تصوّراتهم. تبلور العمل المسلّح ضد النّظام النّصيريّ شيئاً فشيئاً تحت تأثير عوامل متعدّدة أهمّها: 1- التطوّر الطبيعي للعمل المسلّح: مع اشتداد ضربات النظام المتمثّلة بالهجوم على المظاهرات وساحات الاعتصام، وحملات المداهمة على الأحياء والقرى لاعتقال المتظاهرين، وازدياد أعداد المطلوبين أمنيّاً للنظام، بات التوجّه إلى حمل السّلاح يزداد وضوحاً، وبالتالي زادت الحاجة لتوفّر السّلاح، وتوفير الحدّ الأدنى من التنظيم للمقاتلين، فظهرت المجاميع في القرى والبلدات، وداخل أحياء بعض المدن، دون أن تكون لها أسماء أو هياكل حقيقيّة، وتزعَّمها في الغالب من استطاع تأمين بعض قطع السّلاح والذّخيرة، فاشتراها من ماله الخاص أو بأموال مجموعة من الأهالي، أو من تبرّعات التّجار والأثرياء، وهكذا ظهرت هذه "الكتائب الثّوريّة"، إلى جانب "تنسيقيّات الثّورة"، وظهر مصطلح "الثوّار" ليزاحم "المتظاهرين" على تصدّر المشهد الإعلاميّ. 2- ظاهرة المنشقّين عن جيش النظام وأجهزته الأمنيّة: وقد بدأت هذه الظاهرة بشكلٍ فرديٍّ تطوّرت شيئاً فشيئاً إلى انشقاقات بالمئات من قبل العناصر الرّافضين للقتال في صفّ النّظام ضد الأهالي، أو الخائفين على أنفسهم من القتل في الاشتباكات. ومع تزايد أعداد المنشقّين بدأ ظهور الفصائل المسلّحة بشكلها البدائي، وأطلقت كلٌّ منها على نفسها اسم كتيبة، وأعلن كثير منها انضمامه إلى "الجيش الحر" الذي كان كياناً إعلاميّاً، أنشأه بعض الجنود المنشقّين، وجعلوا من العميد المنشق (رياض الأسعد) قائداً له، نظراً لرتبته، وتكاثرت الكتائب شيئاً فشيئاً، وكلّ من دخل هذا المشروع كان يؤمّل نفسه بأن تزداد الانشقاقات في جيش النّظام النّصيريّ حتى يصبح "الجيش الحر" مكافئاً لما تبقّى من الجيش النّصيريّ أو يحلّ محلّه، وكذلك يؤمّل نفسه بقوافل المساعدات العسكريّة، والجسور الجويّة، ودعم طائرات التّحالف الصّليبيّ، وكلّ ذلكم متوقف -بظنّهم- على تشكّل "الجيش الحر" واستلامه قيادة العمل المسلّح ضد النّظام النصيريّ، وهذا التحوّل الفكري نتج -وبلا شك- عن تطوّرات الأحداث في ليبيا، حيث تولّى طواغيت دول الخليج وطائرات التحالف الصليبيّ دعم "الثوار" وتوجيههم في حربهم على القذافي حتى تمكّنوا من إسقاطه. عُيّن الضبّاط والعناصر المنشقون من جيش النظام، قادة للكتائب والفصائل التي كان لبعضها أسماء ترتبط بالإسلام، وتمّ اعتبارهم أبطالاً، دون أن يفكّر أحد في نوع التّغير الذي طرأ على هؤلاء، فلا هم تابوا من عقيدة البعث، ولا هم أعلنوا البراءة من النّظام النصيري وعقائده، بل ولا هم غيروا لباسهم العسكري الذي انشقوا به عن جيش النظام، وظلوا يفاخرون بالرّتب العسكريّة التي حصلوا عليها مكافأةً لخدمتهم في جيش الطاغوت. مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 5 مقال: معركة الجماعة والفصائل (4) فوضى الفصائل المسلّحة في الشام

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً