كيف يراك أهل السماء؟

منذ 2024-09-13

المرآة، والكاميرا، وعيون الناس من حولك، الذين يلمحونك بغير اهتمام أو يحدِّقون فيك، والقلم الفحم، الذي جلست أمام الرسام ليرسمك به

 

أ. محمود توفيق حسين

 

المرآة، والكاميرا، وعيون الناس من حولك، الذين يلمحونك بغير اهتمام أو يحدِّقون فيك، والقلم الفحم، الذي جلست أمام الرسام ليرسمك به، كلها لا ترصد إلا قشرتك الخارجية، هيئتك، هندامك، تصفيفة شعرك، خاتمك، ساعة يدك، وابتسامتك.. كانت مصطنعةً أو تلقائية.

 

وأنت لست هذه الأشياء البسيطة فقط، ولست نتاج هذه اللمحات لا غير، وإن دار حول الشكل شعر الشعراء وهوس الفنانين وخيال الناس عبر القرون، وفي وجوه فانية عشق أناس ومرضوا وذهبت بهم القبور، ومن ابتسامات على ثغور رائعة ذهبت أحلام بشر عاقلين.

 

أنت تُرى من أهل السماء، ولكن ببصرٍ آخر، ينفذ إلى ما وراء تلك القشرة، بصرٍ لا يغتر.

 

قد تكون فيه أبهى مما في عيون الناس، وقد تكون أحقر مما يراك الناس.

 

فكيف يراك أهل السماء؟

 

فإن كنت تطلب أن تكون ضخمًا في هذه الحياة مثل الدب، فاذكر أن الذي يرسل الضوء في عتمة الغابات هو اليراعات.

 

وإن كنت تطلب أن يسمُّوك فيها "حوتًا" كعلامة على وزنك ومقدارك، فاذكر أن ما يرسل وميضًا في ظلمات البحر هو الرخويات.

 

ومثل هذا؛ قد يرى أهل السماء ضياءً يصدر من الأرض من أخفياء لا يعرفهم أحد.

 

واذكر أن الإنسان بما ينفعه وقت الضيق.

 

فقد يجد في الدنيا وهو في رخائها أن له حظًّا مع مكبرات الصوت وأجهزة التسجيل، كنجم من النجوم، في الفن أو في السياسة أو عالم الأعمال، وهو لا يكاد يهتم بالصافرة ولا يسأل عنها، رغم أنها من عالم الصوت أيضًا.

 

ولكن إن كان قد انطرح من سفينة غرقت، وصار على لوح من الخشب يتهادى به على الماء البارد وهو يوشك على الموت، ستنفعه صافرة صغيرة تنبه إليه الذين يبحثون على سطح الماء عن الناجين بين الجثث.

 

فاهتم بمنظرك وضَوئِكَ عند أهل السماء..

 

وارفع قدر ما ينجيك حتى لو كان يبدو لك وقت الرخاء وزحمة الناس حولك - الذين تظنهم يقدرونك ويمنعونك - لا وزن له.

  • 4
  • 0
  • 238
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    معركة الجماعة والفصائل 5 الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام • خاتمة: لم تحقّق الفصائل الاجتماع رغم مزاعمها أنّها على الحقّ، وحقّقت الدّولة الإسلاميّة الاجتماع والاعتصام والاتحاد وغاب في صفوفها -بحمد الله- الفرقة والأحزاب، رغم مزاعم الصّحوات أنّها على الباطل، فكان حال الدّولة الإسلاميّة معهم -بحمد الله- مطابقاً للحديث (خطّ لنا رسولُ الله صلّى الله عليهِ و سلّمَ خطّاً ثمَّ خطّ عن يمينهِ وعن شمالهِ خُطوطاً ثمَّ قالَ: هذا سبيلُ الله وهذهِ السُّبلُ على كلِّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)) [رواه أحمد والنّسائي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه]، وسبيل الله في أمر الجماعة هو بيعة الإمام السّنّي وطاعته في المعروف، والسّبل هي الفصائل والتّنظيمات، التي تفرّق الأمّة وتمزّقها إلى أحزاب متنازعة متحاربة، في الوقت الذي تزعم فيه أنّها حريصةٌ على وحدة المسلمين وهداهم، كما في حديث حذيفةَ بن اليمان -رضيَ الله عنهُ- الشّهير (قلتُ: هلْ بعدَ ذلكَ الخيرِ مِنْ شرٍّ ؟ قالَ: "نعم دعاةٌ على أبوابِ جهنّمَ مَنْ أجابَهم إليها قَذفوه فيها"، قلتُ: يا رسولَ اللهِ صِفْهُم لنا، قالَ: "همْ مِنْ جِلدتِنا ويتكلمونَ بألسِنتِنا"، قلتُ: فما تأمرُني إنْ أدرَكَني ذلك؟ قالَ: "تلزمُ جماعةَ المسلمين وإمامهم"، قلتُ: فإنْ لم تكنْ جماعةٌ ولا إمامٌ؟ قالَ: "فاعتزلْ تلكَ الفرقَ كلَّها ولو أنْ تعضَّ بأصلِ شجرةٍ حتَّى يدركك الموتُ وأنتَ كذلك" [رواه البخاريّ ومسلم]، ففي هذا الحديث جعل عليه الصّلاة والسّلام جماعة المسلمين واحدةً فقط وربطها بالإمام وأمر بالالتزام بهما، وفي مقابلهما جعل الِفرَق، وهي متعدّدة، وأمر باعتزالها كلّها. هذه الفرق (والتي هي في مثالنا هذا فصائل الصّحوات في الشّام) أدّى بعدها عن السّنّة، ومخالفتها الجماعة إلى الوصول بها إلى الرّدّة عن دين الله بتولّيهم للمرتدّين والطّواغيت في حربهم على الدّولة الإسلاميّة، وبامتناعهم عن تطبيق أحكام الله في المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم، وبإعلان بعضهم صراحةً موافقته على العلمانيّة والدّيموقراطيّة وغيرها من شعائر الكفر. لقد حرص أهل الإسلام على تسمية الفرقة النّاجية بأنّهم (أهل السّنّة والجماعة) للدّلالة على الارتباط بين السّنّة (التي يخرج منها أهل البدع الاعتقاديّة) والجماعة (والتي يخرج منها أهل الخروج على الأئمّة)، وأيّ انحرافٍ في إحدى الصّفتين سيؤدّي غالباً إلى انحراف في الصّفة الأخرى من صفات الطّائفة النّاجية، وهذا ما وقعت فيه الكثير من الطّوائف على امتداد التّاريخ، فمن خرج عن السّنّة في الاعتقاد لم يطل به الوقت حتى خرج عن جماعة المسلمين في الانتماء، ومن خرج على جماعة المسلمين وإمامهم لم يطل به الوقت حتى خرج عن معتقد أهل السّنّة. المصدر: صحيفة النبأ – العدد 6 مقال: معركة الجماعة والفصائل (5) الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً