وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بـ (اتق المحارم تكن أعبد الناس)

منذ 2024-09-14

الجنة حُفَّت بالمكاره، والنار حُفَّت بالشهوات، فطريق الجنة ليس سهلًا، وإنما هو طريق صعب محفوف بالمكاره والمحرَّمات؛ لأن ثمراته عظيمة جدًّا؛ هي السعادة الأبدية في دار الخلود.

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من يأخذ عني هؤلاء الكلماتِ، فيعمل بهن، أو يُعلِّم مَن يعمل بهن، -قلت: أنا يا رسول الله-، فأخذ بيدي، فعدَّ خمسًا، فقال: اتَّقِ المحارم تكن أعبد الناس، وارضَ بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحْسِنْ إلى جارك تكن مؤمنًا، وأحِبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا، ولا تُكْثِرِ الضحك؛ فإن كثرة الضحك تُميت القلب»؛ (أخرجه الترمذي).

 

قيل في تعريف الحرام: ما طلب الشارع تركه طلبًا جازمًا، وهو ضد الحلال، ويُؤجَر العبد على اجتنابه إذا تركه امتثالًا لله سبحانه، وليس لخوفٍ أو حياء أو عجزٍ عن فعله، وجاء ذكر الحرام في القرآن على ثلاثة أوجه؛ أولها: المنع؛ ومنه قوله تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} [القصص: 12]، وثانيها: التحريم؛ ومنه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]، وثالثها: الشرف؛ ومنه قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: 97].

 

أيها الإخوة والأخوات، الله يبتلي عباده بهذه المحرَّمات حتى ينظر كيف يعملون؛ قال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1 - 3]، وقال صلى الله عليه وسلم: «حُفَّتِ الجنة بالمكاره، وحُفَّت النار بالشهوات»؛ (رواه ابن حبان)، فالجنة حُفَّت بالمكاره، والنار حُفَّت بالشهوات، فطريق الجنة ليس سهلًا، وإنما هو طريق صعب محفوف بالمكاره والمحرَّمات؛ لأن ثمراته عظيمة جدًّا؛ هي السعادة الأبدية في دار الخلود.

 

يا شبابًا، ويا فتياتٍ، أعْبَدُ الناس من اتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهَدْيَه، وأخلص لله سبحانه، وأعبد الناس من استطاع أن يمنع نفسه عن المحرمات والمنكرات؛ فإن فِعْلَ الطاعات والنوافل قد يسهُل لكثير من الناس، ولكن فعل الطاعات وترك المنكرات لا يسهل إلا للصادقين العابدين، وحتى نتقيَ الله ونكون من أعبد الناس، علينا الآتي:

 

• ألَّا نيأس من رحمة الله؛ فالخطأ وارد، ويقع فيه كثير من الناس؛ قال صلى الله عليه وسلم: «كلُّ ابنِ آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون»؛ (أخرجه الترمذي)، لكن علينا المبادرة إلى التوبة وترك المعاصي.

 

• الإكثار من الدعاء، والذِّكر، والاستغفار، والتقرب إلى الله بكثرة الطاعات؛ لأنها تساعد على الثبات على طاعة الله؛ قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].

 

• الحرص على إقامة الصلاة وأدائها في أوقاتها وفي المسجد، مع الحرص على تطبيق أركانها وواجباتها وسُنَنِها؛ قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45].

 

• قراءة القرآن ومدارسته، وحفظه وفهم معانيه؛ قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29].

 

• البعد عن أصحاب السوء، وأصحاب المنكرات؛ فإنهم والشيطان عون لك على فعلها.

 

• حضور مجالس العلم والعلماء؛ فإنها من وسائل الثبات على طاعة الله.

 

• البعد عن مواطن الشبهات، التي تُقام فيها المعاصي والمنكرات؛ فإن كثرة الورود إليها يجعل القلب يتعلق بها.

 

• البعد عن المواقع والتطبيقات الإلكترونية التي تُنشر فيها الرذيلة والمعاصي، واستبدل بها مواقع طيبة وطاهرة.

 

• التخلص من ذكريات الماضي، سواء كانت صورًا، أو مقاطعَ، أو هدايا، أو رسائلَ، أو كتبًا؛ حتى لا نُصابَ بالحنين إليها.

 

• مساعدة الناس والضعفاء، وجبر الخواطر والعمل التطوعي، كلها من الأسباب التي تُرقِّق القلوب، وتقرِّبك إلى الله.

 

• التوبة النصوح، والصدق مع الله، والإصرار على ترك المعصية، والتفكير الدائم في ثواب التائبين العائدين إلى الله؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [التحريم: 8].

 

أسأل الله تعالى أن يكرمنا وإياكم بكل خير، وأن يُعيننا على اغتنام أوقاتنا وأعمارنا، وصحتنا وشبابنا، فيما ينفعنا، وأن يجعلنا من المتَّبعين لهَدْيِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يصلح لنا ولكم الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.

_______________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش

  • 3
  • 0
  • 317
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا} • لا نبالغ لو قلنا إنك أينما وجّهتَ ناظريك حول العالم، رأيت ألوان البلايا وأنواع الرزايا قد نزلت بالمسلمين وحلت بديارهم، فلا يكاد يخلو صقع من الأرض من مسلم يؤذى في دينه ويبتلى في نفسه أو أهله أو ماله أو ولده أو في ذلك كله، بالقتل أو الأسر أو التهجير أو غيرها من صنوف العذاب التي يلحقها طواغيت العصر عربا وعجما بالمسلمين، فما سبب ذلك؟ وما السبيل للخروج من هذا الواقع المر وقلبه على رؤوس الطواغيت وزبانيتهم؟ إن أحوال المسلمين اليوم لا تخفى، فمن جور الشيوعيين في الصين وتركستان، إلى جرائم البوذيين والهندوس في الهند وبورما وأراكان، مرورا بالنصارى الشرقيين المشربين ببطش الشيوعية، إلى نصارى أمريكا وأوروبا الصليبية الذين ملؤوا العالم كفرا وظلما، ومثلهم اليهود الكافرون ومجازرهم في فلسطين، وليس أقل منهم كفرا وجرما الرافضة والنصيرية وما فعلوه في العراق والشام واليمن ولبنان.. إلى غيرهم من ملل الكفر الذين شنوا الحروب تلو الحروب على بلاد المسلمين، ولا ننسى بالطبع الحكومات والجيوش العربية المرتدة التي جرى تأسيسها لحرب المسلمين وقمعهم وإفساد عقيدتهم وأخلاقهم وإسكاتهم وكبح أي محاولة جادة للتغيير والسير نحو الحق، وليس آخرها جرائم هذه الجيوش بحق مسلمي السودان، فكم قتلوا وكم أسروا وكم طغوا وبغوا في الأرض فكانوا بحق فراعنة العصر في الكفر والإفساد. ومما يزيد الطين بلة ويجعل المشهد أكثر قتامة، تلك الحركات والكيانات المنحرفة عن التوحيد المائلة إلى الشرك، التي كانت وبالا على المسلمين، وشكلت معول هدم تهدم الإسلام من الداخل بما بثته وصدّرته من مناهج باطلة في التغيير خلافا لمنهاج الكتاب والسنة الذي تستروا خلفه أحيانا، واستعرّوا منه أحايين أخرى، لكنهم لم يتبنوه ولم يطبّقوه أبدا في واقعهم وتجاربهم المتعاقبة على الفشل، بل كانوا حربا على من طبّقه أو سعى لتطبيقه، وسلما على من حاربه، وقد رأيناهم من قبل في العراق ومصر وتونس وليبيا، أينما رفعت راية الشريعة كانوا خصومها وأعداءها، وأينما رفعت رايات الجاهلية كانوا أنصارها وحماتها، فكانوا بذلك حربا على الإسلام حقا. وعن أسباب هذا الهوان والذل والاستضعاف، يطول الكلام وتكثر زواياه، لكننا نتناوله اليوم من زاوية أخرى، فنقول إن الهوان والذل الذي أصاب المسلمين سببه هجرهم مصدر عزتهم وهدايتهم، هجرهم كتاب ربهم، ليس هجر قراءته والترنم به وحفظه وتدشين الحلقات لذلك، بل هجر العمل به وتطبيقه، هجر اليقين بوعده وما جاء به، هجر نقله من السطور والصدور إلى أرض الواقع، ومن ذلك قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ}، فهو سبحانه لم يقل: هادنوهم! ولم يقل: سالموهم! بل قال: {قَاتِلُوهُمْ}، وعاتب الله المسلمين كثيرا بقوله: {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}، وساءلهم أكثر من مرة: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}، وتوعدهم لما تقاعسوا عن ذلك بقوله: {إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وبين لهم أنه غني عنهم وإنما يعود النفع عليهم لا عليه جل جلاله فقال: {وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، وأخبرهم سبحانه بأنه قادر على إنزال النصر بدون جهاد فقال: {ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ}، وإنما شرع سبحانه الجهاد اختبارا وتمحيصا للعباد فقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}، ودلّهم على أن خيري الدنيا والآخرة في الجهاد وإن كرهته النفوس فقال: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، قال ابن كثير: "لأن القتال يعقبه النصر والظفر على الأعداء، والاستيلاء على بلادهم، وأموالهم، وذراريهم، وأولادهم، وهذا عام في الأمور كلها، قد يحب المرء شيئا، وليس له فيه خيرة ولا مصلحة، ومن ذلك القعود عن القتال، قد يعقبه استيلاء العدو على البلاد والحكم". المصدر: افتتاحية النبأ صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 460 الخميس 9 ربيع الأول 1446 هـ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً