فك القيود عن الأمة
ولا شك أن ما تمر به الأمة اليوم ما هو إلا إرهاصات لمرحلة جديدة تبشر بعودة الأمة إلى مكانتها، سيدة على الأرض، ناشرة للعدل ومحافظة عليه.
مسيرة الأمة في فك قيودها التي كبلتها منذ أكثر من 100 عام تمشي بخطى ثابتة وفق معادلة السنن الإلهية الثابتة على الأرض. فكلما قدّمت الأمة تضحيات، وزادت في وعيها تجاه قضاياها المصيرية، فك الله عنها قيدًا من قيودها، وأسقط عنها من يلوث مسيرتها حتى ينقي صفها من كل خبث يسوءها.
إن سقوط أقنعة المشاريع التي عاقت مسيرة الأمة، وسقوط الدول والمشاريع التي تعلقت بها الأمة طوال الفترة المنصرمة، كان بشكل تدريجي يتناسب مع الأحداث على الأرض، ويتوافق مع تضحيات الأمة بدءًا من حرب أفغانستان حتى أحداث لبنان الأخيرة.
فكأنما ارتبط سقوط المشاريع، سواء كانت جماعات أو أفرادًا، بالعطاء والتضحيات التي تقدمها الأمة! وهذه من سنن الله الثابتة على الأرض: “ولن تجد لسنة الله تبديلًا”.
على سبيل المثال، في حراك الشعوب من أجل الحرية والعدالة، مثلما شهدنا في تونس ومصر وغيرها من البلدان، يمكن أن نرى كيف كانت التضحيات والوعي عنصرين رئيسيين في تغيير الواقع السياسي.
فعندما بدأت الأمة بتقديم التضحيات وزيادة وعيها الفكري تجاه قضاياها المصيرية، كانت النتيجة تراجع المشاريع الطائفية والقومية، واستبدالها بفهم أعمق لأهمية الوحدة والتضامن بين الشعوب، ومن نتائجها أيضًا ما يلي:
• تراجع المشروع الإيراني الطائفي في الوعي الجمعي للأمة
• سقوط وفضح المشروع القومي وارتباطاته بالنظام الغربي وموته في قلوب الأمة.
• سقوط مشروع الغلو والتكفير ونفور الأمة منه.
• سقوط مشروع الإرجاء والتميع وتبرؤ الأمة منه.
• سقوط صنم علماء السلاطين وانكشاف أستارهم.
• تزايد الوحي حول تأثير الأنظمة القومية والجيوش المرتبطة بها.
• سقوط الدعاة المشاهير الذين يحاولون الإمساك بالعصا من المنتصف.
وجاء سقوط هذه المشاريع بشكل تدريجي يتوافق مع تضحيات الأمة من جهة، وزيادة وعيها تجاه مشروعها الكبير من جهة أخرى. فكلما ضحت الأمة وأعطت وتقدمت نحو مشروعها الريادي، فك الله تعالى عنها قيدًا كان يكبل مسيرتها حتى يسقطه عنها، سواء كان مشروعًا أو جماعة أو فردًا.
وكان آخر هذه القيود سقوط بعض العلماء والدعاة والمفكرين المشاهير الذين دعوا إلى توحيد الصف مع المجوس في مواجهة اليهود، ومنهم من ذهب بعيدًا وبالغ في المدح والإطراء ونسي الدماء التي سالت كالأنهار في سوريا والعراق واليمن.
وهذا يتعارض بالكلية مع مراد الله تعالى من القتال، فأسقطهم الله من عينه وأسقطهم من عين الأمة.
ومقابل فك هذه القيود وسقوط المشاريع، سواء جماعات أو أفرادًا، نلاحظ صعود السلم البياني للأمة في وعيها تجاه قضاياها المصيرية، ومن أمثلة ذلك:
• إدراك عامة المسلمين، ناهيك عن النخب، حقيقة المشروع الصفوي وخطره وعداوته للأمة.
• تداعي الأمة في مشارق الأرض ومغاربها لنصرة المسلمين أينما وقع عليهم ظلم، كما هو الحال في نصرة المسلمين في أفغانستان، ثم العراق، وسوريا، وفلسطين، والصين، وباقي بلدان المسلمين.
• زيادة وعي أفراد الأمة حول مشروع خلاصها، وهو مشروع الأمة الواحدة.
• سقوط أصنام وقدسية المناهج المنحرفة عن صراط الله المستقيم، سواء كان حاملها دولًا أو جماعات أو أفرادًا.
• هدم صنم القطرية في بلدان المسلمين وإحياء مفهوم تساوي دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم في بقاع الأرض.
• زيادة وعي الأمة تجاه كل المشاريع المعادية للإسلام، سواء كانت تلك المشاريع التي يقودها الغرب، أو المجوس، أو حتى بعض زعماء العرب، وكذلك كشف المشاريع الإسلامية المتماهية مع مشاريع أعداء الإسلام.
وبعد هذا العرض المبسط حول تدرج الأمة في عودتها إلى مكانها الريادي وسقوط ما يكبل مسيرتها، فإننا إذا وضعنا هذا في موازين السنن الإلهية الكونية، نجد أن الأمة بدأت تخرج من مرحلة الاستضعاف لتدخل أهم مراحلها وصولًا إلى التمكين، وهي مرحلة التدافع.
ولا شك أن ما تمر به الأمة اليوم ما هو إلا إرهاصات لمرحلة جديدة تبشر بعودة الأمة إلى مكانتها، سيدة على الأرض، ناشرة للعدل ومحافظة عليه.
_____________________________________________
الكاتب: كتبه إياد العطية
- التصنيف:
عنان عوني العنزي
منذ