التشبه بالمشركين واليهود والنصارى

منذ 2024-10-12

ظواهر التشبه بغير المسلمين من الأمم الكافرة، أو المبادئ الإلحادية الخاوية، ظواهر متنوعة المجالات ومختلفة الاتجاهات

عناصر الخطبة

1/ تقليد شبابنا وفتياتنا للكفار في السلوكيات وغيرها 2/ النهي الصريح عن التشبه بالكفار 3/ السيرة النبوية تؤصل قاعدة مخالفة الكفار في الظاهر والباطن 4/ ما يشمله التشبه المحرم وما لا يشمله 5/ حرمة تشبه الرجال بالنساء و النساء بالرجال

الحمد لله الذي أعز أهل الإيمان بطاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله وخليله ومصطفاه من خلقه، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.

أما بعد:

 

فيا أيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا– فطاعته هي النعمة العظمى، ومعصيته هي الخسارة الكبرى.

أيها المسلمون: في منظومة تيارات العولمة التي تحمل الغث والسمين، وتحمل في طياتها نسف قيم المسلمين ومبادئ دينهم وثوابت شريعتهم، وتحت شعارات براقة تتضمن بث عفن المدنية الغربية، وتسعى لإذابة الفوارق الدينية ومسخ الشخصية الإسلامية، في خضم هذا البحر الذي لا ساحل له يتسارع إلى مجتمعات المسلمين ظواهر خطيرة وسلوكيات قبيحة تنذر بخطر عظيم وتهدد بشرٍّ جسيم..

إنها ظواهر التشبه بغير المسلمين من الأمم الكافرة، أو المبادئ الإلحادية الخاوية، ظواهر متنوعة المجالات ومختلفة الاتجاهات، ومنها التشبه بالكفار في الأفكار والثقافات، وفي السلوكيات والعادات حتى صدق في مثل هذه الظواهر قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: " لتتبعُنَّ سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، قالوا: يا رسول الله: اليهود والنصارى ؟ قال: فمن ؟ " متفق عليه.

إن من المصائب التي تطالع مجتمعاتنا الإسلامية تسارع شبابنا المسلم إلى تقليد الكفار في السلوكيات، ومحاكاتهم في الهيئات والحركات والصفات مما لا تحصى أشكاله، ولا تعد أنواعه من تقليعات وموضات ظناً أن ذلك من التحضر والتمدن، والأناقة والتجمل، وهو في الحقيقة تضييع للشخصية، وإذابة للهوية من باب تبعية المغلوب للغالب، والضعيف للقوي، جره ضعف الإيمان وانحراف التربية ونقصان التعليم.

وإن من المصائب من أمة الإسلام في هذا العصر أن تتهافت نساء بعض المسلمين إلى محاكاة النساء الكافرات في كثير من الصفات المنكرة والخصال المستقبحة التي جرت إليهن السفور والتبرج، وأسباب الشر والفجور، وصور تطالعنا بها بعض مجتمعات المسلمين وللأسف.

إخوة الإسلام: المتأمل في كلام الله -جل وعلا- يجد النهي الصريح عن التشبه بالكفار بصيغ مختلفة، وطرق متعددة في القرآن.. الله -جل وعلا- يقول في حق موسى وهارون- عليهما السلام-  {(فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ)}  [يونس: 89]، ويقول سبحانه لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-:  {(ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)}  [الجاثية: 18].

قال ابن تيمية -رحمه الله-: " وأهواءهم ما يهوونه وما عليه المشركون من هديهم الظاهر الذي هو من موجبات دينهم الباطل ".. انتهى.

إخوة الإسلام: وعن التشبه بأعياد المشركين بشتى أشكالها وصورها يقول ربنا -جل وعلا- في حق عباده المؤمنين { (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ)}  [الفرقان: 72]، قال غير واحد من السلف: الزور هو عيد المشركين.

إخوة الإسلام: وفي السنة النبوية المطهرة النهي الأكيد والزجر الشديد عن التشبه بالكفار، وبيان خطورة ذلك وسوء عاقبته على الأفراد وعلى الأمة؛ روى أبو داود بسند حسن عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال: " اهتم النبي -صلى الله عليه وسلم- للصلاة كيف يجمع الناس لها ؟ فقيل له: أنصب رايةً عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن؛ أي أعلم بعضهم بعضا، فلم يعجبه ذلك، قال فذكر له القنع.. يعني الشبورة - وهو من أمور اليهود - فلم يعجبه ذلك، فقال: هو من أمر اليهود، قال فذُكر له الناقوسُ؛ أي الجرس، فقال: هو من أمر النصارى.." الحديث، قال أهل العلم: وهذا الحديث يقتضي نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن كل ما هو من أمر اليهود وأمر النصارى.

أيها المسلمون: وفي مقام النهي عن مشابهة الكفار -حتى ولو في مجرد الصور الظاهرة- يقول -عليه الصلاة والسلام- حينما صلى بالصحابة قاعداً، فصلوا خلفه قياماً أشار إليهم: " أن أقعدوا "، ثم قال لهم: "إن كنتم آنفا لتفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا".

وفي مقام الترهيب عن التشبه بالكفار مطلقا يشدد النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك ويحرم ذلك تحريما أكيداً في حديث طويل، فيقول: " ومن تشبه بقوم فهو منهم " أخرجه أبو داود وأحمد، وقال ابن تيمية: إسناده جيد.

إخوة الإسلام: السيرة النبوية القولية والعملية تؤصل قاعدة في مقصود الشارع، وأنها مخالفة الكفار في الظاهر والباطن.. يقول -صلى الله عليه وسلم-: "خالفوا اليهود؛ فإنهم لا يصلون في خفافهم ولا في نعالهم" رواه أبو داود وابن حبان، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: " خالفوا المشركين وفِّروا اللحى وأحفوا الشوارب " متفق عليه، وفي صحيح مسلم: "خالفوا المجوس جزوا الشوارب وخلوا اللحى"، ومن هنا فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين من هذه النصوص وغيرها تحريم التشبه بالكفار بأي حال وعلى أي صورة، ولو لم يرد في تعيين حكم التشبه بهم في ذلك الفعل بعينه نص خاص.. حكى إجماعهم على ذلك شيخ الإسلام وغيره من أهل العلم.

أيها المسلمون: هذه النصوص الشرعية تشمل النهي عن محاكاة الكفار، والتشبه بهم في العقائد والعادات، وفي التزيي بزيهم والتخلق بأخلاقهم، والسير بسيرهم وهديهم وهيئاتهم وحذيتهم وصفاتهم فيما اختصوا به من عادات وأشكال، وصور وأنماط.

إخوة الإسلام: هذه النصوص لا تشمل في تحريم التشبه بهم ما يكون في الأمور النافعة للمسلمين والتي تحقق المصالح والمنافع والفوائد؛ كالأمور التنظيمية لحياة الناس ومعائشهم مما لا يخالف نصاً شرعياً ولا أصلاً كلياً من أصول الشريعة.

إخوة الإسلام: ويشمل النهي عن التشبه بالكفار ما كان مأخوذًا عن الكفار في الأصل ولو صار بعد ذلك من عوائد المسلمين، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية ونسبه ابن حجر لبعض السلف، ولكن ما استفاض عند المسلمين حتى صار من شعار المسلمين ولم يعد الكفار يفعلونه فلا بأس ما لم يرد نصٌّ بتحريمه كما قرر ذلك ابن حجر -رحمه الله- أما ما ليس في الأصل مأخوذٌ عنهم وهم يفعلونه فهذا ليس به محذور شرعاً.. ولكن يستحب تركه لمصلحة مخالفتهم المقصودة في الشريعة؛ فاتقوا الله أيها المسلمون وتمسكوا بهدي وسيرة نبينا محمدٍ تفلحوا وتسعدوا وتفوزوا في الدنيا والآخرة.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.

أما بعد:

فياأيها المسلمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جل وعلا– فمن اتقاه وقاه، وأسعده ولا أشقاه.

أيها المسلمون: ومن التشبه المحرم تحريماً غليظاً في الشريعة تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال في الصفات والحركات وفي الصفات والهيئات.. يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: " لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ".. رواه البخاري.

ثم إن الله -جل وعلا- أمرنا بأمرٍ عظيمٍ تزكو به حياتنا وتعظم به أجورنا.. ألا وهو الإكثار من الصلاة والسلام على النبي الكريم..

اللهم صلِّ وسلِّمْ وبارِكْ على سيدنا ونبينا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين -أبي بكر وعمر وعثمان وعلي- وعن سائر الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين. اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين.

اللهم ردنا إلى ديننا رداً جميلاً. اللهم ردنا إلى ديننا رداً جميلاً..

اللهم وفقنا لطاعتك. اللهم وفقنا لطاعتك، اللهم وفقنا للعمل بشريعتك. اللهم وفقنا للعمل بشريعتك.

اللهم من أرادنا وأراد ديننا أو أراد شبابنا أو أراد نساءنا اللهم اخزه اللهم اخزه في هذه الدنيا قبل الآخرة، اللهم اجعل عمله في بوار، اللهم اجعل عمله خسار، اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك. اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك.

اللهم أرنا فيه عجائب قدرتك، اللهم من أراد ثوابت ديننا بسوءٍ فأشغله في نفسه، اللهم من أراد قيمنا بسوءٍ فأشغله في نفسه، اللهم اجعله عبرة للمعتبرين، اللهم اجعله للمسلمين آية، اللهم اجعله للمسلمين آيةً وعبرة، اللهم رد كيده في نحره. اللهم رد كيده في نحره. اللهم رد كيده في نحره..

اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى من أراد بلاد المسلمين بسوءٍ اللهم اجعل عاقبته في خسار.. اللهم رده خائباً خاسراً ياأرحم الراحمين ياأكرم الأكرمين.

اللهمّ مُن على شبابنا بالطاعة والتقوى، اللهم من على شبابنا بالتربية الصالحة. اللهم من على شبابنا بالتربية الصالحة، اللهم من على نساء المسلمين بالتقوى والعفة يارب العالمين، اللهم جنبهن أسباب الشرور والفجور ياأرحم الراحمين.

اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم. اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم. اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، اللهم واكفهم شرارهم وفجارهم. اللهم واكفهم شرارهم وفجارهم، اللهم واكفهم شرارهم وفجارهم ياذا الجلال والإكرام.

اللهم وفق خادم الحرمين لما تحب وترضى، اللهم وفقه لما تحب وترضى، اللهم اجعله حصناً حصيناً لأحكام الإسلام يارب العالمين، اللهم اجعله حصناً حصيناً لأحكام الإسلام يارب العالمين.

اللهم اجعله حصناً حصيناً لأحكام الإسلام يارب العالمين، اللهم وفقه وأمراءه لما تحب وترضى، اللهم وفقه ووزراءه لكل خيرٍ ياذا الجلال والإكرام..

اللهم من أراد بلاد الحرمين أو أراد بلاد المسلمين اللهم فاكفنا شره. اللهم فاكفنا شره. اللهم فاكفنا شره ياذا الجلال والإكرام.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات.

عباد الله: اذكروا الله ذكراً كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلاً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 

 

حسين بن عبد العزيز آل الشيخ

إمام وخطيب المسجد النبوي بالمدينة المنورة وقاضي بالمحكمة الكبرى بالمدينة

  • 1
  • 0
  • 179

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً