المفاصلة بين الرجال والنساء
عبد الله الغامدي
شريعة الإسلام جاءت بتقرير الأحكام وتعيين الحدود الفاصلة في علاقة الرجل بالمرأةº لينشأ المجتمع المسلم طاهرًا نظيفًا
- التصنيفات: العلاقة بين الجنسين -
سم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى
أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله - تعالى -، وخير الهدي هدي محمد، وشرّ الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ, بدعة، وكل بدعةٍ, ضلالة، وكل ضلالة في النار، وما قلّ وكفى خيرٌ مما كثر وألهى، وإنّ ما توعدون لآتٍ,، وما أنتم بمعجزين.
أما بعد: فإنّ شريعة الإسلام جاءت بتقرير الأحكام وتعيين الحدود الفاصلة في علاقة الرجل بالمرأةº لينشأ المجتمع المسلم طاهرًا نظيفًا طاهرًا عفيفًا، لا أثر فيه لفاحشة، ولا دعوة فيه لخنى، ولا أمر فيه بمنكر. جاء الإسلام يقرّر أن الحياء مطلوب من الرجال والنساء، لكنه في حق النساء ألزم، ومن حياء النساء أن لا يخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، وأن لا يتبرّجنَ تبرج الجاهلية الأولى، وأن لا يبدينَ زينتهنّ إلاّ ما ظهر منها، وأن يضربنَ بخمُرهنّ على جيوبهنّ، ولا يبدينَ زينتهنّ إلاّ للأصناف التي ذكرها الله - عز وجل - في كتابه.
ومن حياء النساء كذلك أن لا يخالطنَ الرجال ولا يزاحمنهم، بل الواجب على النساء أن يأخذنَ حافّات الطريق، وأن يكون لهنّ مجتمعاتهنّ الخاصة بهنّ، ولا يخالط النساء الرجال في حفلات عامة ولا خاصة ولا مؤتمرات ولا ندوات ولا تعليم ولا عمل ولا غير ذلك من نواحي الحياة، إلا ما دعت الضرورة إليه.
في القرآن الكريم يثني ربنا جلّ جلاله على رجلٍ, صالح أنه ربّى ابنتين فاضلتينº علّمهما مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، وبيّن لهما الحدود الفاصلة في علاقة الرجل بالمرأة، يقول الله - عز وجل - في خبر كليمه موسى - عليه السلام -: { (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَديَنَ وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً مِن النَّاسِ يَسقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِم امرَأتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسقِي حَتَّى يُصدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيخٌ كَبِيرٌ) } [القصص: 23].
موسى - عليه السلام - وجد جماعة من الناس طائفة من الرجال يسقون بهائمهم أنعامهم، ووجد امرأتين بعيدتين نائيتين، لا تزاحمان الرجال ولا تخالطاهم، سألهما: ما خطبكما؟ قالتا: لا نسقى حتى يصدر الرعاء، لا نزاحم هؤلاء الرعاة، ولا نخالطهم في سقي الماء، بل نصبر وننتظر حتى إذا سقوا أنعامهم وقضوا حوائجهم وانصرفوا من عند ذلك الماء جئنا نحن فسقينا. ثم تأمل قولهن: {( وَأَبُونَا شَيخٌ كَبِيرٌ)} ، لو لم يكن في ذكر قولهن هذا مغزى لاكتفين برد الجواب بقولهن: لاَ نَسقِي حَتَّى يُصدِرَ الرِّعَاءُ وكفى ذلك جوابا لموسى، لكن أضفن جوابا آخر مع الجواب الكامل ليشعِرن موسى أن السبب في خروجهن أن أباهن شيخ كبير، ولو لم يكن كذلك لقام هو بهذا العمل، لكن ضعفه اضطرنا لارتياد أمكنة الماء مع الرجال لنستسقي مما لا غنى لنا عنه، ضرورة ملحة استلزمت مجيئهن لهذا الأمر. قال - تعالى- عن موسى: {( فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلتَ إِلَيَّ مِن خَيرٍ, فَقِيرٌ )} [القصص: 24].
يقول الله - عز وجل -: ( فَجَاءَتهُ إِحدَاهُمَا تَمشِي عَلَى استِحيَاءٍ,، تمشي مشية فيها حياء، لا فيها تبذٌّل، لا فيها تبرٌّج، لا فيها إغواء، لا فيها تهييج، وإنما مشية الحياء، تَمشِي عَلَى استِحيَاءٍ, قَالَت إِنَّ أَبِي يَدعُوكَ لِيَجزِيَكَ أَجرَ مَا سَقَيتَ لَنَا) [القصص: 25]، في أقصر لفظ وأوضحه وجهت الدعوة إلى موسى، ما أكثرت من الكلام، ولا أطالت في الحديث، وإنما لفظ مختصر، لكنه واضح في غير ما اضطراب ولا تلجلج يغري أو يهيّج، {( قَالَت إِنَّ أَبِي يَدعُوكَ لِيَجزِيَكَ أَجرَ مَا سَقَيتَ لَنَا)} ، هكذا دعوة ترفع اللّبس والغموض، أسندت الدعوة إلى أبيها ليطمئنّ قلبه صلوات ربي وسلامه عليه،( { إِنَّ أَبِي يَدعُوكَ لِيَجزِيَكَ أَجرَ مَا سَقَيتَ لَنَا} )
هكذا ثناء ربنا - عز وجل - في القرآن على هاتين الفتاتين وعلى أبيهما الصالح القانت الذي أحسن تربيتهما وتوجيههما وتعليمهما حتى كانتا على مثل هذا الخلق القويم.
وهكذا ـ أيها المسلمون عباد الله ـ شريعة محمد، جاءت بمثل هذا الخلق الكريم، تأمر النساء أن لا يخالطنَ الرجال، وتأمر بالمباعدة بين أنفاس الرجال والنساء، تسدٌّ كل ذريعة مفضيةٍ, إلى الاختلاط. في المسجد رسول يجعل للرجال بابًا وللنساء بابًا، يقول: ((لو تركتم هذا الباب للنساء))، يقول نافع - رحمه الله -: فوالله، ما دخل منه عبد الله بن عمر ولا خرج حتى قبضه الله إليه.
للنساء في المسجد بابٌ خاص، وكذلك في الصلاة للرجال صفوفهم وللنساء صفوفهنّ، يقول رسول الله: (( «خيرُ صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» ))، مباعدة بين الرجال والنساء في أقدس مكان، في أطهر بقعة، عند أعظم شعيرة هي شعيرة الصلاة، بل أكثر من ذلك لو ناب الإمام شيء في صلاته، لو أنه سها، لو أنه أخطأ شريعة الإسلام تجعل للرجال التسبيح وللنساء التصفيق، إذا ناب الإمام شيء في صلاته سبح الرجال ينبِّهونه، أما النساء فإنهنّ يصفقن بأصابعهنّ على ظهور أكفهنّ، لا يرفعن أصواتهنّ في المسجد. ويقول رسول الله موجهًا الخطاب للنساء: (( «ليس لكنّ أن تحققن الطريق» ))، ليس لكنّ أن تأخذن حُقّة الطريق ووسطه، عليكن بحافات الطريق، يمشي النساء على جنبات الطريق، لا يزاحمن الرجال في الشوارع والطرقات، ولا في الأسواق والتجمعات، بل للمرأة خصائصها وللرجل خصائصه، كل ما يؤدي إلى الاختلاط شريعة الإسلام تمنعهº لأن الاختلاط شرُّ محض يؤدي إلى شيوع البغاء وقلة الحياء واسترجال النساء وخنوثة الرجال وضياع الأعراض وشيوع المنكرات وفشوِّ الزنا وغير ذلك من الموبقات العظيمة.
نهت شريعة الإسلام عن دخول الرجال على النساء: «((إياكم والدخول على النساء))، قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ ـ الذي هو قريب الزوج كأخيه وابن عمه ونحو ذلك ـ، قال رسول الله: ((الحمو الموت))، هذا أشدّ خطرًا من غيرهº لأن النفوس لا تنفر من دخوله، ولا تستريب من ولوجه، ((الحمو الموت))» .
شريعة الإسلام تحرم نظر أحد الجنسين إلى الآخر نظرة عمد: «((يا علي، لا تتبع النظرة النظرةَ، فإنما لك الأولى وعليك الثانية))» .
شريعة الإسلام تمنع مُمَاسّة الرجال للنساء والعكس حتى لو كان مصافحة، تمنع اختلاطهم، بل لو خرجت المرأة إلى المسجد، لو خرجت تريد بيت الله، تريد الصلاة فلا بد من شروط معتبرة، لا بد من أمورٍ, مرعية فرضتها الشريعة الإسلامية، لا تخرج المرأة متبرجة بل متحجبة، لا تخرج متطيبةً متزينة بل تخرج تَفِلَة، لا تخرج المرأة مزاحِمَةً للرجال في الطريق ولا في المسجد، لا بد أن تُؤمَنَ الفتنة منها وعليها، لا تَفتِن ولا تُفتَن. ثم بعد ذلك إذا جاءت إلى المسجد لا ترفع صوتًا حتى لو كان مجلس علم، كان رسول الله يجعل للرجال مجلسًا وللنساء مجلسًا، الرجال قريبون منه، والنساء نائيات عن الرجال بعيدات عنهم، كل هذا لأن شريعة الإسلام منزلة من رب حكيم خبير يعلمُ ما يصلح الناس وما يفسدهم.
الآن في بلاد الغرب في أُوربا وأمريكا المصلحون وعلماء الأخلاق ورجال التربية الكل ينادي بمنع الاختلاط، الكل يذكر أن الاختلاط ما أتى بخير، لا في علم ولا عمل، لا في تحصيل ولا تدريب، بل متى ما وجدت المرأة بجوار الرجل فهي به مشغولة وهو بها مشغول، قال رسول الله: « ((ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء))»
المرأة إذا وجدت بجوار الرجل فهي ضررٌ عليه وهو ضررٌ عليها، كلاهما يضر الآخر، ما أمرت شريعة الإسلام بالفصل، ما أمرت شريعة الإسلام بمنع الاختلاط إلاّ لأنها تعلم أنّ الاختلاط ينتج عنه عواقب وخيمة تعود على الأفراد والمجتمعات وعلى الأسر والجماعات، الكل يعاني، لا أحد يأمنُ على عرضه، لا أحد يأمن على دينهº لأن الخطر بجواره ظاهرٌ غير كامن.
الآن في أوربا وأمريكا يدعون إلى منع الاختلاط، إلى منع اختلاط الرجال بالنساءº لأنهم عانوا من ثماره المرةº كثرة اللقطاء، كثرة حوادث الاغتصاب، كثرة الجريمة، فُشوّ الفاحشة، انتشار الأمراض، قال رسول الله: «((ما ظهرت الفاحشة في قومٍ, حتى يعلنوا بها إلاّ ابتلاهم الله - عز وجل - بالأسقام والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم))» ، أسقامٌ وأوجاعٌ يضج منها البشر، ولا يجدون لها علاجًا، لا يعرفون لها دواءً حتى الساعة، حتى اللحظة لا يجدون لها علاجًا، والجزاء من جنس العمل.
أيها المسلمون عباد الله، إذا أردنا لهذا المجتمع أن يكون نظيفًا طاهرًا عفيفًا معافى سالمًا من الآفات حتى لو كانت هناك فاحشة مرةً أو مرتين تكونُ مستترةً مختفيةً بعيدةً عن الأنظار يفعلها أهلها في حياء، إذا أردنا للمجتمع أن يكونَ كذلك فالدرجة الأولى والخطوة الأولى هي منع الاختلاط في سائر المرافق والخدمات، يكون للرجال مجتمعهم وللنساء مجتمعهن، ولا يتوقف هذا على الحاكم وحده، بل الصراحة والنصيحة تقتضي أن نقول في هذا المقام: إننا ـ معشر المسلمين ـ كثير منا في بيته لا يمنع الاختلاط، قد يكون في بيته حفلة عرس، أو يكونُ في بيته مأتم، أو اجتماع الأقرباء المحارم بغير المحارم أو غير ذلك من العوارض والمناسبات، فيختلطُ الرجال بالنساء، ولا نغيِّر بل لا تتمَعّرُ وجوهنا، مما يدلّ على أنّ الناس قد انتكس فهمهم للدين.
أيها المسلمون عباد الله، كما يقول بعض من لا خلاق لهم بأن الاختلاط لا بأس منه ولا حرجَ فيه!! أيكون مجتمعنا أطهر من مجتمع رسول الله؟! هل قلوبنا أسلم من قلوب الصحابة؟! الصحابة أطهر الناس قلوبًا، رسول الله منعهم من الاختلاط، عمر بن الخطاب رضى الله عنه في أيام خلافته كان يمنع النساء من أن يسرن في وسط الطريق، بل يُعيِّن محتسبين في الطرقات ينصحون النساء بأن يأخذن الحواف والجنبات.
بعض الناس الآن يقولون: إن المجتمع ناضج وفاهم وواعٍ,، سبحان الله! أيدركون المسؤولية أعظم من إدراك الصحابة؟! معاذ الله أن يقول هذا عاقل.
أيها المسلمون عباد الله، إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لن يسكتوا، سيجلبون بخيلهم ورجلهم، ستصدرُ كتابات، وتدون مقالات، وتلقى خُطَب، ويتكلم كل ناعِق: لم تمنعون؟ لم تفصلون؟ سياسة الفصل ما عادت نافعة! بل لا بد من التحام الرجال بالنساء! فالمرأة نصف المجتمع.. إلى غير ذلك من كلام بارد تعودنا سماعه من أولئك الذين لا يريدون للمجتمع طهرًا ولا نظافة ولا عفافًا ولا استقامة. نقول: لا.
أيها المسلمون عباد الله، القول ما قاله الله وما قاله رسول الله، ليس هناك مجال للتنظير ولا للشقشقة ولا لدغدغة العواطف بمثل هذه الشعارات، المرأة نافعة، لكن ليس بالضرورة أن يكون نفعها قرينًا باتصالها بالرجل والتصاقها به من أجل أن نأمن على أعراضنا وعلى أبنائنا وبناتنا، ومن أجل أن يسلم ذكورنا وإناثنا من كل تحريضٍ, على باطل أو أمر بمنكر.
نسأل الله - عز وجل - أن يردنا إلى دينه ردًا جميلاً، وأن يصرف عنا الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله إله الأولين والآخرين، وأشهد أنّ سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله النبي الأمين، بعثه الله بالهدى واليقين، لينذر من كان حيًا ويحق القول على الكافرين، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى إخوانه الأنبياءِ والمرسلين، وآل كلٍّ, وصحب كلٍّ, أجمعين، وأحسن الله ختامي وختامكم وختام المسلمين، وحشر الجميع تحت لواء سيد المرسلين.
أما بعد: أيها المسلمون، فاتقوا الله حق تقاته، وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.
واعلموا أن من الأسباب المفضية إلى الاختلاط والتي منعتها شريعة الإسلام تشبه الرجال بالنساء وتشبه النساء بالرجال، مما تُرى آثاره وتسمع أخباره، وقد قال رسول الله: «((لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال))» ، وأخبر أن ثلاثةً حرّم الله عليهم الجنة، ومن هؤلاء الثلاثة رَجلَة النساء المرأة المسترجلة المتشبهة بالرجال في المشية والهيئة، في السمت والصوت، وفي الكلام والسلام، التي تخالطهم، لا تتحاشاهم، ولا ترى حرجًا في الحديث الطويل معهم، مثل هذا الصنف ملعون على لسان رسول الله.
واجب علينا ـ معشر الآباء ـ أن ننشِّئ بناتنا على أنّ لهن مواهب وخصائص، لهن شخصيات وقدرات، للبنات وظيفة كلفهنّ الله - عز وجل - بها، والله - تعالى -يقول: ( {وَلَيسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} ) [آل عمران: 36]، هكذا قانون القرآن، القانون العادل، القانون الأبدي، لا يمكن أن تكون المرأة رجلاً، ولا يمكن أن يصبح الرجل امرأة، ما يمكن أن يختلط الحابل بالنابل إلى هذا الحدّ.
واجب علينا ـ معشر الآباء معشر الأمهات ـ أن ننشِّئ بناتنا على أن تعتزّ الواحدة وتحمد ربها على أن جعلها أنثى، قال الله - عز وجل -: ( {وَلا تَتَمَنَّوا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعضَكُم عَلَى بَعضٍ} ) [النساء: 32]، ما ينبغي للمرأة أن تتمنى لو كانت رجلاً، ولا ينبغي للرجل أن يتمنى لو كان امرأة، {( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكتَسَبنَ وَاسأَلُوا اللَّهَ مِن فَضلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيءٍ, عَلِيمًا )} [النساء: 32]. هذه التربية هي التي نشّأ عليها محمد الرجال والنساء.
أيها الإخوة المسلمون، لا يقعدُ بالمرأة عن بلوغ أمل ولا عن تحصيل علم ولا تفاضل في عمل، فقد كان نساء من المؤمنات يشهدن صلاة الصبح مع رسول الله متلفعات بمروطهن، ما يُعرفنَ من الغلس، كانت المرأة تشهد صلاة الصبح مع رسول الله، وكنَّ يشهدن الجمعة والجماعة والغزو والجهاد، وكنّ يتلقّين العلم، ويسابقنَ في مضامير العمل، ما قعد بهن منع الاختلاط عن تحصيل ثواب أو التفوق في الحصول على أجر، لكن أعداء الله - عز وجل - يريدون أن يصوِّروا لنا أن منع الاختلاط معناه أن تحرم المرأة من العلم والعمل، يقولون لنا: أتريدون أن نعود إلى عصر الحريم؟! أتريدون لنا أن نرجع إلى القرون الوسطى؟! إلى العصور المظلمة؟! ونحو ذلك من كلام يهوِّلون به، ويخوّفون كل مُصلِح، كل من يدعو إلى إصلاح، وكل من يدعو إلى منع الفساد، يهولون عليه بمثل تلك الشعارات الباطلة، لكن يبقى الحق حقًا، ويبقى الباطل باطلاً، وإن دان به أكثر الناس، {(وَإِن تُطِع أَكثَرَ مَن فِي الأَرضِ يُضِلٌّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ )} [الأنعام: 116].
فنسأل الله - عز وجل - أن يصرف عنا شر الأشرار وكيد الفجار وشر طوارق الليل والنهار إلاّ طارقًا يطرق بخير يا رحمن...