رسالة إلى مدمن الأفلام الإباحية

منذ 2024-10-16

وإن من أعظم أسلحة الشيطان في صد العبد عن طريق الله غمسه في فتن من الشهوات التي لا يكاد يفيق منها حتى ينغمس في غيرها حتى يدركه الموت

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

إن الإنسان في هذه الحياة يعيش في ميدان صراع لا ينفك مع الشيطان وحزبه حتى يلقى ربه، {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: 82-83]، وإن من أعظم أسلحة الشيطان في صد العبد عن طريق الله غمسه في فتن من الشهوات التي لا يكاد يفيق منها حتى ينغمس في غيرها حتى يدركه الموت، والشهوات بطبيعتها وقتية لا تجلب سعادة دنيوية ولا جزاء أخروياً، بل يعقبها ألم وحسرة في الدنيا وإثم واستحقاق للعقوبة لمن لم يتب في الآخرة.

تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها   **   من الحرام ويبقى الإثم والعار 
تبقى عواقب سوء في مغبتها   **   لا خير في لذة من بعدها النـار 

 

وهذه الدنيا دار رحيل لا استقرار فيها لأحد، ولو تأمل الإنسان لحظة ولادته قبل أعوام وسنين عديدة كم ممن ابتهج وبشَّر الناس بخبر مَقدَمِك إلى هذه الدنيا قد سبقك الآن إلى دار الآخرة، حري به أن يعلم بقلبه قبل سمعه أن هذه الدنيا فانية ولا تصفوا لأحد.

كم كنت تعرف ممن صام في سلف   **   من بين أهل وجيران وإخــــــوان 
أفناهم الموت واستبقاك بعدهـــــم   **   حيا فما أقرب القاصي من الداني 
ومعجب بثياب العيد يقطعهـــــــــا   **   فأصبحت في غد أثواب أكفـــان 
حتى يعمر الإنسان مسكنـــــــــــــه   **   مصير مسكنه قبر لإنســـــــــــان 

 

فما هذه اللذة التي تجعل الإنسان يعصي ربه ويسقط في وحل وعفن هذه الأفلام، هل يأمن الإنسان أن يموت وهو على هذه المعصية، والمرء يحشر على ما مات عليه، أفتريد أن ترى الشهيد يأتي يوم القيامة اللون لون دم والريح ريح مسك، وهذا العاصي يأتي على هذه الحال، نسأل الله السلامة والعافية.

 

ولنا مع هذه الفتنة عدة وقفات:

الأولى: في حال العبد قبل فعل المعصية:

ضع نصب عينيك يا رعاك الله قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} [النور: 21]، وإن أولى خطوات الشيطان في هذا الباب هي الخواطر وتخيل تلك المشاهد المحرمة، فالحذر ثم الحذر من الاسترسال فيها، فهي شَرَك الشيطان وأولى الدركات إلى النظر المحرم.

 

قال ابن القيم رحمه الله: وأما الخطرات فشأنها أصعب؛ فإنها مبدأ الخير والشر، ومنها تتولَّد الإرادات والهمم والعزائم، فمن راعى خطراته ملك زمام نفسه وقهر هواه، ومن غلبته خطراته فهواه ونفسه له أغلب، ومن استهان بالخطرات قادته قهرًا إلى الهلكات "[1].

 

وانجع ما تجابه به هذه الخواطر الشيطانية هو الامتثال للأمر الرباني: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت:36].

 

وهناك يا رعاك الله أربعة أسس تثبت بها أقدامك أمام رياح فتن الشهوات العاتية، فمن تمسك بها فإن الله حافظه بتوفيقه مهما اشتدت قوة الفتن:

1- الإلحاح على الله بالدعاء والانكسار بين يديه بأن يعصمك من هذه الفتن، قال تعالى: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]، وقال تعالى: {قُل مَا یَعبَؤُا بِكُم رَبِّی لَولَا دُعَاؤُكُم}  [الفرقان ٧٧]، فانكسر بين يدي ربك وبث همومك والجئ وتضرع إليه وألح في الدعاء فلا يكشف الضر إلا هو، وهو عز وجل يحب أن يرى هذا الانكسار من عبده، وادع وأنت موقن بالإجابة، واغتنم مواطن الإجابة كالسجود وبين الأذان والإقامة وبعد التشهد الأخير وفي الثلث الأخير من الليل وآخر ساعة من يوم الجمعة، وأبشر بالخير فأنت تتعامل مع الكريم الرحيم.

 

2- الصبر، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 153]، والصبر زاد لا غنى للمسلم عنه، ومن انخرم عنده هذا الأساس انفرطت عزيمته مهما فعل من وسائل، فلو قلل استخدام الحاسوب والانترنت واشغل نفسه بالمفيد إلى غير ذلك من الوسائل النافعة فإنه بلا صبر يعود إلى تلك العادة، والصبر كمثل اسمه مر في مذاقته لكن عواقبه أحلى من العسل.

 

والصبر لا يعيني أنك تترك هذه العصية لأسبوع أو أسبوعين ثم تقول ها قد صبرت ولا تزال شهوة الحرام تتوقد في قلبي!، وإنما الصبر بأن يستعين بالله ويربط على قلبه بإحكام ولا يلتفت وسيرى بعد سنة وسنتين بمشيئة الله زوال هذه الأغلال السوداء من قلبه، بل سيبغض هذه المعصية لدرجة تصل إلى الاشمئزاز، ومن صبر علم ذلك في كل شهوة محرمة.

 

3- إقامة الصلاة، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} [العنكبوت: 45]، فإقامة الصلاة بأركانها وشروطها وواجباتها في وقتها من أعظم ما ينهى عن الوقوع في المعاصي والمنكرات، فلإقامة الصلاة نور يقذفه الله في قلوب عبادة يزيل به ظلمات المعاصي ويرشد صاحبه إلى عمل الصالحات، وروح الصلاة الخشوع فاحرص عليه وجاهد نفسك فأجرك في صلاتك بمقدار خشوعك.

 

4- الإكثار من ذكر الله، قال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:45]، فأثر ذكر الله في النهي عن الفحشاء والمنكر أعظم من الصلاة مع عظمه، وأعظم الذكر القرآن، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [يونس:57]، وقال تعالى: {قُل هُوَ لِلَّذِینَ ءَامَنُوا هُدى وَشِفَاء} [فصلت: 44]، فاجعل لك ورداً تقرأه بتدبر وحضور قلب، وليكن لسانك رطباً بذكر الله في أوقات الصباح والمساء ودبر الصلوات وفي السحر وفي كل حال، قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرضِ وَٱختِلَٰفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لَأٓيَٰت لِّأُوْلِي ٱلأَلبَٰبِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190-191]، واحرص على استشعار معاني الذكر فهو مما يعظم خشية الله في القلب وإذا عظمت الخشية عظمت الحواجز أمام الوقوع في المعصية.

 

5- التأمل في ثواب ترك المعاصي، فإن رحلتك أيها العبد في هذه الدنيا قصيرة قلت أو كثرت وما هي إلا أيام وتحط رحالك وتلقى ربك بهذا الصبر وتنال الجزاء من الغني الكريم، قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات:40-41].

 

وقال تعالى:  {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق:31-35].

 

 

وقال تعالى:  {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ * وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 12-14].

 

 

الثانية: حال العبد أثناء فعل المعصية:

إن زلت قدمك ونظرت للحرام فلا تتبع النظرة النظرة ولا يكن لسان الحال أني قد وقعت وانتهى الأمر فلأمض إلى نهاية المعصية!، فالحذر الحذر فإن الإثم دركات وليس إثم من نظر نظرة واستغفر كمن أصر واستمر.

 

فاستغفر ربك وتب إليه فوراً وقم وغير مكانك واشغل نفسك وأكثر من ذكر الله من غير التفات أو تفكير لوساوس الشيطان، وإن التهاب شهوة المعصية بضع دقائق ثم تخمد {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}[هود: 49].

 

 

الثالثة: حال الشيطان مع العبد بعد الوقوع المعصية:

اعلم أن ذنوبك مهما بلغت شيء ورحمة الله وسعت كل شيء وتأمل قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، وما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا» [2].

 

وما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ عَبْدًا أَصَابَ ذَنْبًا، وَرُبَّمَا قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ رَبِّ أَذْنَبْتُ، وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَبْتُ، فَاغْفِرْ لِي فَقَالَ رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ أَصَابَ ذَنْبًا، أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ أَوْ أَصَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ؟ فَقَالَ أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا، وَرُبَّمَا قَالَ: أَصَابَ ذَنْبًا، قَالَ: قَالَ رَبِّ أَصَبْتُ أَوْ أَذْنَبْتُ آخَرَ فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثَلَاثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ» [3]. ومعنى فليعمل ما شاء أي فاستمر على التوبة بعد كل معصية، وكن صادق التوبة، نادما متألماً على ما سلف منك من الذنوب، عازما على تركها أبدا فإن الله غفور رحيم، فلا يقنطك الشيطان بكثرة الذنوب وعظم فلا ذنب يستعظم على رحمة الله.

 

 

قال النووي رحمه الله: "لَوْ تَكَرَّرَ الذَّنْبُ مِائَةَ مَرَّةٍ، أَوْ أَلْفَ مَرَّةٍ، أَوْ أَكْثَرَ، وَتَابَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ ؛ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ، وَسَقَطَتْ ذُنُوبُهُ، وَلَوْ تَابَ عَنِ الْجَمِيعِ تَوْبَةً وَاحِدَةً بَعْدَ جَمِيعِهَا، صَحَّتْ تَوْبَتُهُ"[4].

 

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله: "قيل للحسن البصري -: ألا يستحيى أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود، ثم يستغفر ثم يعود؟ فقال: ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا، فلا تملوا من الاستغفار"[5].

 

فافتح باب الرجاء على مصراعيه وأقبل على ربك وتب إليه فإنه التواب الرحيم، واتبع السيئة الحسنة تمحها، فاجتهد في فعل الطاعات من الصدقات والدعاء والذكر قال تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:114]، واقطع عوالق هذا الذنب من قلبك مهما اشتدت وطأته فقد كان تعلق العرب في الجاهلية بالخمر تعلقاً عميقاً لا يكاد يدانيه مطروب ولمّا جاء أمر الله بتحريم الخمر لم يترددوا وإنما اهرقوها حتى جرت في سكك المدينة كما جاء في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال(كُنْتُ سَاقِيَ الْقَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، وَكَانَ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الْفَضِيخَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ . قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَأَهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ)[6].

 

وإنّ مما يكفر عن هذه الذنوب إغلاق الطرق المؤدية إليها أمام إخوانك المسلمين، ومن ذلك الإبلاغ عن هذه المواقع والحسابات التي تنشر المحرمات والفتن فأغلق الباب خلفك عنك وعن إخوانك.

 

وتأمل في هذه الوحشة التي وقعت على قلبك بعد المعصية هل تستحق هذا الوقوع؟ ما الذي بقي منها؟ فما هي لذة قد ذهبت:

تفنى اللَذاذَةُ مِمَّن نالَ صَفوَتَها   **   مِنَ الحَرامِ وَيَبقى الإِثمُ وَالعارُ

تُبقي عَواقِبَ سوءٍ في مَغَبَّتِها   **   لا خَيرَ في لَذَةٍ مِن بَعدِها النارُ

 

وارجع إلى الأسس التي ذكرناها في مرحلة ما قبل الوقوع في الذنب ففيها العصمة من هذه الفتنة بإذن الله، واحرص على التخلص من المثيرات بقدر المستطاع أسأل الله أن يعصمنا جميعاً عمّا يغضبه.

 

 

واختم هذه الرسالة بذكر شيء من أضرار إدمان الأفلام الإباحية وهي كثيرة ولكن شيئاً على سبيل الإجمال:

 الإثم المترتب على إطلاق البصر واسوداد القلب وظلمته.

 

 أنها توطئة ومقدمة للوقوع في الفاحشة الكبرى.

 

 الانغماس في حالة من الخيال الجنسي البعيد عن الواقع والذي له تأثير كبير على العلاقة بين الزوجين.

 

 ضعف القدرة الجنسية، وصعوبة استثارة أحد الزوجين للآخر.

 

 التسبب في أمراض متعددة كالتهاب البروستات والمسالك البولية، وخفقان القلب.

 

أسأل الله أن يحفظنا بحفظه ويجعلنا ممن يخشاه في الغيب والشهادة إنه سميع مجيب.

 

[1] الداء والدواء (ص 154).

[2] مسلم (2759).

[3] البخاري (7507)، ومسلم (2758).

[4] شرح صحيح مسلم (75/17).

[5] جامع العلوم والحكم (1 / 165).

[6] البخاري (2464)، ومسلم (1980).

______________________________________________________
الكاتب: 
الكاتب: بندر بن سعود النمر

  • 2
  • 0
  • 377
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    حقيقة الإخلاص وسبل تحقيقه - أمر الله تعالى عباده بالإخلاص في عبادته، قال سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة]، وجعله الأصل في قبول العمل؛ فلا يُقبل العمل بدونه مهما عَظُم؛ ولأجل هذه المكانة العظيمة للإخلاص في دين الله؛ سنحاول في هذا المقال أن نقف على معناه، وحقيقته، وسبل تحقيقه، إن شاء الله تعالى. • ما هو الإخلاص؟ الإخلاص لغة: تصفية الشيء وتنقيتُه، أما اصطلاحا فقد عرفه أهل العلم عدة تعريفات، ولا تخرج عما قاله الإمام ابن القيم -رحمه الله- في قوله: "والإخلاص: أن يخلص للّه في أفعاله وأقواله وإرادته ونيّته، وهذه هي الحنيفيّة ملّة إبراهيم الّتي أمر اللّه بها عباده كلّهم، ولا يقبل من أحد غيرها، وهي حقيقة الإسلام" [الداء والدواء]. • حقيقته: وحقيقة الإخلاص هي تصفية العمل كله لله -جل وعلا- ليس لأحد فيه شريك حتى نفسك، قال القرطبي -رحمه الله-: "والإخلاص حقيقته تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين" [التفسير]؛ ذلك أن العمل الصالح إذا خالطه الرياء للمخلوقين فقد أُشرِك فيه مع الله، وفي الحديث القدسي قال اللّه تبارك وتعالى: (أنا أغنى الشّركاء عن الشّرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) [مسلم]. • لا يقبل العمل إلا به: جعل الله تعالى تحقيق العبادة في أصلين عظيمين لا ينفكان عن بعضهما ولا يُقبل أحدهما دون الآخر؛ وهما: أن لا يكون العمل إلا بما شرعه الله ورسوله، وأن يكون خالصا لله عزّ وجلّ، قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف]، قال ابن كثير في تفسيره: "(فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ) أي ثوابه وجزاءه الصّالح، (فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا) أي ما كان موافقا لشرع اللّه، (وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) وهو الّذي يراد به وجه اللّه وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبّل، لا بدّ أن يكون خالصا للّه صوابا على شريعة رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم-"؛ فتحقيق الإخلاص هو أصل الدين وركنه الذي عليه يدور قبول الأعمال وردّها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فلا بد من العمل الصّالح وهو الواجب والمستحب ولا بد أن يكون خالصا لوجه الله تعالى.. وهذا الأصل هو أصل الدّين وبحسب تحقيقه يكون تحقيق الدّين وبه أرسل الله الرّسل وأنزل الكتب وإليه دعا الرّسول وعليه جاهد وبه أمر وفيه رغب وهو قطب الدّين الّذي تدور عليه رحاه" [العبودية]. • فائدة: قال ابن القيم -رحمه الله-: "وهذا الشّرك في العبادة يبطل ثواب العمل، وقد يعاقب عليه إذا كان العمل واجبا، فإنّه ينزله منزلة من لم يعمله، فيعاقب على ترك الأمر، فإنّ اللّه سبحانه إنّما أمر بعبادته عبادة خالصة، فمن لم يخلص للّه في عبادته لم يفعل ما أمر به، بل الّذي أتى به شيء غير المأمور به، فلا يصحّ ولا يقبل منه" [الجواب الكافي]. • تحقيق الإخلاص: وتحقيق الإخلاص ليس أمراً سهلا على النفس، وقد يسهل عليها في وقت دون آخر حسب قوة الإيمان وضعفه، وعليه؛ فلا بد من التحقق منه وتذكير النفس به عند كل عبادة، خصوصا وأن الإيمان يزيد وينقص، ومما يعين على أطر النفس على تحقيق الإخلاص وتجنيبها الرياء: التأمل في عاقبة الرياء وعاقبة الإخلاص، والتفكر في حقيقة من يرائي لهم العبد وأنهم لا ينفعونه ولا يضرون، قال ابن القيم في مدارجه: "فالعمل لأجل الناّس، وابتغاء الجاه والمنزلة عندهم، ورجاؤهم للضّرّ والنّفع منهم لا يكون من عارف بهم البتّة، بل من جاهل بشأنهم، وجاهل بربّه، فمن عرف النّاس أنزلهم منازلهم، ومن عرف اللّه أخلص له أعماله وأقواله، وعطاءه ومنعه وحبّه وبغضه، ولا يعامل أحد الخلق دون اللّه إلّا لجهله باللّه وجهله بالخلق، وإلّا فإذا عرف اللّه وعرف الناّس آثر معاملة اللّه على معاملتهم". ومما يعين على تحقيق الإخلاص التأمل في صفات عباد الله المخلصين، الذين وصفهم ابن القيم في قوله: "أعمالهم كلّها للّه، وأقوالهم للّه، وعطاؤهم للّه، ومنعهم للّه، وحبّهم للّه، وبغضهم للّه، فمعاملتهم ظاهرا وباطنا لوجه اللّه وحده، لا يريدون بذلك من النّاس جزاء ولا شكورا، ولا ابتغاء الجاه عندهم، ولا طلب المحمّدة، والمنزلة في قلوبهم، ولا هربا من ذمّهم، بل قد عدّوا النّاس بمنزلة أصحاب القبور، لا يملكون لهم ضرّا ولا نفعا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا" [المدارج]. ومما يعين على الإخلاص: سؤال الله تعالى أن يطهّر قلوبنا من شرك الرياء، وأن يعيننا على الإخلاص في الأقوال والأعمال، فإن القلوب بين يديه سبحانه يقلّبها كيف يشاء. ▫️ المصدر: مقالات النبأ - حقيقة الإخلاص وسبل تحقيقه صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 466 الخميس 21 ربيع الآخر 1446 هـ

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً